نميرة نجم: هناك تفرقة فى تطبيق القانون ضد حقوق الفلسطينيين

 

قالت السفيرة د. نميرة نجم مدير المرصد الأفريقى للهجرة، إن رصد وقائع ما حدث العام الحالى، وقبل 7 أكتوبر يعطينا تصور واضح عن “قصة من يدافع عن نفسه، فلسطين أو الاحتلال الإسرائيلى.

وأضافت، من المهم جدا أن نضع الحقائق أمامنا، على ثمانية شهور فقط ومنذ مطلع يناير إلى أغسطس الماضى قتل الاحتلال الإسرائيلى 202 مواطن فلسطينى، وتسبب فى إصابة وجرح 2335، وهدم 670 منزل فى الضفة وغزة، وتهجير 1094 فلسطينى بخروج أسر بالكامل من منازلها.

ومنذ عام 1967 ليومنا هذا تم إعتقال ما يقرب من نحو مليون فلسطينى، ومن بداية هذا العام فقط ومن واقع تقرير حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة يوجد فى سجون الاحتلال 5000 أسير منهم أكثر من 670 طفل و83 سيدة، منهم الآلاف المعتقلين إداريا، كما أن هناك أسرى فلسطينيون استشهدوا على يد الاحتلال داخل السجون.

جاء ذلك فى لقاء مع السفيرة على الهواء مباشرة من فيينا عبر برنامج زووم مع الإعلامية لبنى عسل على شاشة قناة الحياة الفضائية المصرية.

وتابعت السفيرة: العنف فى الفترة الأخيرة قبل 7 أكتوبر تصاعد بشكل غير مسبوق فى الأراضى الفلسطينية بدعم من السلطات الإسرائيلية، حتى أن ورنين بار رئيس الشباك “جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى” حذر رئيس الوزراء الإسرائيلى من تصاعد إرهاب المستوطنين الإسرائيليين لأنه سيؤدى إلى تصاعد العنف الفلسطينى، كل هذا حدث قبل 7 أكتوبر وخلال العام الحالى فقط.

وحذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” فى أغسطس الماضى من “استخدام الجيش الإسرائيلى غير القانونى للقوة القاتلة ضد المدنيين، وعن خشيتها من أن يصبح عام 2023 الـ”أكثر دموية” للأطفال الفلسطينيين متجاوزاً الوضع خلال عام 2022، الذى صُنّف فعلياً “أكثر الأعوام دموية للأطفال الفلسطينيين فى الضفة الغربية منذ 15 عاماً.

وقالت السفيرة: إن هناك تفرقة فى تطبيق القانون ضد حقوق الفلسطينيين وانتهاك الحقوق الأساسية لهم وفقًا لمواثيق حقوق الإنسان الدولية، مما أدى للقول إن التفرقة العنصرية فى فلسطين أسوأ مما حدث فى جنوب أفريقيا فى القرن الماضى فى إسرائيل التى تدعى ظاهريا الديمقراطية.

كل هذا ولم نكن وصلنا إلى 7 أكتوبر، قبل 7 أكتوبر وخلال هذا العام وصل الحال إن رئيس وزراء إسرائيل ذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وألقى خطاب أمامها عرض فيه خريطة بلاده، وأدخل فى نطاقها الصفة وغزة وكافة الأراضى الفلسطينية دون أن يتحرك أحدا، ولذلك خرج محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية أمام المجتمع الدولى وهو يخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة فى مايو الماضى أثناء إحياء ذكرى النكبة ويطلب من العالم حماية الشعب الفلسطينى.

وفى نفس اللحظة يحتفل العالم الغربى والاتحاد الأوروبى بمرور 75 عام على إنشاء إسرائيل دون أن يتحرك لحماية الفلسطينيين كل ذلك قبل 7 أكتوبر، حيث لا يوجد دولة احتلال تدافع عن نفسها ضد الشعب المحتل، ولكن لا أحد تحرك واستمع إلى الرئيس الفلسطينى وهو يصرخ قبل 7 أكتوبر وفى ذات العام، وهو يخاطب المجتمع الدولى.

وأكدت السفيرة، أن تصاعد حدة ونبرة العنف للمسئولين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين والدعاوى بإبادة الشعب الفلسطينى أصبحت علنا، وتهديدهم بإبادة الشعب الفلسطينى بالسلاح النووى، حيث قال وزير إسرائيلى: “لا يوجد شىء إسمه شعب فلسطينى”، والسفيرة الإسرائيلية فى إنجلترا تخرج فى لقاء تليفزيونى قائلة: إنها ليست لديها ذرة تعاطف مع الفلسطينيين! وهم الذين اغتصبت أرضهم .. فماذا نتوقع؟

وأوضحت، أن دعم إسرائيل بالمال والعتاد والدعم السياسى والضغط على المحكمة الجنائية الدولية على ألا يقوم المدعى العام للمحكمة بتحريك دعوى ضد الحرب الإسرائيلية للإبادة الجماعية لأهل غزة، ونحن الآن لدينا خمس دول “جنوب أفريقيا وبنجلادش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتى” غير المنظمات الغير حكومية تقدمت بمذكرات طالبت المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بتحريك الدعوى ضد الحكومة الإسرائيلية، وقانونا هذا من حق المدعى العام للمحكمة تحريك الدعوى لأن الاعتداءات تحدث فى أرض فلسطين، ودولة فلسطين طرف فى إتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، ولذلك أى خرق لقواعد المحكمة الجنائية الدولية وأى جرائم ترتكب على أرض دولة فلسطين تقع فى إختصاص ولاية المحكمة، وما تدعيه إسرائيل فى هذا الشأن بأنها غير موقعة على اتفاقية روما وليست عضو فى المحكمة الجنائية الدولية ومن ثم لا تخضع إلى ولايتها “غير صحيح قانونيا”، إسرائيل تدعى أيضًا أن الصراع الدائر فى غزة لا يخضع لاتفاقيات جنيف، على الرغم أن قرار محكمة العدل الدولية فى الرأى الاستشارى الخاص بقضية الجدار العازل يقول إن اتفاقيات جنيف الأربعة تنطبق على الأراضى الفلسطينية المحتلة.

وأضافت السفيرة، بعيدا عن السياسية، من الناحية القانونية قواعد المحكمة الجنائية الدولية جزء منها القواعد الإقليمية، الدولة التى هى طرف فى الاتفاق المنشأ للمحكمة تعطيها الولاية القانونية للتحقيق فى الجرائم المنصوص عليها فى النظام الأساسى للمحكمة فى أراضيها، وكانت السلطة الفلسطينية قبل أن تصبح دولة وتعترف بها الأمم المتحدة كدولة تقدمت بطلب فى التحقيق فى ما حدث من جرائم حرب فى الأراضى المحتلة ما بين عام 2006 إلى 2009، وبعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الأمم المتحدة وهى دولة مراقب الآن فى الأمم المتحدة لا أحد يستطيع أن يأتى ويجادل هل هى دولة أو غير دولة، والآن وعلى أرضها ترتكب جرائم تقع فى نطاق اختصاص الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية.

وأكدت، أن المشكلة الحقيقية هى أن المحكمة الجنائية الدولية لا تتحرك فى الحرب الإسرائيلية للإبادة الجماعية على غزة، لأن هناك ضغوط رهيبة لعدم اتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها فى نظام روما الأساسى المنشئ للمحكمة.

وتابعت السفيرة: نعقد مقارنة بسيطة بالتحرك الغربى السريع والرهيب ضد روسيا، وبمقارنة أرقام ضحايا المدنيين الأوكرانيين فى الحرب الروسية – الأوكرانية، وبين حرب الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين فى غزة والذى فيه إجحاف رهيب بالقضية الفلسطينية – الاقتباس هنا من تقرير الأمم المتحدة – منذ بداية الغزو الروسى لأوكرانيا من اندلاعها وحتى يوليو 2033 ولمدة 500 يوما بلغ عدد ضحايا المدنيين الأوكرانيين 9 آلاف منهم 500 طفل، بينما فى غزة خلال 42 يوما تعدى عدد الشهداء 12 ألف فلسطينى ونسبة الأطفال فيهم تعدت 5 آلاف طفل غير المفقودين والجرحى حيث تعدوا 22 ألف، ومع ذلك الضغوط على المحكمة الجنائية الدولية فى الغزو الروسى لأوكرانيا أدت إلى إصدار قرار توقيف للرئيس الروسى بوتين وتحريك دعوى ضد روسيا فى إطار اتفاقية الابادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية ومع ذلك نفس هذه الدول التى وقعت كذلك عقوبات اقتصادية على روسيا هى التى تدعم إسرائيل وتحول دون اتخاذ المحكمة الجنائية الدولية الإجراءات القانونية اللازمة ضد ما يحدث فى الأراضى المحتلة الفلسطينية.

وأكدت، أن السياسية الدولية تطغى على القانون الدولى، والدول التى اعتمدت قوانين لاهاى وقوانين جنيف لحماية المدنيين وقت الحروب هى نفسها التى تمول وتدعم إسرائيل وتقوم بإفشال قواعد القانون الدولى وتنفيذها، وكأنها تقول للعالم نحن اعتمدنا هذه القوانين لحمايتنا دون الآخرين.

على مدار 75 سنة اتخذت الأمم المتحدة وكافة مؤسساتها، العديد من القرارات فى صالح القضية الفلسطينية سواء من مجلس الأمن أو من الجمعية العامة التى لم تطبق ولو ليوم واحد على إسرائيل، وهناك دعم رهيب لإسرائيل.

على الرغم إننا نرى أساس العدالة والإنسانية تنهار أمامنا، لكن توقعى مع استمرار وتيرة الحرب على غزة بهذا الشكل الهمجى سوف تضطر دول مع الضغوط الداخلية لديها لتعديل مواقفها وهذا بدأ يظهر حاليًا، مضيفة، رئيس وزراء إسبانيا بدأ يغير من موقفه من دعمه لفكرة حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، وأعرب عن اعتزامه العرض على حكومته الاعتراف بدولة فلسطين، وكذلك البرلمان البلجيكى أمامه الآن قانون للاعتراف بدولة فلسطين، وانتقد عدد كبير من قيادات الحكومة البلجيكية الضرب العشوائى لغزة، وفى ألمانيا التى أصدرت حكوماتها قرارات صارمة بمنع المظاهرات ومع ذلك خرج فيها وفى عدة مدن مظاهرات تتحدى ذلك.

الوضع أصبح فعليا فى غزة بالنسبة للحكومات الأوروبية يصعب تبريره من ضرب المستشفيات واقتحامها وقتل الأطفال والتجويع والتعطيش وضرب البنية التحتية وقطع الكهرباء والوقود.

وتوقعت السفيرة مع استمرار القصف العشوائى والعدوان الوحشى فى غزة، أن تتحول المظاهرات بالتدريج فى عواصم ومدن الدول الغربية إلى عصيان مدنى واعتصامات مفتوحة ضد حكوماتها التى تتباطئ فى وقف الحرب والاستيطان ودعم إسرائيل.

وقالت: نحن لم نعد مثل الماضى، هناك آليات لوصول المعلومات التى لم تصبح محدودة أو مسيطر عليها، رغم المغالطات التى تأتى بها السلطات الإسرائيلية إلا أن السوشيال ميديا والأدوات الأخرى تفضح هذه الأكاذيب بسرعة جدا، وبالتالى الشعوب أصبحت تدرك الحقائق بسرعة، وحقيقة لا أمل إلا بعد تغيير هذه الحكومات طريقة تفكيرها وإعادة النظر فى الدعم المطلق لإسرائيل وعمل توازن ليس لوقف إطلاق النار كحل مؤقت، ولكن لابد أن ينتهى الأمر بحل جذرى، مؤكدة، أن الحل الأساسى هو إنهاء الاحتلال وهو أهم شئ، ثم قبول حل إقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.

وأعلنت السفيرة، أن هدف الإسرائيليين مما يحدث فى غزة ليس بجديد، منذ نشأت الدولة الإسرائيلية، وتصريحات بن جوريون هو تعبير عما يحدث الآن وهو محاولة الحصول على كامل الأراضى الفلسطينية بأقل عدد من الفلسطينيين، وما زال المشروع الإسرائيلى الاستيطانى قائم على ذلك، واليوم غير الأمس والرئيس عبد الفتاح السيسى أوضح جليا أن موقف مصر لن يتغير من هذا الأمر، وكذلك الملك عبدالله ملك الأردن.

مصر والأردن يرفضان تهجير الفلسطينيين وإعادة توطينهم سواء فى مصر أو الأردن أو أى دولة أخرى لأن هذه أرضهم، وطرد الفلسطينيين من أرضهم أصبح أمرا غير مقبول وهو الحل الذى تريده إسرائيل.

نحن لسنا أمام المجتمع الدولى الذى كان يمكن أن يقبل هذا من قبل 200 و 300 و 400 سنة ماضية مثلما حدث فى الدول الجديدة فى القرون السابقة التى استولت على الأرض وقتلت أهلها الأصليين، وبالتالى فكرة التهجير القسرى وإنهاء القضية الفلسطينية أمر غير مقبول على الإطلاق فى عصرنا الحديث، وبفرض لو فعلت إسرائيل ما تريد وسيطرت على كامل الأراضى الفلسطينية، هذا لا يعنى أن الفلسطينيين سوف يظلوا مكتوفى الأيدى ولكنهم سيحاربوا مجددا من أجل استعادة أراضيهم.

وقالت السفيرة: ليس لدينا سوى حل واحد وهو وقف إطلاق النار بضغوط دولية على إسرائيل، ثم الجلوس على مائدة التفاوض لوقف الاستيطان، وإنهاء الاحتلال وترك مساحة للفلسطينيين لبناء بلدهم بدعم من المجتمع الدولى، مضيفة، غزة اليوم أصبحت على الأرض وتحتاج إعادة إعمار وبناء، حتى المستشفيات والطرق، حيث تم هدم كل البنية التحتية والأساسية فى غزة، وهذا يحتاج دعم لبنائه ومساحة زمنية، مع وقف استنزاف الشعب الفلسطينى بهذا الشكل يوميا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »