الأرشيف والمكتبة الوطنية يستهل موسمه الثقافى بندوة “العمارة مدخلاً للتوثيق والتأريخ”

نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية ندوة افتراضية بعنوان “العمارة مدخلاً للتوثيق والتأريخ” استهل بها موسمه الثقافى 2022، وحظيت مواضيع الندوة باهتمام المتابعين من داخل الأرشيف والمكتبة الوطنية وخارجه لما لها من أهمية على صعيد التراث الوطنى وحفظه، وفى المجال الثقافى والعلمى.

افتتح الندوة، عبد الله ماجد آل على -المدير العام بالإنابة- بكلمة رحب فيها بالمشاركين فرداً فرداً، وأكد أن هذه الندوة تأتى انطلاقاً من اهتمام الأرشيف والمكتبة الوطنية بالتراث المعمارى الإماراتى الذى يعكس تجليات الحضارة، ومدى تقدم الدولة وتطورها.

وأشار، إلى أن العمارة فنّ البناء القائم على الإبداع والفكر، والتراث العمرانى من أهم المصادر المادية الملموسة التى تعبر عن الأنشطة الاجتماعية والثقافية للأجيال السابقة، وأن التراث المعمارى هو مصدر الإحساس بالجمال، وهو يربط الحاضر بالماضى، ومنه نستمد المعلومات، ونستلهم ما نفخر به بأمجاد الآباء والأجداد، مؤكداً، أن توثيق الطرز المعمارية وتنوعها وتحولات العمارة وتطورها تثرى سجلات ذاكرة الوطن بتفاصيل حياة الأجيال السابقة، وبالمقارنة بين التراث المعماري والعمارة المعاصرة تظهر مراحل التطور وتقدم الإمارات العربية المتحدة وتجربتها الحضارية ومكانتها المرموقة بين معطيات الحضارة الحديثة.

وأوضح، أن الأرشيف والمكتبة الوطنية قد اهتم بتوثيق التراث المعمارى الوطنى وما يحفل به من تاريخ مجيد، فأصدر العديد من الكتب المهمة أبرزها: قصر الحصن، والقلاع والحصون في دولة الإمارات العربية المتحدة، والقلاع والأبراج فى منطقة الظفرة، وأن في جعبته المزيد من أمثال هذه الإصدارات التى تلاقى إقبالاً مميزاً من الباحثين والأكاديميين والمهتمين.

امتازت الندوة، بثراء معلوماتها المستمدة من التجارب الإماراتية والعربية والعالمية، إذ شارك فيها عدد من الخبراء والمهندسين والباحثين فى التراث المعمارى، وفى العمارة والعمران من دولة الإمارات العربية المتحدة ومن جمهورية مصر العربية، ومن منظمة إيكروم العالمية.

وأكد المهندس رشاد محمد بوخش -رئيس جمعية التراث العمرانى فى دولة الإمارات- فى المحور الأول للندوة أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتضن آلاف المواقع الأثرية والتاريخية متمثلة بالقلاع والحصون، والأبراج والمساجد، والأسواق والمبانى السكنية بمختلف أنواعها، وتطرق إلى نماذج من هذه المبانى، وجهود الحفاظ والترميم والتأهيل التى تقوم بها الدوائر المعنية فى كل إمارة للحفاظ على التراث العمرانى، وقدم نبذة عن جمعية التراث العمرانى وجهودها فى نشر الوعى التراثى وأهم نشاطاتها ومشاريعها.

وعن البوابات فى أبوظبى وتاريخها وفنون عمارتها وزخارفها جاء المحور الثانى الذى بيّن فيها د. حمدان راشد الراشدى من دولة الإمارات، أن إمارة أبو ظبى تزخر بالكثير من التحصينات الدفاعية التى ساهمت فى الزود عن مقدرات أبناء الإمارة ومثلت لهم الحماية فى أوقات الخطر، وعرّف بالعديد من المفردات والمصطلحات المعمارية المتعلقة بالبوابات.

وأشار، إلى أن المداخل والبوابات تعدّ من أهم العناصر المعمارية فى أى تحصين دفاعى، فقد اهتم المعمارى بها سواء من حيث موقعها أو مدى حصانتها وسهولة الولوج منها لداخل التحصين أو الخروج منها، وتنوعت أشكال تلك المداخل واختلفت مواقعها من التحصين طبقًا لوظيفتها.

واستعرض الراشدى، أهم اشكال المداخل والبوابات، وطرق إنشائها وتوزيعها ووظيفتها وأهم نماذجها، كالباب المنحصر بين برجين، والبابين الكبير، والصغير (الخوخة)، والمدخل البارز، والمدخل المنكسر، والمدخل العلوى، واتخذ على ذلك أمثلة من الأبنية التراثية، مثل: برج المقطع، وحصن المويجعى، وحصن الجاهلى، وقلعة الشيخ سلطان بن زايد … وغيرها.

وقدم د. زكى أصلان -المدير الإقليمى لمنظمة إيكروم- قراءات فى عمارة المنطقة كنماذج من الحضارة الإسلامية وإمكانيات فى رقمنة وتسجيل وحفظ أصول التراث العمرانى بجرده وإدماجه فى الأرشيفات الوطنية.

وعن العمارة الشعبية التى تمثل الشكل المادى للثقافة، وتعبر أيضًا عن جانبها المعنوى المتمثل فى عادات وتقاليد أفراد المجتمع ومعتقداتهم ومعارفهم الشعبية، تحدث د. محمد شحاتة العمدة -الباحث المصرى فى التراث الشعبى- متخذاً من عمارة الصعيد نموذجاً، مشيراً، إلى أن مجتمع الصعيد قد مر بالعديد من التغيرات الثقافية التى كان لها بالغ الأثر على تغيّر العمارة ووظيفتها والحرف المرتبطة بها والفنون والآداب الشعبية التى تتناولها، مؤكداً، أهمية التراث الشعبى المرتبط بها.

وتحدث المعمارى المصرى -د. طارق والى- عن العمارة والعمران والتراث .. جدلية الماضى والمستقبل، قائلًا: إن المصطلحات الثلاثة تجمعهم عملية إنسانية تخضع فى جوهرها لما يسميه كثيرون إبداع إنسانى، وذلك فى إطار يحكمه قانون، سواء كان قانون من جوهر علوم ومعارف العمارة والعمران نفسها، أو كان قانون خارجى مؤسسى.

يذكر، أن الدكتورة عائشة بالخير -مستشارة البحوث فى الأرشيف والمكتبة الوطنية- التى أدارت الندوة ناقشت مع المشاركين أهم التوصيات فى إطار موضوع الندوة، حيث أجمعوا على أهمية ضرورة جمع وتوثيق وتسجيل التراث المادى وغير المادى فى الدول العربية وهذه مهام الأرشيفات الوطنية، وإيجاد قاعدة بيانات للمواقع الأثرية التاريخية، وتأسيس جائزة عالمية سنوية فى مجال الحفاظ على التراث وتوثيقه، وإجراء مقابلات مع كبار السن لحفظ التاريخ الشفاهى فى هذا المجال، وتدريب المواطنين على المقابلات التاريخية والمسح الميدانى، وتمويل الأبحاث وتأليف الكتب وتصوير الأفلام الوثائقية لتدوين التاريخ بتفاصيله، وتشجيع العمل التطوعى لحفظ التاريخ وتوثيقه.

كما أجمعوا على أهمية إيفاد بعثات إلى المناطق الأثرية لدراسة وتوثيق العمارة الشعبية، وحفظ التراث الذى يعبر عن الهوية، والحرف المرتبطة بالعمارة، وذلك لتعريف الأجيال بتاريخهم، وأهمية تطبيق المنهج الأنثروبولوجى فى الإمارات لأنها أرض خصبة لهذه الدراسات التاريخية والتراثية.

وشدد الجميع، على أهمية تعريف التراث الثقافى وتوثيقه وأرشفته رقمياً.

يذكر، أن الأرشيف والمكتبة الوطنية قد أطلق أجندة موسمه الثقافى للعام الجارى 2022، وهو يتطلع إلى تقديم موضوعات متنوعة ذات بُعدٍ تاريخى لدولة الإمارات العربية المتحدة فى العديد من الندوات، وإلى إتاحة هذه الثقافة الأصيلة للجمهور مما يعزز الانتماء للوطن والولاء لقيادته الرشيدة، ويقدم للجمهور معلومات ومعارف دقيقة وموثقة وهذا من صلب رسالته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »