نميرة نجم: الاحتلال الإسرائيلى قتل 15 ألف مدنى بعد 7 أكتوبر ومائة ألف فلسطينى قبلها

 

قالت السفيرة د. نميرة نجم مدير المرصد الأفريقى للهجرة بمنظمة الاتحاد الأفريقى، إن انخراط منظمة الاتحاد الأفريقى فى قضايا تقرير المصير وإنهاء الاستعمار وإنهاء الاحتلال لا يتوقف عند حدود أفريقيا، على الرغم من ولايتها الإقليمية، بل على العكس من ذلك يمتد إلى دعم النضال من أجل استقلال البلدان النامية الأخرى مثل مشاركتها التاريخية فى القضية الفلسطينية، وحتى مؤخراً فى المطالبة بوقف التطهير العرقى ضد السكان المدنيين فى فلسطين وإدانة جميع انتهاكات القانون الدولى الإنسانى ضد المدنيين فى كل من فلسطين وإسرائيل.

وهذا بالتأكيد شىء يريد المحامون الأفارقة استكشافه بشكل أكبر وكيف يلعب الاتحاد الأفريقى مثل هذا الدور على مستوى العالم.

وأضافت، إذا انتقلنا من السلام والأمن إلى التنمية، فإن قبول الاتحاد الأفريقى كجزء من مجموعة العشرين يشجع أيضًا المحامين الأفارقة على فهم الديناميكيات العالمية ودعم أن يلعب الاتحاد الأفريقى دورًا أوسع فى الشؤون الدولية للدفاع عن مصالح القارة، والتأكد من تطورها، ومشاركة الاتحاد الأفريقى فى صنع السياسات وصياغة قواعد القانون الدولى توفر إطارًا فريدًا لهؤلاء المهنيين القانونيين للمساهمة فى سرد مستقبل قانونى أفريقى موحد وممكن ومتميز.

جاء ذلك فى محاضرة للسفيرة تحت عنوان “النداء الفريد للاتحاد الأفريقى للمحامين الدوليين من أصل أفريقى” فى مؤتمر الاحتفال العشرينى لدورية مراجعة قانون المنظمات الدولية التى نظمها قسم القانون الأوروبى والدولى والمقارن بجامعة فيينا نوفمبر الجارى.

وأوضحت السفيرة، أنه استنادا إلى خبرتها الواسعة كقانونية دولية، والتى حظيت بها من خلال شرف العمل دبلوماسية بوزارة الخارحية المصرية، ومستشار قانونى للاتحاد الأفريقى لمدة خمس سنوات، تستطيع أن تؤكد أن الاتحاد الأفريقى يحظى بجاذبية فريدة من نوعها بالنسبة للمحامين الأفارقة، ليس فقط لالتزامه بإيجاد الحلول الأفريقية، ولكن أيضًا دور المنظمة التاريخى فى إنهاء الاستعمار، والنضال من أجل السيادة الأفريقية، فضلًا عن دورها الديناميكى فى التكامل الاقتصادى، وحقوق الإنسان، وحل النزاعات، والاعتراف بالقانون العرفى.

وأكدت، أنه فى حالة إنهاء الاستعمار والسيادة يتمتع الاتحاد الأفريقى بسياق تاريخى متأصل فى إنهاء الاستعمار فى أفريقيا، وقد يجد المحامون من أصل أفريقى أهمية فى العمل على وضع أطر قانونية تحمى وتعزز سيادة الدول الأفريقية، وتضمن أن أنظمتها القانونية ليست من بقايا الحكم الاستعمارى ولكنها تستجيب لاحتياجات وتطلعات الشعوب.

وأوضحت، أن مشاركة الاتحاد الأفريقى فى قضية أرخبيل تشاغوس واسترداد دولة موريشيوس له من الاستعمار البريطانى أمام محكمة العدل الدولية كانت مثيرة لاهتمام المحامين الأفارقة.

وقالت: كان من دواعى سرورها قيادة فريق الاتحاد الأفريقى كمستشار قانونى سابق للاتحاد الأفريقى وحرصت أن يكون الفريق من المحامين الأفارقة فقط، وأن التزامهم ومشاركتهم كانت استثنائية.

قدموا عملهم الفكرى للمنظمة، على أساس مجانى، على الرغم من الوقت الذى قضوه فى العمل على هذه القضية فى بلدانهم الأصلية، والواقع أن مشاركتهم كمحامين أفارقة مع الاتحاد الأفريقى ساعدتهم فى أن يصبحوا من واضعوا المعايير القانونية التى تردد روح التحرر وتقرير المصير والتمكين.

وأبرزت السفيرة، مشكلة الهجرة والنزوح الداخلى داخل وبين الدول الأفريقية وإلى خارج القارة بأسبابه المتعددة الناتجة عن أزمات الحروب الأهلية، والنزاعات بين الدول والانقلابات العسكرية، وغياب الحكم الرشيد والتداول الآمن للسلطة فى عدة دول والمشاكل الاقتصادية، بالإضافة إلى العوامل المستجدة من تطرف المناخ التى تؤدى إلى الكوارث الطبيعية الغير مسبوقة بالقارة.

وأشارت، إلى توجه المرصد الأفريقى للهجرة نحو مشروع دراسة القانونية مع القانونيين الأفارقة للآثار المترتبة على النتائج من زيادة المتوقعة فى انفجار أعداد الهجرة واللجوء، وأن أنشطة المرصد تقع ضمن اهتمامات المحامين من القارة لأنها تمس حقوق المهاجرين وحقوق الإنسان والقانون الدولى بشكل عام الذى يسمح بحرية تنقل للإنسان بغض النظر عن لونه أو عرقه أو جنسه.

وأضافت، أن المحامين بشكل عام متحمسون للسعى من أجل الحقوق، والمحامون الأفارقة فى القارة أو فى أى مكان آخر مهتمون باكتشاف ما يفعله الاتحاد الأفريقى للنضال من أجل الحقوق فى القارة ويطمحون إلى منظمة قوية تأخذ تنميتنا وفقًا لأجندة 2063 إلى مستوى آخر.

وسلطت السفيرة، الضوء بإسهاب على بعض الجوانب الرئيسية الأخرى التى تساهم فى تميز الاتحاد الأفريقى.

منها الحلول الأفريقية للمشاكل الإفريقية التى قد ينجذب المحامون الأفارقة إلى فكرة تشكيل الأطر القانونية ذات الصلة ثقافيًا وسياقيًا بالمجتمعات المتنوعة داخل أفريقيا.

وفى حقوق الإنسان والعدالة أشارت السفيرة إلى إهتمام المحامين الأفارقة بمتابعة عمل المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (AfCHPR) واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

وأضافت، أن أفريقيا تتمتع بنسيج غنى من القوانين العرفية وأنظمة العدالة التقليدى ويقدر المحامون الأفارقة اعتراف الاتحاد الأفريقى بأهمية دمج هذه الممارسات القانونية التقليدية فى الأطر القانونية الحديثة، ويعكس هذا الاعتراف فهمًا للتنوع الثقافى والتعددية القانونية الموجودة فى القارة، فكرة احترام التقاليد حتى عندما يتعلق الأمر بالقضاء هى فكرة مغرية لأنها تعزز بيئة قانونية تحترم التعددية المتأصلة فى النسيج الاجتماعى فى أفريقيا.

وأكدت السفيرة، أن التزام الاتحاد الأفريقى بالتكامل الاقتصادى، والذى يتجسد فى مبادرات مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، رؤية استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادى والتجارة والتعاون عبر القارة، وينجذب المحامون إلى التحدى المتمثل فى تطوير أطر قانونية تهدف إلى إنشاء سوق موحدة للسلع والخدمات فى القارة، ويريد المحامون المساهمة فى تطوير وتنفيذ هذه الصكوك القانونية، والمشاركة فى التفاوض بشأن معاهدات الاستثمار الثنائية بين الدول الأفريقية والمستثمرين الأجانب، ومعالجة قضايا مثل آليات حل النزاعات، وحماية الاستثمار، والتوازن بين السيادة الوطنية وحقوق المستثمرين، من أجل تقليل خسائر الدول الأفريقية الناجمة عن هذه الاتفاقيات.

وفى نهاية محاضرتها، قالت السفيرة: يرى المحامون وخاصة الأفارقة، أن العمل القانونى للاتحاد الأفريقى أصبح صوتًا مميزًا فى الخطاب القانونى الدولى، حيث يقدم حلولاً للتحديات التى تتوافق مع واقع الدول الأفريقية.

ومن ثم، فهم يريدون الانضمام كمهندسين لهذا المشهد القانونى الناشئ، والدعوة إلى الإصلاحات القانونية التى تتجاوز بقايا الاستعمار والتأكد من أن الأنظمة القانونية الحالية سريعة الاستجابة وشاملة وتحمى هوياتهم الوطنية، وأنه وحده الاتحاد الأفريقى يمكنه أن يقدم لهم هذه المنصة، ويدرك المحامون الأفارقة أن الاتحاد الأفريقى جزء لا يتجزأ من الدفاع عن تميز أفريقيا وصمودها، ومن ثم يصبحون سفراء العدالة والمدافعين عن تقرير المصير.

وردا على تساؤل من الحضور للسفيرة فى نقاش مفتوح بعد نهاية محاضرتها بشأن أسباب التزام أفريقيا الحياد فى الأزمة الأوكرانية بمقارنة الموقف الذى اتخذه الاتحاد الأفريقى دعما لفلسطين فى أزمة غزة الأخيرة، أشارت السفيرة إلى أنه مثلما تتخذ دول العالم مواقفها بناء على مصالح، أفريقيا قارة تبحث عن مصالحها، على الرغم من أن أزمة أوكرانيا بعيدة جغرافيا عن أفريقيا ولم تلعب دول القارة أى دور فى هذه الأزمة، إلا أنها أزمة تهدد الأمن الغذائى لأفريقيا لأنها حرب بين اثنين من أكبر مصدرى الحبوب فى العالم، مما أدى إلى زيارة عدد من الرؤساء الأفارقة وبرفقتهم موسى فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى إلى روسيا لضمان استمرار وصول الحبوب إلى القارة، فإتخاذ موقف يضر بمصلحة الأمن الغذائى للأفارقة يعنى أننا نتبنى آراء ومصالح دول أخرى، وهو أمر غير مقبول، أما عن فلسطين، فهى دولة حدودها مشتركة مع مصر، وما يحدث فى غزة من إبادة جماعية يؤثر مباشرة على أحد دول القارة، ومحاولة تهجير إسرائيل سكان غزة قسريا إلى سيناء لإنهاء القضية الفلسطينية ضد قواعد القانون الدولى.

بالإضافة إلى موقف الاتحاد الأفريقى ومن قبله منظمة الوحدة الأفريقية الثابت من القضية الفلسطينية بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وحماية المدنيين وإقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل وهى محل لقرارات سنوية من الاتحاد الافريقى، وبالتالى كان طبيعى أن يستمر الاتحاد فى ذات النهج خاصة.

ولنفس الأسباب رفض الاتحاد الأفريقى منح إسرائيل صفة عضو مراقب بالاتحاد، موضوع الاحتلال والاستعمار وإنهائه لا يزال أحد أهم أولويات الاتحاد، وهو أيضًا من أسباب دعم الاتحاد الكبير لموريشيوس فى الرأى الاستشارى أمام محكمة العدل الدولية بشأن إعادة جزر تشاغوس لسيادتها، ولا ننسى أن القارة الأفريقية هى أكثر قارات العالم معاناة من ويلات الاستعمار وعنصريته.

كما أن الاتحاد الأفريقى موقفه واضح، حيث أدان بيان رئيس المفوضية الهجوم على المدنيين من الجانبين ولكن ما نراه الآن من تدمير للمستشفيات والبنية التحتية وقتل الأطفال غير مسبوق فى التاريخ الحديث ومن غير المقبول الصمت بشأنه.

الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا بالقصف الإسرائيلى فى غزة فى زمن قياسى هو شهر ونصف فقط أكثر من 12 ضعف الأطفال الذين قتلوا فى أوكرانيا على مدى سنتين، أنها إبادة جماعية ومذبحة للأبرياء مستمرة بتأييد وتمويل أمريكى أوروبى مشترك.

وما حدث فى 7 أكتوبر كان ضد محتل يدعى أنه يدافع عن نفسه رغم أنه قتل 100 ألف مدنى فلسطينى على مدى 75 عاما قبل هذا التاريخ، وأضاف 15 ألف بعد هذا التاريخ، وفى شهر ونصف فقط وبقنابل محظورة دوليا.

هذا بخلاف المصابين والأسرى والمعتقلين والجرحى والمعاقين الفلسطينيين على مدى الصراع الفلسطينى ضد الاحتلال الإسرائيلى.

ومع ذلك يتبنى الغرب الرواية والرؤية الإسرائيلية أن “إسرائيل تدافع عن نفسها” رغم أن أرقام ضحايا الفلسطينيين المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ موثقة فى تقارير الأمم المتحدة للمذابح الإسرائيلية الجماعية المتكررة شهريا وسنويا ضد الشعب الفلسطينى منذ عام 48.

وردا على طرح آخر بإدخال مصر للمساعدات من رفح من جانب واحد كمسؤولية قانونية، أكدت السفيرة أن المسئول الأول على حماية المدنيين وتقديم المساعدة الإنسانية لهم هى دولة الاحتلال وفقًا للقانون الدولى، كما على دولة الاحتلال توفير أماكن آمنة للمدنيين إلا أنها تطلب منهم النزوح لجنوب القطاع ثم تضرب الجنوب والنازحين أيضًا فى الممرات التى أعلنت إنها آمنة من القصف، وهو أمر غير مقبول إنسانيا وقانونيا وضميريا، ويخرق القانون الدولى، والقانون الدولى والمؤسسات الدولية معطلة فى الحالة الاسرائيلية بل قيادات الأمم المتحدة ذاته تخضع للإرهاب.

وأضافت، أن المشكلة ليست فتح المعبر لإدخال المساعدات، الهلال الأحمر المصرى يصطف على الحدود بالمساعدات، إلا أنه لا يستطيع أن يتحرك نحو القطاع بدون وقف لإطلاق النار وقبول إسرائيل لدخوله، وإلا سيعرض حياة المصريين للخطر، وهو أمر يجب أن يتجنبه المسئولين، خاصة إذا تم استهداف هؤلاء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى، وبالتالى ربما يجر ذلك مصر للحرب وهو أمر يهدد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وإلى إندلاع مواجهات تكبد الجانبين الكثير من الموت و الدمار، ويزيد الموقف تعقيدا من إتساع وتفاقم من نطاق رقعة الحرب فى المنطقة وعدم الاستقرار فى المنطقة والعالم.

يذكر، أن السفيرة نميرة نجم عضو فى مجلس إدارة نشر دورية مراجعة قانون المنظمات الدولية “The International Organisation Law Review”.

وتعمل دورية مراجعة قانون المنظمات الدولية كمنتدى لمناقشة قواعد المنظمات الدولية المختلفة لكل من الأكاديميين والممارسين النشطين فى هذا التخصص، وتركز فى المراجعة على التطورات العامة والنظرية فى القانون المؤسسى الدولى، بينما توفر آراء الممارسين فى هذا المجال لتحديد ومناقشة التطورات القانونية داخل المنظمات الدولية القائمة، وتنشر مقالات متخصصة فى قوانين المنظمات الدولية ومجلس إدارة يضم رئيس التحرير البروفسير نيل بلوكر أستاذ القانون الدولى العام فى جامعة لايدن بهولندا، ونائب المستشار القانونى السابق لوزارة الخارجية الهولندى، والبروفسير ورمسيس ويسل رئيس قسم القانون الأوروبى والاقتصادى ونائب عميد كلية الحقوق جامعة جرونينجن فى هولندا، ومتخصصين فى قانون المنظمات الدولية بما فيهم العاملين فى مجال القانون الدولى والمنظمات الدولية، وتقوم دار بريل العالمية للنشر بنشر وتوزيع المجلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »