رأي عام : مقالة دكتورة / نادية مصطفي عبدالحكيم – صراعات الدول الكبري تفكيك الشرق الأوسط والسيطرات علي
ما يمتلئ به الشرق الاوسط الآن من عنف مسلح وفوضي وارهاب وحروب داخلية وصراعات وازمات ومن تدخلات خارجية واحتلال اراضي ومن اسقاط دول وافشال حكومات وتدمير كيانات ومن اختراق ثقافي واعلامي واستنزاف موارد واهلاك طاقات انتاجية وقدرات بشرية، ومن خداع وتضليل بشعارات كاذبة عن الديموقراطية وحقوق الانسان ، الخ ، هو الحلقة الاهم في محاولة الامريكيين وحلفائهم الاسرائيليين بشكل خاص احياء مشروعهم القديم الهادف الي ايجاد شرق اوسط جديد.، وهو المشروع الذي لم يكتب له النجاح وقتها لاسباب يطول شرحها……
اما النسخة الجديدة من هذا المشروع الخبيث والتي بداوا تنفيذها بوتيرة متسارعة وغير مسبوقة وبزخم سياسي هائل مع التحولات الخطيرة التي اجتاحت الكثير من دول المنطقة العربية منذ عام 2011 ، فتقوم في جوهرها علي الاسراع بتفكيك الشرق الاوسط الحالي وتدمير معالمه البنيوية ونسف هويته الثقافية والقومية ، وابدالها بهوية شرق اوسطية جامعة من نوع جديد ومختلف هم من يحددون شكلها ومحتواها….. ان ما يهدفون اليه في حقيقة الامر من وراء تفكيكهم لهذه المنطقة الاستراتيجية من العالم وتذويب معالمها الحالية هو الانطلاق من ذلك الي اعادة تركيبها من منظور سياسي جديد بآليات مختلفة وبمواصفات قادرة اكثر علي الاستجابة لفكرة واهداف هذا المشروع الشيطاني الرهيب….. المشروع الذي سوف يدمر قوة الاطراف العربية نهائيا وينسف كل دور لها ويحرق لها كل اوراقها ويحيلها الي كيانات خامدة مسلوبة الارادة معدومة الحيلة لا تاثير لها علي ما يجري في هذه المنطقة من العالم. ، وحيث تصبح مصائرها واقدارها معلقة بايدي الآخرين…….
واذا كان هذا المخطط امريكيا اسرائيليا بالاساس ، فان من دخلوا معهما علي الخط ويشاركون الآن في تنفيذه في اطار من التنسيق والتفاهم المشترك مع كل من الولايات المتحدة واسرائيل ، ووفق تقدير كل منهم لمصالحه وخططه واهدافه ، هم روسيا الاتحادية كقوة دولية عظمي لها اهتمام كبير بكل ما يدور في الشرق الاوسط ، هذا بالاضافة الي تركيا وايران كقوتين اقليميتين فاعلتين ومؤثرتين وتلعبان ادوارا خطيرة ومؤثرة في كل الساحات الاقليمية في هذه المنطقة…….. وتستعين كل واحدة من هذه القوي الخمس بشبكة واسعة من الأذرع والوكلاء والعملاء ممن قد يكونوا دولا وحكومات معينة واحزاب دينية وميليشيات مسلحة وجماعات ارهابية ومرتزقة ماجورين واعلاميين، الخ….
هذه القوي الخمس بالذات واكثر من غيرها ، هي من تمسك حاليا بمفاتيح السلم والحرب في الشرق الاوسط ، وهي الاكثر انغماسا وتورطا في نسف اوضاعه وتدمير معالمه بما يلغي اي دور للطرف العربي فيه،…… واذا كان هناك من خلافات بينهم تطفو احيانا علي السطح فهي خلافات علي حجم المصالح المسموح بها لكل منهم وكذلك علي مساحة الادوار حتي لا تطغي علي بعضها وتعطل ما تم التوافق عليه فيما بينهم……
هذا هو بايجاز شديد ملخص الحكاية كلها ، اما اين نحن كعرب مستهدفين بكل هذا الذي يحاولون فرضه علينا وارغامنا علي الاستسلام له ولنختفي بعده من خريطة الشرق الاوسط ليس بالموقع او المكان وانما بالدور والحضور والتاثير، فهذا هو السؤال…………..