رأي عام : ادارة منظمة الصحة العالمية لحل ازمة الكورنا بين الفشل والنجاح .

 

 

الي من يصدقون ببراءة أو عن حسن نية الضجة الامريكية المثارة حاليا حول الاخلاقيات المهنية المشبوهة والسلوكيات الوظيفية المعيبة للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية من حيث سوء ادارته لازمة وباء كورونا والمضي من ذلك الي الطعن في نزاهته وحياديته كمسئول دولي كبير وعلي رأس احد اخطر اجهزة الامم المتحدة واكثرها اتصالا بسلامة المجتمع الدولي ، الي اخر ما تناولته قائمة الاتهامات الامريكية ضده لتعليق الذنب في كل ما اصاب الولايات المتحدة من كوارث وويلات من جراء انتشار هذا الفيروس ، في رقبته من حيث اتهامه بالتواطؤ مع الصين بالاخفاء المتعمد للحقائق والتستر علي ما كان يجب عليه المسارعة الي كشفه والابلاغ عنه بكل دقة وامانة ونزاهة منذ البداية دون تلكؤ او تباطؤ او اضاعة للوقت ، الخ ما يتردد علي مسامعنا الان من اتهامات لا تريد ان تتوقف او ان تهدأ حدتها حتي تتضح الحقيقة وراء كل ما حدث وما يزال يحدث ويضع العالم كله معه في حالة من الذهول التام امام هذا الفيروس الغامض الذي يبقي لغزا مستعصيا علي الفهم والحل .

وهنا نتساءل : هل قفز مدير عام منظمة الصحة العالمية الي موقعه القيادي الكبير في الامم المتحدة في غيبة ممن اختاروه وساندوا ترشيحه ومنحوه اصواتهم ؟ وهل خدعهم وضللهم بتقديمه بيانات كاذبة عن مسيرته المهنية ، ولم يكتشفوا ذلك الا بعد انفجار ازمة كورونا ، وانه لولاها لما اقترب احد منه ليتهمه بما نسمعه منهم الان من اتهامات تجاوزت كل الحدود التي تخطر علي البال ؟

ثم اليست امريكا هي من تملك السلطة العليا والقرار النافذ الأخير في كل ما يتعلق بالاختيار لهذه الوظائف القيادية في الامم المتحدة بدءا من منصب الامين العام لهذه المنظمة العالمية ومرورا بكبار المسئولين عن ادارة كافة الاجهزة والمؤسسات والوكالات المتخصصة فيها ؟ الم تكن امريكا هي التي اطاحت بالدكتور بطرس غالي وعارضت تجديد ولايته لفترة ثانية لتتحدي بذلك كل اعضاء مجلس الامن الدولي الاخرين من دائمين وغير دائمين لان الابقاء عليه في موقعه لم يكن يخدم مصالحها علي نحو ما قدرته وقتها ؟ والم تكن هي من اتت بمسئول اداري مغمور ككوفي عنان لتدفع به كامين عام للامم المتحدة بدلا من الدكتور غالي رغم تواضع قدراته وخبراته الوظيفية والسياسية باعتراف الجميع ؟ والم تكن هي من اختارت الكوري الجنوبي بان كي مون لقيادة الامم المتحدة باعتباره رجلها المطيع الذي لم يكن يجرؤ علي الاعتراض علي قرار واحد لها وكان خانعا لكل ما يطلب منه تنفيذه ولم يكن له صوت مسموع في اي موقف دولي ؟ والم تكن امريكا وراء اسقاط الوزيرين فاروق حسني ومشيرة خطاب كمرشحين لرئاسة اليونيسكو في مناسبتين متتاليتين رغم رصيدهما الكبير من التأييد الدولي لهما لشغل هذا المنصب ، ولتأتي الي هذا الموقع بشخصيتين نكرتين احداهما بلغارية والاخري فرنسية لا ذكر لهما في الحياة الثقافية الدولية ولا يتذكر احد اسم اي منهما ؟ الم تكن هذه كلها اختيارات امريكية بالاساس ؟

ومن ثم ، متي كان الاختيار للمواقع الوظيفية القيادية في الامم المتحدة محكوما بمثل هذه المعايير الدولية الرفيعة من الاقتدار والنزاهة والاحترافية والشفافية والتجرد التي يسهبون في الحديث عنها الان هناك ؟

التفسير الحقيقي الوحيد لكل ما نسمعه منهم ونتابعه معهم في واشنطن من اتهامات وادعاءات بلا ادلة موثقة هو ان فشل ترامب المدوي في ادارة ازمة هذا الوباء في بلاده والتي جعلت منها الضحية الاولي لهذا الوباء في العالم ، هو مناورة فاشلة للتهرب من مسئوليته كرئيس مقبل علي معركة انتخابات وشيكة سوف يتحدد فيها مصيره وليقول فيها الشعب الامريكي كلمته وهو الذي يعيش مع ترامب وادارته حاليا واحدة من اسوا مراحل تاريخه الحديث .

اعتقد ان فشله الذريع في معركة الانتخابات الرئاسية القادمة اصبح امرا شبه مؤكد ، وهو الان كالغريق الذي يتعلق بقشة ، لكن شواهد الواقع ومأساوية الموقف تنطق كلها ضده اكثر مما تشهد لصالحه . وسوف تحدثنا الايام القادمة بما قد يكون خافيا علينا الان ، وليس امامنا سوي الانتظار .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »