نميرة نجم: لا يوجد فى القانون الدولى ما يسمى هجرة غير شرعية

 

قالت السفيرة د. نميرة نجم – مدير المرصد الأفريقى للهجرة بالاتحاد الأفريقى: إن الهجرة البشرية بدأت مع بدء الخليقة، ومنذ قديم الأزل وهى طبيعة بشريةً، وسوف تستمر، ولن تتوقف، وعلينا إستيعاب ذلك، وأن القوانين الجديدة فى الدول هى التى نظمتها وأطلقت عليها ألفاظ مختلفة ما بين اللجوء وأنواع الهجرة المختلفة، ولكن الحركة الإنسانية موجودة وستتواجد، ولذلك كفلتها كافة مواثيق حقوق الإنسان صراحة أن من حق الإنسان حرية التنقل، ومؤخرًا بدأ بزوخ الهجرة بسبب المناخ وهذا لا يعنى إنها لم تكن موجودة فى السابق ولكن الأبحاث والدراسات كانت دائما تشير إلى أن زيادة الهجرة الغير نظامية، ونحن لا نفضل تعبير الهجرة الغير شرعية أو الشرعية نظرا لأن القانون الدولى يكفل الهجرة كحق أساسى من حقوق الإنسان، ولكن تم تنظيمها بسبب الحدود وقوانين الدول بأشكالها المختلفة.

جاء ذلك خلال لقاءا تليفزيونيا مع السفيرة من نيويورك مع المذيع عضوان الأحمرى من لندن فى برنامج “المدار” على قناة الشرق للأخبار الفضائية.

وأضافت السفيرة، أن الهجرة الغير نظامية زدات مؤخرا لأسباب تعددت،ولكن لم تظهر الهجرة المناخية كأحد الأسباب إلا مؤخرا على الرغم من وجودها، لأن الأبحاث والدراسات لم تكن تركز عليها، وكانت تركز أن الهجرة واللجوء تأتى بسبب النزاعات الداخلية والفساد والظروف الاقتصادية وأن المواطنين يهجرون إلى دول أخرى بحثا عن ظروف معشية أفضل ولكن الدراسات مؤخرًا بدأت تظهر وبشكل متزايد وكبير أن الهجرة المناخية أحد أسباب الهجرة، بعد أن كانت تمزجها بالهجرة الإقتصادية دون إدراك أن جزءا من هذه الهجرة سببه التغيير المناخى وتأثيره على حياة البشر فى إنتقالهم من أماكنهم المنكوبة أم بالنزوح الداخلى داخل حدود دولهم أو لدول مجاورة أو لقارات أخرى بحثا عن حياة أفضل.

وأشارت، إلى أن المواثيق الدولية القانونية تكفل الهجرة لكافة البشر، إلا أن من حق الدول تنظيم دخول هؤلاء البشر من غير مواطنيها لأرضيها، ومن هنا تأتى التعريفات الخاصة بالهجرة النظامية، والغير نظامية دون المساس فى حق الإنسان فى الهجرة.

وأضافت، على الدول التعاون فى مكافحة الأعمال غير قانونية والغير شرعية لعصابات شبكات تهريب البشر الإجرامية فى الهجرة الغير نظامية وملاحقتهم ومحاكمتهم جنائيا لأنهم يعرضون المهاجرين للخطر ويستغلوهم ماديا علاوة على اغتصابهم وفصل الأطفال عن أسرهم، وإحتجازهم ومعاملتهم بشكل غير آدمى، بل وتركهم فى وسط البحر فى مراكب غير آمنة دون تأمين وصولهم إلى شاطئ الأرض.

واضافت السفيرة، أن الأبحاث تشير بوضوح أن هذه الشبكات والمجموعات التى تنخرط فى الإتجار بالبشر عبر الهجرة الغير نظامية موجودة فى الدول المصدرة ودول الوسيط الترانزيت والدول المهاجر إليها، كما أن هناك أنواع من شبكات التهريب تستغل المهاجرين الغير نظاميين فى العمل بمبالغ زهيدة فى بلاد الترانزيت، بل توجد لهم فرص عمل لهم بأجور اقل من الحد الأدنى من الأجور فى البلاد المهاجر إليها خاصة فى البلاد التى يقل فيها نسبة تمثيل الشباب فى شرائح من سوق بعض الأعمال.

وقالت السفيرة: يجب أن نحقق التوازن بين الواقع والقانون ونطور آلياتنا، نحن فى حاجة إلى آليات جديدة تواكب التطورات فى زيادة أعداد المهاجرين الغير نظاميين ليس فقط لدراسة أسباب هجرتهم، ولكن لدراسة كيفية معالجتها وكيفية حماية حقوقهم فى حال وصولهم إلى أراضى دول أخرى بشكل غير نظامى، حتى نحميهم من البطش الغير قانونى، وإهدار حقوقهم وعدم معاملتهم بشكل غير إنسانى، وهو أمر نخاطب به الضمير الإنسانى قبل أى شئ، لأننا نرى صور مأساوية أسوء مما يحدث فى النزاعات الداخلية أو الحروب، وعلى الدول تنظيم دخول المهاجرين الغير نظامين إليها بشكل يحقق النفع ومصالحها فى نفس الوقت ولا يضر بحقوق المهاجرين.

وعن مقولتها “إن البحار أصبحت مقبرة للمهاجرين” قالت السفيرة: إنها تستعير وتردد وتشارك فيها ما قاله البابا فرانسيس بابا الفاتيكان والذى يهتم بشكل كبير فى تصريحاته بلمس النواحى الإنسانية فبما يتعلق بقضايا الهجرة الغير نظامية، ومع إزدياد أعداد المهاجرين التى تلقى حتفها فى البحر، فإن الآليات الموجودة حاليًا من منظمة الهجرة الدولية والمندوبية السامية للاجئين بالأمم المتحدة، أصبحت فى الأزمة الراهنة بطاقاتها لا تستطيع مواجهة ظاهرة الهجرة الغير نظامية والتى تشكل خطرا على حياة المهاجرين وحقوقهم، ولذلك فإن فكرة إنشاء آلية جديدة فاعلة على الأرض هامة للغاية.

وعن التغيير المناخى، أوضحت السفيرة أنه ليست ظاهرة سياسية ولكن ظاهرة واقعية وعلمية تسببت فيها بعض البلاد، ويعانى من آثارها بلاد أخرى وتسبب فى الهجرة المناخية، حيث ارتفعت نسب النزوح الداخلى للغاية والدول النامية لا تستطيع مواكبة هده التغييرات المناخية، والواقع أثبت أن العالم خلال إنغلاقات فترة جائحة كوفيد19، إنخفضت الإنبعاثات الحرارية وثانى أكسيد الكربون “الذى يؤدى إلى زيادة حرارة الأرض المسبب فى التغييرات المناخية” بسبب قلة حركة البشر، وهو ما يؤكد أن ظواهر الكوراث الطبيعية التى تظهر اليوم فى مناطق مستجدة ناتجة عن الأنشطة الإنسانية، وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة: شهد نصف الكرة الأرضية الشمالى “أحر” موسم صيف فى التاريخ هذا العام.

وأكدت، أن التطرف المناخى بسبب ارتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى ارتفاع منسوب سطح البحر وزيادة الأمطار والأعاصير والسيول والجفاف وإلى الظواهر التى تؤثر على حياة البشر، وفى الشهر الماضى فقط رصدنا ما حدث فى ليبيا ولاجوس وما حدث فى المغرب حيث كانت الزلازل فى السابق لا تدخل ضمن إطار التغييرات المناخية، وفى الدراسة الجديدة أصبحت اليوم مشمولة فى هذا الإطار لإرتباطها بإرتفاع درجة حرارة الارض، وما حدث العام الماضى من فيضانات فى جنوب القارة وجفاف فى شرق القارة هو ما نطلق عليه التطرف المناخى لظواهر مناخية لم تعرفها هذا المناطق من القارة من قبل وتؤثر على حياة البشر فيها.

وأضافت السفيرة، أن إزدياد الكوارث الطبيعية من الفيضانات والأعاصير والسيول والجفاف وحرائق الغابات أدى إلى النشاط الزلازلى فى بلاد لم تكن تتعرض لها، تؤدى إلى نزوح وتحرك وتنقل البشر وأصبحت مسببة لظاهرة الهجرة المناخية بخلاف الهجرة الناتجة عن العوامل التقليدية الاقتصادية وغياب الديمقراطية والحكم الرشيد والصراع على السلطة والنزاعات والحروب الأهلية فى بعض الدول، وهو أمر مستجد لذلك يجب علينا من الناحية القانونية أن نواكب التغييرات الموجودة على الأرض ثم نجد برامج لمعالجة وموائمةً المشكلات الناجمة عن إزدياد المطرد لأعداد البشر المهاجرة والنازحة بسبب التغييرات المناخية.

وأكدت مدير المرصد الأفريقى الهجرة، أنه بجانب موزمبيق وزامبيا وكينيا وإثيوبيا وغانا وهى الدول التى إتجهت لإنتاج الطاقة النظيفة بالقارة، توجد مصر والمغرب فى مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وأنه بعد اعتماد الإعلان الخاص بنيروبى فى قمة المناخ الأفريقية لتوسيع إعلان كمبالا الخاص بالهجرة المناخية ليشمل القارة الأفريقية كلها، رفع وعى جميع الدول الأفريقية بضرورة الاستثمار فى الطاقة النظيفة، وإنها الطريق للتنمية، وفى الفترة القادمة ستشهد مشروعات الطاقة خضراء تدخل فيها الدول الأفريقية التى لم تبدأ بعد فى الالتحاق بركاب مشروعات الطاقة النظيفة.

وأعلنت السفيرة، عن بدأ مشروع بين المرصد الأفريقى للهجرة ومنظمة الغذاء العالمى “الفاو” إلى جانب بعض منظمات الأمم المتحدة المختلفة لتحديد الأماكن ورصد أكبر للبيانات الخاصة بالآثار المناخية على الأرض الزراعية وعلى مصايد الأسماك ووضع سياسيات لمواجهتها فالدراسات الأولية تشير إلى زيادة فى الهجرة المناخية فى المناطق التى تتضرر من الجفاف وملوحة الأرض بسبب ارتفاع سطح البحر وتسبب ذلك فى تبوير الأرض الزراعية وهو ما يهدد الأمن الغذائى فى بعض دول القارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »