نميرة نجم: ينبغى فرض تدريس التغير المناخى كمادة أساسية بالمدارس لخطورته على مستقبل الحياة بالأرض

 

أكدت السفيرة د. نميرة نجم -مدير المركز الأفريقى للهجرة (AMO)- أن آثار التغير المناخى أصبحت حالة يجب أن تتحول وتنتقل من نقاش على مستوى خاص له صبغة وصفة نخبوية وسياسية متخصصة إلى قضية محورية ومستوى نقاش عام ومفتوح ومتصل وجماعى لكافة البشر على مستوى كوكب الأرض.

وقالت: يجب أن نتحدث مع أطفالنا وجيراننا وزملائنا وأصدقائنا وعائلتنا عن العمل المناخى لأن هذه مهمتنا جميعًا، ولا أحد يستطيع أن يقوم بكل العمل بمفرده لكن يمكننا القيام به معًا جميعا.

ومن هنا أصبح مطلبا أساسيا وملحا تهيئة الطريق والعقول لفرض تدريس مادة البيئة والمناخ منذ الصغر فى مناهج المدارس كمادة أساسية فى شتى أنحاء العالم، بهدف المعرفة وتوعية الأطفال وتنشئة الشباب والأجيال الجديدة على العلم والوعى الكامل بمخاطر التغيرات المناخية على مستقبلهم والحياة والصحة والهجرة وسبل العيش على كوكب الأرض، وذلك للحد من آثار التغير المناخى والتكيف معها.

ويجب أن يتعلم الإنسان منذ مراحل الطفولة كافة المشكلات والتحديات والمصطلحات وما هو الاحتباس الحرارى والانبعاثات الحرارية الناجمة عن الأنشطة البشرية، وتأثير ثانى أكسيد الكربون وغاز الميثان، والبصمة الكربونية والوقود الأحفورى للمحافظة على درجة حرارة الأرض.

ويجب إرشادهم ومشاركتهم منذ الصغر، وإشعارهم بمسئوليتهم فى الحفاظ على الأرض وإدراك كيفية التكيف للحفاظ على وجودهم ومصائرهم على الكوكب، مؤكدة، أن الإحصائيات تشير إلى أن 49% من البشر فى العالم ما زالوا لا يعلمون أو غير مجهزين أو مقتنعين بأن التغير المناخى يمثل أزمة كبيرة، ويحتاج لإجراءات فورية وعاجلة للتعامل معه، ومدى خطورة هذه التغيرات المناخية على صحة كوكب الأرض مع القيود المتزايدة التى تفرضها الدول على حرية التنقل فيه، وبالتالى على حياة البشر.

جاء ذلك خلال كلمتها فى حلقة النقاش التى نظمها المرصد الأفريقى للهجرة (AMO) حول “بيانات الهجرة وتغير المناخ وتأثير الزراعة”، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بمؤتمر المناخ COP 28 المنعقد فى دبى.

وشددت السفيرة فى كلمتها، على أهمية البيانات فى إدراك التأثير الفعلى لتغير المناخ على الزراعة والهجرة.

وشرحت، أهمية الحصول على البيانات الصحيحة لتوقع التغييرات والاستعداد لها خاصة فى المناطق الريفية، وضمان التعليم لإقناع السكان الأفارقة بآثار تغير المناخ على أراضيهم، وإنشاء خرائط طريق لإيجاد حلول ومساعدتهم على التكيف والبقاء فى أراضيهم إذا لزم الأمر، كجزء من التكيف بديلا للهجرة والنزوح.

وأوضحت السفيرة، أهمية البيانات لفهم الهجرة فى أفريقيا، مؤكدة، أن 80٪؜ من الأفارقة يتنقلون داخل أفريقيا، وأن الأفارقة مرتبطون بأرضهم كجزء من كبريائهم، وهم يتحركون عند مواجهة كوارث تغير المناخ أو للهجرة الاقتصادية بحثاً عن فرص عمل.

وركزت، على أهمية وجود البيانات الدقيقة فى الوقت المناسب لإتخاد قرارات سياسية واقتصادية وصحية وإنسانية، حيث أن البيانات التى تأتى فى معظمها من المنظمات الدولية من خلال بحث مطول، حتى عندما يتم تحديثها سنويا أو نصف سنوية لاتكون كافية بدرجة، خاصة للتوقع وإيجاد الحلول المتعلقة بالكوارث الطبيعية.

وأكدت السفيرة، الحاجة إلى نشر أجهزة الرصد المناخى والكمبيوتر العملاقة فى القارة لتوقع المناخ وتأثير الكوارث الطبيعية، وأنماط الطقس، بما فى ذلك المسودات أو الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية فى أجهزة وهيئات الرصد الدول الأفريقية مع التركيز مبدئيا ومرحليا على الدول الأكثر تضررا.

وشددت، على الحاجة إلى اتباع نهج شامل يدمج العناصر والروابط المختلفة، وضرورة أخذ ذلك فى الاعتبار عند التمويل والاستثمار فى التكنولوجيا الاستباقية، إلى أهمية الفهم كمثال حدوث تيارات هوائية فى شرق أفريقيا أو منطقة الساحل، وكذلك الشلالات الغزيرة غير المسبوقة فى منطقة الساحل والتى أدت أيضًا إلى كوارث ونزوح داخلى، وأيضًا فيضانات فى شرق أفريقيا مثل الفيضانات فى تنزانيا، والحاجة إلى المعرفة للاستعداد لمثل هذه الكوارث والتخفيف من تأثيرها المدمر على الاقتصادات.

وأشارت السفيرة، إلى أهمية الفهم والاستعداد للاتجاهات المتعلقة بالحركات من الريف إلى الريف ومن الريف إلى الحضر مما يؤدى إلى ركود المناطق حول المدن، وانعدام الأمن الغذائى، والحاجة إلى تكييف الأراضى لتناسب الناس فى المناطق الريفية حتى يتمكنوا من البقاء ومنع الزيادة فى أعداد السكان.

ومن جانبها، قالت د. نزهة بوشارب -وزيرة التخطيط العمرانى وسياسة الإسكان والمدينة السابقة بالمغرب ونائب رئيس مؤسسة بيت المناخ المتوسطى: إن منطقة شمال أفريقيا التى تعتمد المجتمعات فيها على الزراعة تؤثر التغيرات المناخية فيها على الهجرة داخليا وخارجيا.

ودعت، إلى وضع سياسات واستراتيجيات لمساعدة الناس على البقاء وبناء القدرة على الصمود من خلال تعزيز توافر البيانات وجودتها، نظرا لأن جودة البيانات مهمة، وإنتاجها مكلف ويحتاج إلى أشخاص وموارد واستثمارات متزايدة.

وشددت الوزيرة، على أهمية العلاقة بين الهجرة وتغير المناخ والزراعة وضرورة التعاون من أجل التوصل إلى حلول لها، وأهمية البيانات الجيدة التى تتضمن مؤشرات ملموسة تُفهم بنفس الطريقة عبر مختلف البلدان والجهات الفاعلة، وأن جودة البيانات تمثل تحديًا كبيرًا لجميع البلدان، نظرًا للحاجة إلى بيانات متسقة وفى الوقت المناسب، والطبيعة السياسية المتعلقة بقضايا تبادل البيانات حتى داخل البلد نفسه، وأهمية وجود منصات للبيانات، مشددة، على أن توافر البيانات وجمعها يعد عاملاً فى زيادة سلامة الفئات السكانية الضعيفة.

وأكد د. شكيب جنان -المدير الإقليمى للتنمية المستدامة لمنطقة غرب ووسط أفريقيا بالبنك الدولى- على تأثير تغير المناخ على زيادة وتيرة الجفاف فى منطقة الساحل، حيث أصبح نمطا أن يكون الجفاف كل 2.5 أو 3 سنوات تقريبا بدلا من كل 10 سنوات، مما يؤدى إلى تأثير كبير على المجتمعات الريفية، بما فى ذلك فقدان المحاصيل والماشية واستخدام الهجرة كآلية للتكيف.

وشدد، على الحاجة إلى الاستثمار فى بدائل مثل الزراعة الذكية مناخياً والتعليم لمساعدة المزارعين على فهم تغير المناخ بشكل أفضل، فضلاً عن وضع تقنيات للمساعدة فى التعامل مع تغير المناخ، مثل استخدام البذور المقاومة للجفاف والبدائل مثل تقنيات تجميع المياه، وإلى جمع بيانات لفهم أنماط الطقس وتوقعها للاستعداد لزراعة المحاصيل، وموعد الحصاد، وفهم تأثير تغير المناخ ليس فقط على الأمطار ولكن على الماشية وصحتها وحركة أو نمو النباتات والحشرات.

وأشار جنان، إلى تأثير تغير المناخ فى غرب ووسط أفريقيا حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائى من 9 ملايين إلى حوالى 45 مليونا فى الفترة من 2014 إلى 2023 ويرتبط معظمها بتغير المناخ و بسبب الصراعات فى المنطقة.

وأضاف، أن هناك عناصر أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار مثل المنافسة على الموارد الطبيعية بين المزارعين والرعاة والتى لها تأثير مباشر على الهجرة وأهمية البيانات لتجنب هذه المنافسة.

أدارت الندوة، د. إيلينا سيما -المحاضرة وأستاذ القانون الدولى العام بجامعة جنيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »