نبتة بلايا (الساعة المسحورة)

 

مقالة كتبها د/حمدي الدالي

إستشاري فى التاريخ القديم

أسوان

 

”نبتة” هو اسم جبل يقع بجوار المكان الأثري، أما عن بلايا، فهو لفظ مشتق من كلمة إسبانية معناها الشاطئ، فهو حوض أو بحيرة تصل بقاعها الذي يطلق عليها “السرير” إلى البر.بمعنى «شاطئ»، هو حوض أو بحيرة تصل بقاعها الذى يسمى «السرير» إلى البر أو الشط، وهو أيضًا اسم حوض صرف مغلق يحتفظ بالماء الذى يملؤه عن طريق المطر، ولكنه لا يسمح لهذه المياه بالتصريف والصب عن طريق قنوات أو أنهار أو محيطات.

تقع “نبتة بلايا”على بعد 100 كم غرب في منطقة أبو سمبل الاثرية ، فيعد مكانا أثريا في غاية الأهمية، ينال تفكير كثيرا من علماء الآثار ، كما يعتقد البعض، أنه بداية انطلاق الحضارة المصرية القديمة ذات المجتمع المنظم.

تقع على بعد حوالي 800 كم جنوب القاهرة، و100 كم غرب أبو سمبل بالصحراء المصرية ، و30 كم شمال الحدود المِصرية السودانية، طريق الوصول إليها أسهل، وذلك لوجودها على جانب طريق يصل إلى العوينات.فهى تعدأقدم دائرة حجرية فى العالم، وربما أقدم مرصد فلكى على الأرض.وهى حاليا الوصول إليها أسهل وأيسر من ذي قبل لوجودها الأن على أرض ترابية ناعمة فى حديقة متحف أثار النوبة بمحافظة أسوان.

تم بناؤه للاحتفال بالانقلاب الصيفى ووصول الرياح الموسمية،أقامت المجتمعات القديمة فى جميع أنحاء العالم دوائر حجرية ضخمة، وجعلتها تتماشى مع الشمس والنجوم للاحتفال بالفصول، وتنبأت هذه التقويمات المبكرة بقدوم الربيع والصيف والخريف والشتاء.مما يساعد الحضارات على تتبع وقت زراعة المحاصيل وحصادها، كما أنها كانت بمثابة مواقع احتفالية، وقد تبدو هذه الآثار الكبيرة التى تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الحجر – غامضة فى عصرنا الحديث، عندما يفتقر الكثير من الناس إلى الاتصال بالنجوم أو حتى مشاهدتها، حتى إن البعض يعتبرها خارقة للطبيعة أو مقدسة.

لكن العديد من المجتمعات القديمة حافظت على الوقت من خلال تتبع الأبراج التى نشأت عند غروب الشمس، مثل قراءة ساعة سماوية عملاقة، وحدد آخرون موقع الشمس فى السماء فى الصيف والانقلاب الشتوى، أو أطول وأقصر أيام السنة، أو الاعتدال الربيعى والخريفى.

يذكرالعالمان “فيفيان ديفيز” و”رينيه فريدمان” أن تلك البحيرة من أكبر بحيرات المنطقة الأفريقية حيث ساعدت مياه تلك البحيرة الواسعة على نمو الأشجار والنباتات والحشائش، مما أدى إلى تجمع فيها أنواع عديدة من الحيوانات التي تتغذى على هذه الحشائش، مثل الغزال والظبي والزراف.
فقديما كانت الأمطار تسقط على الأراضي الأفريقية بكميات مختلفة وفي فترات زمنية متفاوتة، ولكن الوضع اختلف منذ 12 ألف عام بدأت الأمطار الصيفية لأفريقيا المدارية تزحف إلى الشمال الشرقي للقارة، حتى كونت بحيرات مائية بجانب الجبال، ومنها بحيرة “نبتا”.

عام 1973 وحتى 1977 ميلادية تمت دراسة وتحليل وتأريخ “نبتة بلايا” من خلال العلمان “فريد ويندورف” و”رومولد شليد”، واكتشفت البعثة 15 منزل على الأقل، بيضاوية الشكل، مشيدة من البوص والخوص والعصي، وحفرًا من أجل تخزين الطعام والفاكهة، و3 أبيار كانوا قد حضروا للاستفادة من المياه في حالة عدم وجود مياه في البحيرة.

يعد اكتشاف نبتة بلايا يرجع إلى 8000 ق.م من خلال الحفريات في أواخر التسعينيات القرن العشرين، ومع تواصل الكشف عن نتائج الحفريات فى أواخر التسعينات، وجدت أيضا بذور الذرة شرقي النيل جنوب أسوان تتقابل مع منطقة الحدود مع السودان الشمالى حاليا، مما قد يطرح فكرة أن القمح والشعير والذرة احتمال كبيرة أنها كانت تنمو بشكل طبيعى أو كونها زرعت بشكل فعلي في كل من مصر والسودان خلال استقرار البشرية في المنطقة.وتأخذ ساعة نبتة بلايا الشكل الدائرى الحجرى ولها أبواب ومداخل توضح الاتجاهات الأربعة، الشرق والغرب والشمال والجنوب، ويوجد داخل الدائرة 6 أحجار متوازية، وهناك فرضية ذهبت إلى أن الخط الجنوبى المكون من ثلاثة أحجار داخل دائرة التقويم يمثل النجوم الثلاثة لحزام الجبار، بينما تمثل الأحجار الثلاثة الأخرى داخل دائرة التقويم الأكتاف ونجوم الجبار كما ظهرت فى السماء.

وكانت هذه المراسلات لتاريخين – حوالى 4800 قبل الميلاد وفى معارضة مسبقة – يمثلان كيف «تتحرك» السماء على المدى الطويل، وأن الدائرة تم إنشاؤها واستخدامها فى حوالى التاريخ الأخير، وكان تمثيل التاريخ المزدوج عبارة عن تمثيل مفاهيمى لحركة السماء على مدار دورة سداسية بالقرب من دائرة التقويم، التى تتكون من أحجار أصغر، توجد محاذاة لأحجار كبيرة.

وأن المنطقة قد استخدمت لأول مرة على أنها مركز احتفالى إقليمى حوالى 6100 قبل الميلاد إلى 5600 قبل الميلاد مع أشخاص قادمين من مواقع مختلفة للتجمع على الكثبان الرملية المحيطة بالبلايا، حيث توجد أدلة أثرية للتجمعات التى تضمنت أعدادًا كبيرة من عظام الماشية.

ولم تتوقف أهمية موقع نبتة بلايا عند حد وجود أقدم ساعة فى العالم، إذ يعد الموقع أحد أهم المواقع التى تكشف عمق الحضارة المصرية منذ القدم، فما يضمه من آثار تكشف بوضوح أن مجتمعًا حضريًا متقدمًا عاش فى تلك المنطقة منذ ما يزيد على 7 آلاف عام.

وصممت تلك الساعة لاستخدامها كتقويم لسكان تلك المنطقة، ولدراسة عدد من الظواهر الفلكية الكبيرة، وترتيب النجوم فى السماء وتحديد الاتجاهات الأربعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »