هندسة المزراب فى مصر القديمة

 

مقالة كتبها د/حمدي الدالي

إستشاري فى التاريخ القديم

 

 

براعة المصريين القدماء في مجالات الهندسة، فتحت لهم آفاقاً كثيرة لمواجهة السيول وموسم الفيضان، حرصاً منهم على حماية المنازل والمعابد من الغرق والهدم. ابتكر المصري مقياساً لمياه النيل “النيلومتر” منذ أكثر من 7 آلاف سنة، وهو عبارة عن علامات محددة على مياه النيل تطورت إلى أعمدة وآبار لمراقبة نسب المياه بشكل يومي وتحدد موسم الفيضان وموسم الجفاف، ما مكن الكهنة في مصر القديمة من التنبؤ بموسم الأمطار، وتحديد المزارعين لمواعيد زراعة المحاصيل حسب فصول السنة.

ومن هنا بدأت فكرة مواجهة المخاطر من السيول، بإقامة “الميازيب” أعلى المعابد الفرعونية لتصريف المياه بصورة دائمة حماية لمقتنياتهم، لتصبح بمثابة حوائط صد لتصريف المياه من أعلى المعابد وأسقف المباني المزخرفة بالكتابة والنقوش الفرعونية لذلك نجد أن «الميازيب» أو «المزاريب» تقنية ابتكرها المصريون القدماء لتصريف مياه الأمطار، وهي عبارة عن قناة أو ماسورة عمودية يجري فيها الماء لتصريفه بعيداً عن الجدران وهو يكون أعلى المعابد وأسقف المبانى المزخرفة بالنقوش.

وتفنن المصريون القدماء في بناء تلك الميازيب، بحيث لم تكن مجرد أداة لتصريف المياه، بل تفننوا في بناءها وتشكيلها، بحيث يكون لها بعدا جماليا أيضاً فأقاموها على شكل حيوانات تصرف المياه من فمها بطريقة فنية جميلة. حيث أن مياه الأمطار والرطوبة تمثل خطورة على الأسقف غير مجهزة بموانع وأساليب لتصريفها نظراً لقدرة المياه على الاختراق المباشر لسقف المبنى وعناصره المختلفة، ومن مساوئ ذلك أنها تساعد على تلف عناصر الأسقف وموادها الإنشائية والبنائية مما يؤدي إلى قِصر عمر المبنى، كما تساعد على تفكك مونة البناء وتساقط ملاط الحوائط وضياع النقوش والألوان.

فاعتنى المصرى القديم عبر تاريخه بمشكلة التخلص من مياه الأمطار، ففكر في أسلوب إنشائي متكامل لتصريفها في منشآته فيما يمكن أن نطلق عليه شبكة صرف مياه الأمطار، لحماية أسطح المباني، من تسرب مياه المطر فقاموا بتعلية حوافها بقدر طفيف مع وجود ميل خفيف بالأسقف لكي يسيل الماء إلى جانبي المبنى ويصب في قناة، كما استخدم مجار وميازيب منظمة أو ما يطلق عليه (المزراب)، فنجدها في الآثار الرومانية بالإسكندرية، والمعابد والأديرة بالصعيد، وعمائر رشيد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »