رأي عام: بقلم احمد محجوب سليمان “البوكسر الذى هز عرش سوق الأعلانات”

البوكسر الذى هز عرش سوق الأعلانات
احمد محجوب سليمان
مهندس وكاتب مصرى

 

حالة عارمة من الأستياء أثارها أعلان الأخت الفاضلة “مس حمدان” مؤخرا وهى تغازل “بوكسر” ابن الجيران ..

على أساس أن الاعمال الفنية التى يتخللها هذا الاعلان تتدلى من الشاشة فى منتهى الوقار لتبث رسالة تبعث على الفضيلة والأخلاق .. أو على أساس أن أبن الجيران وأبنتهم وعائلتهم بأكملها لم تنتزع خلاعة أدوارهم فى مسلسلات رمضان آهات أعجاب الجمهور ..

مشاهدة التلفاز فى رمضان فى حد ذاتها بمثابة عقد ملزم بين صناع الدراما والزبون يتحول بمقتضاه الشهر الكريم من ثلاثون أفطار صائم وثلاثون جزءا للقرأن وليلة قيام .. إلى ثلاثون حلقة علاقة صداقة بين الرجل والمرأة خارج أطار الزواج .. ثلاثون حلقة خيانة زوجيه .. وعرى ..وخمر .. وقمار .. وسرقة ونصب ..

ثلاثون حلقة برامج مثل برنامج “رامز مجنون رسمى” الذى هبت مستشفى العباسية للصحة النفسية فى بيان رسمى تندد بكمية السادية والعدوانية والسخرية والتنمر والاهانة به وتستنكر أستخدام لفظ مجنون على مقدم البرنامج لأنه أهانة فى حق نزلائها ..

ثلاثون حلقة وحلقة يتخللها أعلان بوكسر “مس حمدان” .. فتركنا كل هذا لنقيم الدنيا ولا نقعدها على “البوكسر” الذى خدش حيائنا ..

على الأقل تدفع الشركة صاحبة هذا الأعلان أجر “مس حمدان” من عائد بيع قطعة القماش الوحيدة التى اعادت للقطن المصرى هيبته أمام العالم حتى الأن ..

فمن عائد أى سلعة  يربح الفنان “محمد رمضان” أجره الذى كان ثلاثون مليونا منذ عامين ..

ما المقابل لسكوت ضيوف “رامز جلال” عن المرمطه على الشاشة أمام الجمهور ..

من الذى يجلس أمام الشاشه ليتابع كل هذا بكامل أرادته ويحقق نسب مشاهدة خيالية يتحدد بناءا على ضؤ أرقامها ملامح خريطة الوحل الدرامى وبالتالى الأعلانات التى ستدفع مرتبات النجم .. والراقصة .. والمجنون .. والزعيم .. والمخرج وطاقم التصوير وباقى فريق العمل وأرباح شركات الأنتاج ..

بدأت رحلة “البوكسر” بأعلان ل “هانى رمزى” تغير فيه زوجته من “بوكسر” كاروهات عام ٢٠١٤ قبل أن تتوال  أعلانات الثنائى “البوكسر  و”هانى” دون أى مشكلة تخدش حياء المشاهد من نيولوك “البوكسر” الذى كان يتغير تباعا مع تغير الموضه ..

كل هذا وسط أعجاب وترحيب المشاهد الذى كاد يرقص طربا على إيقاع “هلا هلا على الفانلة” بصوت “مدحت شلبى” ..

فجأة لم نكتشف ماسورة الأخلاق الحميدة التى أنفجرت فى بلكونة أبن الجيران إلا عندما قرر هذا المتعوس أرتداء “بوكسر” “هانى رمزى” فتغازله “مس حمدان” ..

إذا كانت المشكلة فى “مس حمدان” أو إذا كان أعلان “البوكسر” يمارس القسوة على أخلاقك ومبادئك .. يمكنك وبكل سهولة إدارة مؤشر الريموت نحو البرامج الدينية ..

على الأقل ستكسب ثوابا وتنتشل الدعاة الجدد من محنتهم وتمنحهم فرصة تعوض خسارتهم الماديه بعد وقف الحال وأستغناء شركات الحج الفاخر والعمره عن دروس المخيمات المكيفة ..

بالمرة ستكتشف أن الأعلانات ليست كلها “بوكسر” أبن الجيران وأن هناك أعلانات أخرى صرف عليها عشرات الملايين من الجنيهات لحثك على الخجل من نفسك والتبرع ولو بجنيه لجمعيات الفقراء ..

هناك أيضا المسلسلات الدينية .. لا اعلم صراحة إن كانت موجودة هذا العام أم لا لكن على حد علمى موعد أذاعتها كان منذ أعوام فى ذيل الجدول .. فى نهاية السهرة .. وأستطيع أن أعدك أن لا “مس حمدان” ولا غيرها ولا أعلان من أى نوع سيزعجك خلال مشاهدة هذه المسلسلات لأن السبب الرئيسى لبعدها تماما عن الصراع على وقت الذروة أنها لا تلائم ذوق المشاهد ..

غالبا المشكلة ليست فى “مس حمدان” أو أبن الجيران ..

المشكلة فى “البوكسر” ..

أخر ما يتشبس به المواطن المصرى فوق جسده العارى ..تشعر ان هناك من يصر على انتزاعه منه بكل ما أوتى من قوة حتى تظل عورته عارية من كافة النواحى خلقيا .. وفكريا .. وثقافيا .. ودينيا دون أى خرقة بالية تسترها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »