نميرة نجم: لابد من حماية التراث الثقافى فى القدس الشرقية من التهديدات الإسرائيلية

 

قالت السفيرة نميرة نجم مدير المرصد الأفريقى للهجرة بمنظمة الاتحاد الأفريقى، إن حماية التراث الثقافى فى مناطق النزاع المسلح تتطلب اهتمامنا، حيث رأينا ما حدث فى أفغانستان مع تماثيل بوذا فى باميان وما يجرى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة والتهديدات الإسرائيلية التى يتعرض لها التراث الثقافى فى القدس الشرقية المقدسة لدى الجميع، نحن بحاجة ماسة إلى تحديد ما يحدث من خطأ من أجل ضمان حماية هذا التراث.

وأكدت، أن قضية التراث الثقافى قديمة قدم الإنسانية، إلا أن هناك العديد من الثغرات فى القوانين التى تتناول حماية التراث الثقافى واستعادته والتى تتطلب اهتمامنا.

جاء ذلك، أثناء كلمتها بعنوان “فى المستقبل التراث الثقافى” فى وبينار حلقة نقاش جمعية القانون الدولى الفرنسية حول موضوع التراث الثقافى.

وأضافت السفيرة، أنها لا ترى قيمة فى هذه المرحلة للاتفاق على تعريف عالمى للتراث الثقافى ولا لمحاولة التفاوض على صك جديد ملزم قانونا، ومع ذلك، أرى قيمة مضافة فى تنفيذ ما لدينا وكذلك اعتماد المبادئ التوجيهية والقرارات ونموذج قوانين من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو اليونسكو، أو منظمات أخرى، أو مسودة قواعد من لجنة القانون الدولى تعتمدها الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل القواعد المتعلقة بمسؤولية الدولة.

وتحدث البعض عن المبادرات المتعلقة بالرد، وهذا أمر جيد وجيد، ولكن الشيطان يكمن فى التفاصيل، وعلينا كمحامين أن نحاول فرز جزء من هذه التفاصيل لتسهيل إعادة التراث الثقافى إلى أصله والنص علىه.

وتابعت السفيرة: من المناسب رفع مستوى الوعى بالآليات القائمة لمساعدة الدول قانونيًا فى الدعوة إلى استعادة تراثها الثقافى، وكذلك تقنيًا من خلال تدريب خبرائها على تحديد أصالة القطع التى قد تكون تم تكرارها، علاوة على ذلك، فإن العلاقة بين الهجرة وتغير المناخ والتراث الثقافى تتطلب المزيد من البحث والقواعد الممكنة لتوجيه الحفاظ على التراث الثقافى للمهاجرين.

وأضافت، نحن ندخل فى الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف كوب 28، لن أفوّت الإشارة إلى التحديات التى نواجهها فيما يتعلق بتأثيرات تغير المناخ على التراث الثقافى، فضلاً عن الصراعات التى نشاهدها بإستمرار فى القارة وفى أفريقيا.

وفى أماكن أخرى، نحتاج إلى أساليب مبتكرة لحماية هذا التراث باستخدام التقدم التكنولوجى، الذى يأخذنى إلى نقطة أكثر صلة بالموضوع فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الرقمية.

كما نحتاج أيضًا، إلى تحديد أفضل السبل التى يمكننا من خلالها استخدام التقدم التكنولوجى من أجل حماية المتاحف أولاً، وقياس التأثيرات السلبية على التراث الثقافى بسبب التغيرات المناخية وقياس القيمة الاقتصادية للتراث الثقافى.

وأضافت السفيرة، فى ظل إلى الثغرات القانونية من الأهمية القصوى اليوم اعتماد قواعد لوضع معايير لاستخدام الذكاء الاصطناعى فيما يتعلق بالتراث الثقافى، مؤكدة، أن أحد الاستخدامات الجيدة للتقدم التكنولوجى هو إنشاء متاحف افتراضية وآخر لإنشاء نسخ متماثلة ثلاثية الأبعاد والتى ستمكن من إنشاء نفس تجربة المواقع المغلقة أو القطع المعادة، وهذا سيكون سهلاً إذا كان كل ذلك فى دولة واحدة، أما إذا كان الأمر يتعلق بقطعة مستردة انتقلت من دولة إلى أخرى، يتطلب التعاون والموافقة لإنشاء نسخ طبق الأصل أو إنشاء متاحف افتراضية، والتحدى الآخر عندما يتعلق الأمر بالنسخ المتماثلة للتراث الثقافى المنقول مثل اللوحات والقطع الفنية الصغيرة، يمكن أن يثير الكثير من الارتباك وسيتطلب دائمًا خبراء فى نوع القطعة الفنية ومراحلها التاريخية لتحديد أصالتها، وهو أمر مهم أيضًا يتطلب التنظيم.

وقالت: فى حالة الاسترداد هناك حاجة إلى مزيد من التعاون لضمان عرض القطع فى مرافق آمنة، لأن هذا لا يمكن أن يكون ذريعة لعدم الاسترداد، وفى حالات النزاع، يمكن لليونسكو أن تلعب دورًا رئيسيًا فى حماية التراث من خلال نقله، عندما يكون ذلك ممكنًا، إلى مكان آمن وإعادته إلى مكانه الأصلى بمجرد استعادة السلام.

وأعلنت السفيرة، أن هناك أمر آخر يتبادر إلى الذهن فيما يتعلق بالتراث الثقافى والسكان الأصليين وهو حقوق الملكية الفكرية وكيف يمكن للقانون الدولى أن يساعد فى حمايتهم، وأن العديد من الأدوية التى حصلت الآن على براءة اختراع من قبل شركات الأدوية الكبرى تنبع من التراث الثقافى الأصلى الذى يتم توليده من بيئتها، وهذا يتطلب الاهتمام وزيادة الوعى بالحقوق والالتزامات فيما يتعلق بهذا النوع من التراث الثقافى الذى يعد مسألة مشتركة بين القانون الدولى العام والخاص.

وتابعت: ما زلنا بحاجة إلى تحديد الثغرات القانونية فى النظام القانونى الحالى لمعالجة حماية التراث الثقافى واستعادته، كما ينبغى فى هذه المرحلة اتباع نهج أكثر واقعية يتم اعتماده للانتقال إلى تحديد الخطأ الذى يحدث وكيف يمكن معالجته.

وهذا ما فعله الاتحاد الأفريقى منذ عام 1976، حيث اعتمدت منظمة الوحدة الأفريقية الميثاق الثقافى لأفريقيا، الذى نص فى ديباجته على أن الدول مقتنعة أنه “من الضرورى إجراء جرد منهجى للتراث الثقافى، ولا سيما فى أفريقيا”، ونص على أن أحد أهداف الميثاق هو إعادة تأهيل التراث الثقافى الأفريقى وترميمه والحفاظ عليه وتعزيزه.

وتحدثت السفيرة أيضًا، عن حماية التراث الثقافى وعن الوسائل القانونية والعملية فى الصكوك الدولية واعتماد القوانين الوطنية لتنظيم حماية التراث المنقول واستعادته والأرشفة المناسبة للتراث الأفريقى، وعن دور اليونسكو.

وتم تكرار هذا النهج مرة أخرى مع اعتماد ميثاق النهضة الثقافية الأفريقية عام 2006 الذى حل محل الميثاق الثقافى لأفريقيا مع الإشارة إلى اعتماد الدول الأفريقية لورقة الموقف الأفريقى بشأن حالة التراث العالمى فى أفريقيا، ومقترح إنشاء صندوق التراث العالمى الأفريقى، فى جنوب أفريقيا التى سوف تستضيفه.

وأوضحت السفيرة، أنه لم يعتمد أى من هذه الصكوك الأفريقية تعريفاً محدداً لما يشكل التراث الثقافى، وهو أمر بالغ الأهمية لأن لدينا معانى مختلفة عما يقع تحت مظلته، وداخل الاتحاد الأفريقى أيضًا، لدينا قانون نموذجى تم الانتهاء منه عام 2021 بشأن حماية التراث الثقافى، وبعض الأولويات اليوم فى القارة تتعلق بإعادة الممتلكات الثقافية.

وقالت: عدت للتو من أكرا حيث عقدنا أول مؤتمر فيما يتعلق بتعويضات الحقبة الاستعمارية، ولم تكن مسألة استعادة التراث الثقافى غائبة عن المناقشات، كان يُنظر إليها على أنها إحدى وسائل الاسترداد، وإحدى النقاط المثيرة للاهتمام التى أثيرت، تتعلق بقيمة التراث الثقافى، بالنسبة لبعض قطع السكان الأصليين التى تم نقلها إلى متاحف دول شمال العالم واعتبرت ذات قيمة فنية، وهذه الأمور ليس لها قواعد قانونية حتى اليوم.

وحلقة النقاش حول “موضوع التراث الثقافى”، هى جزءًا من الذكرى السنوية الـ 150 لتأسيس رابطة القانون الدولى، والتى أعدتها مجموعة بارزة من الخبراء من مختلف البلدان، برئاسة البروفيسور كليمنتين بوريس فى تولوز.

وفى الندوة الأخيرة هذا العام عبر الإنترنت للجمعية الفرنسية للقانون -الفرع الفرنسى لرابطة القانون الدولى فى لندن- ركزت المناقشات “على الورقة البيضاء حول التراث الثقافى”، ومناقشة التحديات الإنسانية والبيئية والاقتصادية التى تواجه التراث الثقافى والتساؤل حول كيفية تعزيز النظام القانونى الحالى وإعادة التفكير فيه.

ترأس الندوة عبر الإنترنت، رولف إينار فايف، سفير النرويج السابق لدى الاتحاد الأوروبى وعضو لجنة القانون الدولى التابعة للأمم المتحدة.

وتحدث فيها كل من: د. كليمنتين بوريس، أستاذة فى جامعة تولوز 1 كابيتول، أسويد جارسيا ماركيز، المسؤولة القانونية فى مكتب المعايير الدولية والشؤون القانونية فى اليونسكو، ومارى كورنو، مدير الأبحاث CNRS المركز الوطنى للبحث العلمى (فرنسا)، إدوارد كواكوا، المدير العام المساعد للمنظمة العالمية للملكية الفكرية “wipo”، د. كيون جوان لى، أستاذ بجامعة سيول الوطنية وعضو لجنة القانون الدولى التابعة للأمم المتحدة، ليلى سوزان فارس، محامية حقوق الإنسان النرويجية وسياسية سابقة، وعضوة خبيرة سابقة فى آلية الخبراء التابعة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعوب الأصلية وجامعة سامى للعلوم التطبيقية، سامى ألاسكوفلا، عضو خبير سابق فى آلية خبراء الأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعوب الأصلية.

يذكر، أن جمعية القانون الدولى التى أنشئت عام 1925 فى باريس هى الفرع الفرنسى لرابطة القانون الدولى (ADI-ILA) فى لندن، والتى تتمتع بوضع المراقب بعد المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وتهدف L’ADI/ILA إلى التنمية التقدمية للقانون الدولى (فى أبعادها العامة والخاصة) عبر الدراسة والتدوين ومقترحات القانون المنشود، ومنذ إنشائها عام 1873 فى لندن، تجسد I’ADI/ILA وظيفة معيارية فى اقتراح الدول، وبشكل عام، المجتمع الدولى لمشاريع الاتفاقيات الدولية ونصوص الطبيعة الأخرى من أجل تحقيق تقدم فى القانون الدولى، وتنص قرارات اللجنة على أن تقارير اللجان ومجموعات العمل تهدف إلى التأثير على تطور القانون الدولى وإبلاغ المؤسسات المكلفة بالتنمية.

وتنضم الرابطة إلى 22 لجنة و60 مجموعة عمل دولية، وتضم أكثر من 4300 عضوًا فى 60 دولة، ويضم الفرع الفرنسى الجامعات والممارسين ممثلى الحكومات، والمنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية، والمحامين، والقضاة، والمحكمين، والمسؤولين القانونيين عن الشركات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »