الأباتون: النيل الكبير الذي يخلق الحب بفضل ما فيه من ماء

 

مقالة كتبها د/حمدي الدالي

إستشاري فى التاريخ القديم

أسوان

 

أباتون أو أباتوس (Abaton أو Abatos)

هو قبر اوزوريس على جزيرة بيجه(بيجا) جنوب الجندل الأول عند أسوان . والكلمة تعنى (حرم). وكان لا يجوز لإنسان ان يتحدث، حتى لا يقلق راحة الإله. واعتقد الناس ان أحد ينبوعى نهر النيل النيل موجود بجوار الجزيرة يندفع ماؤها فيجلب الخصب لمصر.

واعتبر أوزوريس (النيل الكبير الذي يخلق الحب بفضل ما فيه من ماء).دكتور حسين سعيد، الموسوعة الثقافية، مؤسسة فراكلين للطباعة و النشر، القاهرة- نيويورك، 1972م ص1.

ما هو السبب فى ظاهرة الفيضان في مصر القديمة؟

شغل هذا السؤال بال الرحالة الاغريق الذين حاولوا العثور على اجابة ولكن كهنة مصر القديمة كانوا يصرون حتى العصر المتأخر على أن للنيل منبعان أحدهما فى السماء والآخر فى ال “دوات” (العالم السفلى) وأن الاثنان ينبثقان من جزيرة “بيجة” التى تقع غرب جزيرة فيلة الاصلية ولان معابد فيلة نقلت الي جزيرة اجيليكا ,ولذلك أصبحت جزيرة “بيجة” تقع الآن إلي الجنوب من معابد فيلة.

أعتقد المصريون القدامي بأن جزيرة بيجة هي مصدر مياه النيل والفيضان وأعتقدوا بأن إله النيل حابي يسكن في كهف أسفل الجزيرة وكان هذا الكهف محاطا بثعبان ولم يكن مسموحا لكل شخص بأن يدخل هذه الجزيرة ولذا سميت الجزيرة باسم الاباتون أي المكان غير المسموح بالدخول فيه.

وأعتقد المصريون القدامي أيضا أن الإله ست عندما قطع جسده أخيه اوزير قامت ايزيس بالبحث عن أجزاء جسد زوجها وقامت بدفن كل جزء في المكان الذي وجدته فيه ويبدو طبقا للأسطورة ان الزوجة عثرت علي الساق اليسري لزوجها بجوار جزيرة بيجة وقامت بدفن الساق في هذه الجزيرة وكان مكان الدفن محاط ب 365 مذبح والتي تمثل عدد أيام السنة.

وكان الكهنة يضعون علي هذه المذابح قرابين اللبن يوميا وفي كل عشرة أيام كان كهنة ايزيس بمعبد فيلة يقومون بنقل تمثال الالهة أيزيس لكي تزور المدفن الذي دفن به ساق أوزير لكن يوجد نص قديم يشير الى أن قدماء المصريين كانوا على علم بأن منابع النيل توجد فى أثيوبيا وورد هذا النص فى لوحة دونت فى العام السادس من حكم الملك طهارقة حوالى 700 قبل الميلاد.

يقول النص: “لقد حدث شئ عجيب أثناء حكم جلالة الملك طهارقة حين جاء وقت الفيضان بدأت مياه النيل فى الإرتفاع كل يوم وبعد عدة أيام ارتفعت المياه وأغرقت جبال الجنوب وسهول الشمال وأصبحت أرض مصر تحت المياه الساكنة وكأنها تحت مياه الأزل “نون ” ولم يستطع أحد التمييز بين التلال الرملية وبين النهر وارتفع الفيضان ليغطى مدينة طيبة وأمر جلالته باحضار سجلات فيضان النيل التى تعود لزمن الأجداد ليرى مستويات الفيضان فى تلك الأزمنة فوجد أن منسوب الفيضان فى عصر جلالته لم يحدث فى أى عصر سابق لقد انسكبت المياه بغزارة من السماء فوق جبال أثيوبيا وأزاحت كل ما فى طريقها”.

يقول النص أن المياه انسكبت بغزارة من السماء فوق جبال أثيوبيا وهى المنبع الأرضى للنيل حيث تسقط الأمطار فوق قمم جبال أثيوبيا وتتجمع فى بحيرة “تانا” التى تغذى النيل الأزرق وهى المصدر
الرئيسى للمياه التى تأتى بالفيضان وهناك أيضا روافد ثانوية تغذى الفيضان وهى أنهار “سوبيت ” و “عطبرة” يصف النص السابق أرض مصر وقت الفيضان بأنها عادت الى حالة السكون الأزلية ويشبه مياه الفيضان بمياه الأزل التى خلق منها الكون.

هذا المحيط الهائل من مياه الفيضان التى تمتد بطول أكثر من ألف كيلومتر من الجنوب الى الشمال لها جمال يخطف الأبصار وتستدعى ظاهرة الفيضان فى الأذهان وقصة الخلق حين خرج كل شئ من مياه الأزل بالقدرة لالهية الكامنة فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »