البئر المسحور فى جزيرة إلفنتين وقياس قطر الأرض

 

مقالة كتبها د/حمدي الدالي

إستشاري فى التاريخ القديم

أسوان

 

كانت جزيرة إلفنتين من أقوى الحصون على حدود مصر الجنوبية وتقع حالياً بمدينة أسوان، وكان معبودها الإله “خنوم” أو “غنوم” (من كلمة غنم)، وهو على شكل رأس كبش.

اشتق اسم إلفننين من الاسم المصري القديم لها “أبو” بمعنى أرض الفيل، ويمكن تفسيره بأنها كانت إما مركزاً لتجارة العاج واسمه بالمصرية القديمة (أبو) أيضا، وكان يأتي إليها من السودان أو أن الاسم يشير إلى الفيل الذي كان يعيش في هذه المنطقة في عصور ما قبل الأسرات بين عامي 255 – 240 قبل الميلاد، وفي العصر البطلمي.

عثر إيراتوستنيس على بردية فى مكتبة الإسكندرية تكشف أمورا مهمة عن جغرافيا مصر، البردية التي مثلت أهم مكتشف أثري في وقتها ذكرت وبالتفصيل وجود بئر مياه فى جزيرة الفنتين بأسوان تسقط داخلها أشعة الشمس عمودية بحيث لا تلقى بظلال لجدرانها بل ويمكن رؤية انعكاس قرص الشمس على المياه داخلها.

كان انعكاس الشمس على البئر كما تحدد البردية المكتشفة يحدث فى ظهيرة أطول أيام السنة أى في الانقلاب الصيفى يوم 21 يوليو من كل عام، عندما يكون قرص الشمس فى سمت الرأس أى فوق الرأس وعموديا تماماً على الأرض كما يحدد علماء الفلك والآثار.

(إيراتوستنيس عالم يونانى من أصل ليبى ولد بمدينة الشحات، إحدى خمس مدن على الساحل الليبى, كانت خاضعة لمصر وقتئذ, وقد درس العلوم فى مدينة أثينا باليونان, ولبراعته وتفوقه فى العلوم شد انتباه بطليموس الثالث حاكم مصر، الذى دعاه للحضور والإقامة بمدينة الإسكندرية بمصر).

حضر إيراتوستنيس لمصر والذي توجد فوهة كبيرة جداً على سطح القمر باسمه كان لكي يتولى تعليم ابن بطليموس الثالث وليكون مديرا لمكتبة الإسكندرية، حيث كان هو الثالث فى الترتيب لافتا أنه رفض بتواضع لقب ألفا الذي كان يعني الأول مفضلا عليه لقب بيتا أى الثانى وقد كان صديقاً لعالم الرياضيات المشهور أرشميدس.في هذه الأعوام لم يكن علم الجغرافيا تم تأسيسه على يد العالم إيراتوستنيس (276 – 194 ق.م)، كان إيراتوستنيس من المكتشفين الأوائل لكروية الأرض، وهو الذي وضع خطوط الطول والعرض لكونه أول من صنع خريطة كروية للعالم.

فحين تم العثور على البردية في مكتبة الإسكندرية قرر إيراتوستنيس الذهاب لمدينة أسوان لعمل تجربة حقيقية لقياس محيط الأرض من جهة ولقياس المسافة بين مدينتي الإسكندرية وأسوان من جهة أخرى لمدة عامين متتالين لتكون أول تجربة يدونها التاريخ.في العام الأول كان الذهاب لأسوان لمعرفة البئر الذي تحدثت عنه البردية حيث تم العثور عليه وهو إلى الآن مازال موجودا أما في العام الثاني من زيارة إيراتوستنيس فقد كان للتطبيق العملي في قياس محيط الأرض وتحديد المسافة بين الإسكندرية وأسوان.

قام إيراتوستنيس بتأجير قصاص أثر ليقوم سيرا على الأقدام بقياس المسافة بين الإسكندرية وأسوان، فيما هو قام شخصيا بقياس ظل مسلة كليوباترا أمام معبد قيصرون بالإسكندرية.

إيراتوستنيس قبل قيامه بقياس محيط الأرض وتحديد المسافة بين مدينتي الإسكندرية وأسوان قام باكتشاف السنة الكبيسة. وأسس علم التأريخ إذ حاول تحديد الأحداث السياسية الهامة منذ حرب طروادة وحتى عهده بتصحيح الأخطاء التأريخية بتحديد الزمن والمعاونة فى أخذ الأرصاد الفلكية أيضا، كما قام بحساب ميل محور دوران الأرض 23º 26′ وقيمته تصل إلى مرتبة الدقة فى القياس). وربما قد قام بحساب المسافة من الأرض للشمس بصورة دقيقة.

على الرغم من بساطة الأدوات، فإنها تدل على براعة الطريقة وأسلوب التفكير الراقى وقد تم إجراء قياس آخر لمحيط الكرة الأرضية فى عهد الخليفة المأمون (فى القرن التاسع الميلادي)، ثم على يد العالم البيرونى أواخر القرن العاشر الميلادي لتضيف أبحاثهم ومكتشافاتهم بعدا جديد لمحاولة العالم إيراتوستنيس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »