نميرة نجم: أمريكا تمول الإبادة الجماعية فى غزة ب 14.5 مليار دولار وإضرارها بالمناخ ب 17.5 مليون دولار فقط

 

قالت السفيرة د. نميرة نجم -مدير المرصد الأفريقى للهجرة بالإتحاد الأفريقى عام 2023 فى الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف COP 28، يسعدنا أن يتم تشغيل الصندوق الخسائر والأضرار لمساعدة الدول الأكثر تضرراً من تغير المناخ، نعتبرها خطوة إيجابية نحو تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين شمال العالم وجنوبه.

وأضافت، عام 2009 تعهدت الدول المتقدمة بالمساهمة ابتداء من عام 2020 بمبلغ 100 مليار دولار سنويا للدول الأقل ثراء المتضررة من الكوارث المتفاقمة الناجمة عن تغير المناخ، إلا أنها أجلت الوفاء بهذا التعهد إلى عام 2023، وتم التأكيد مرة أخرى على الجهود التى بدأت عام 2009 فى مؤتمر الأطراف الحادى والعشرين فى باريس عام 2015 للوصول إلى هدف 100 مليار دولار.

وبسبب التأخير المستمر، عندما قامت الدول الكبرى المسببة للانبعاثات COP 27 فى شرم الشيخ عام 2022 بإنشاء صندوق الخسائر والأضرار لدعم الدول النامية فى مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ.

وأكدت السفيرة، أن الصندوق مصمم لسد فجوات تمويل المناخ وجعل التحول إلى الاقتصاد الأخضر ميسور التكلفة، إلى جانب تحفيز الاستثمارات لتصل إلى 250 مليار دولار بحلول عام 2030، بهدف جعله أكبر صندوق استثمارى خاص يركز على حلول المناخ على مستوى العالم.

وقالت: إن حجم تعهدات الدول فى الصندوق وصل الآن فعليا إلى 550 مليون دولار، منها تعهدات من الإمارات بالمساهمة بمبلغ 100 مليون دولار، والاتحاد الأوروبى بمبلغ 245 مليون دولار، وبريطانيا بمبلغ 75 مليون دولار، واليابان بمبلغ 10 ملايين دولار، وإسبانيا بمبلغ 21.7 مليون دولار، وتحتاج أفريقيا إلى زيادة التمويل المخصص للتكيف مع تغير المناخ بمقدار عشرة أمثال التمويل الحالى، ليصل إلى 100 مليار دولار سنويا، لمساعدتها على دعم بنيتها التحتية، وتحسين أنظمة الإنذار المبكر بالطقس، وحماية زراعتها من تغير المناخ.

جاء ذلك فى كلمة السفيرة فى حلقة نقاش تحت عنوان “فهم العلاقة بين تغير المناخ والتنقل البشرى وأهمية المعرفة” الذى نظمها المرصد الأفريقى للهجرة فى مؤتمر المناخ COP 28 المنعقد فى دبى فى الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر.

وأضافت السفيرة فى كلمتها، أن الحكومة الفرنسية تعهدت بالإسهام بمبلغ 100 مليون دولار غير معفاة من الشروط فى صندوق الخسائر والأضرار، بينما الولايات المتحدة الأمريكية وهى ثانى أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية بنسبة حوالى 12%، وهى المتسببة فى ظاهرة الإحتباس الحرارى الذى يرفع من درجة حرارة الأرض تقول إنها تتعهد بدفع 17 مليون دولار ونصف فقط للصندوق، ولا يزال هذا التعهد الهزيل رهن انتظار موافقة الكونجرس الأمريكى، والتوصل إلى اتفاق بينه وبين الحكومة الأمريكية، مع التنبيه أن حكومة الولايات المتحدة تكرر أنها ستقوم بدفع هذا المبلغ ليس مقابل وعلى سبيل التعويضات عن الانبعاثات الحرارية التى تقوم بها وتدمر المناخ فى الدول الفقيرة، ولكن كنوع من التعاون للحد من آثار المناخ فيها.

وأكدت السفيرة، أن المبالغ المتعهد بها للصندوق الخسائر والأضرار تعتبر هزيلة للغاية، وربما تكفى لتمويل تشغيل الصندوق دون المشروعات والبرامج.

وقالت: إن الفجوة بين الأموال الممنوحة للصندوق ومقارنتها بقضايا أخرى يجعلنا متشائمين جدا، من محاولة التنصل من تدمير الحياة فى الدول الفقيرة بسبب كوارث التغييرات المناخية، إلى الإفراط فى المساهمة فى تدمير وقتل البشر المدنيين فى ذات الوقت، بينما تعهدت الولايات المتحدة بمبلغ 17.5 مليون دولار فقط لصندوق الخسائر والأضرار، تقوم حكومة الولايات الأمريكية فى نفس الوقت بحشد طاقتها وأعتمد الكونجرس الأمريكى تمويل أسلحة وعتاد وقنابل ومساعدات عسكرية متنوعة للاحتلال الإسرائيلى فى حرب إبادة جماعية لقتل أطفال ونساء ومدنيين فى غزة بتمويل قدره 14.5 مليار دولار، وبينما تعهدت ألمانيا بمساهمة بمبلغ 109 ملايين دولار فى صندوق الخسائر والأضرار، فإنها تمول إسرائيل لقتل المدنيين الفلسطنيين بمبلغ 323 مليون دولار، وهذا يجعلنا نشك فيما إذا كان العالم جادا فى مكافحة تغير المناخ، بعد أن أصبحت الدول الكبرى تفضل أن تكرس جهودها وأموالها فى تمويل حروب لقتل الأطفال وإرتكاب جرائم ضد البشرية والتهجير القسرى وتعطيل القانون الدولى مع الأخذ فى الإعتبار من ناحية أخرى أن رصد تكاليف تنظيم وإعداد ومشاركة 70 ألف مشترك فى مؤتمر COP 28 ربما تفوق بأضعاف مجموع المبالغ المتعهد بها حتى الآن للمساهمة فى إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، ويصعب تمرير أن يكون أحد الأهداف الرئاسية للمنتج النهائى للمؤتمر الذى طال إنتظاره أقل من تكاليف إقامة المؤتمر ذاته، ويسوق أن تفعيل الصندوق نجاحا فى حد ذاته، أعتقد من وحى الالتزام والضمير والمسئولية أن الدول الفقيرة التى تعانى من تبعات كوارث التغيير المناخى التى تحاصرها والتى لم تسبب فيه تنتظر وتتوقع وتتطلع منا أكثر من ذلك؟

وأضافت السفيرة، إذا انتقلنا إلى التنفيذ من ناحية أخرى، فإن غالبية الدول تريد آلية مستقلة لإدارة الصندوق الخسائر والأضرار، ولكن انتهى بنا الأمر إلى قيام البنك الدولى بإدارة الأمر مؤقتًا مع كل الصعوبات التى تواجهها الدول بالفعل فى تلقى الأموال من البنك الدولى وسيطرة الدول الكبرى على الإدارة فيه.

والأسوأ من ذلك أن رئيس مجموعة البنك الدولى أجاى بانجا أكد أن أياً من الدول لم تقدم حتى الآن مساهمات كافية للصندوق، وأن المبالغ المتعهد بها لا تكفى أن يتعامل بها البنك الدولى للغرض من الصندوق.

وأوضحت السفيرة، أن البنك الأفريقى للتنمية أعلن أن القارة السمراء تحتاج إلى نحو 2.7 تريليون دولار بحلول سنة 2030 لتمويل احتياجاتها المتعلقة بمواجهة تحديات تغير المناخ، وتشهد إفريقيا ارتفاعاً فى درجات الحرارة بمعدل أسرع من بقية أنحاء الكوكب، وتعانى من كوارث مناخية أشد خطورة مثل الجفاف، بسبب تغير المناخ، ما يزيد خطر الصراع على الموارد فى القارة والنزوح الداخلى واللجوء والهجرة للشمال الغنى، وتشهد منطقة القرن الإفريقى فى الوقت الراهن أسوأ موجة جفاف منذ 4 عقود على الأقل، كما تتعرض جنوب شرق إفريقيا بانتظام للأعاصير والأمطار الغزيرة والفيضانات القادمة من جنوب إفريقيا إلى أوغندا ونيجيريا العام الماضى.

وقالت: عندما نتحدث عن تغير المناخ، من المهم التأكد من وضع الوجه الإنسانى فى الاعتبار فى قلب مناقشاتنا، وبدون البيانات والمعرفة، لن نكون قادرين على توقع الأضرار التى ستحدث بسبب الكوارث الطبيعية وكيف يمكننا التخطيط لتقليل الخسائر البشرية والتعامل مع النزوح واللجوء والهجرة المتوقعة والأرقام تتوقع أن تصل إلى 120 مليون من أفريقيا بحلول عام 2050.

وأكدت، أن أفريقيا قارة شابة، وعلى الدول الغنية أن تستوعب ذلك وأن تسعى إلى مساعدة الدول الأفريقية لخلق فرص عمل وتنمية وتحسين ظروفها الاقتصادية والصحية والتعليمية بالإضافة إلى تخفيف آثار التغيير المناخى فى ظل أهداف التنمية المستدامة حتى لا نرى أفواجا وطوفان من ملايين العابرين المهاجرين واللاجئيين من الجنوب إلى الشمال الأكثر ثراءا باحثا عن أوضاع إقتصادية وحياة مستقرة أفضل فى مغامرات محفوفة بالمخاطر وإزهاق متكرر للأرواح بمقابر فى أعماق البحار، ومزيد من انتهاكات لحقوق الإنسان، والإعادة القسرية للاجئين فى معسكرات اعتقال فى دول ثالثة مع تنامى ظاهرة الكراهية فى الغرب للمهاجرين واللاجئيين، وفى نفس الوقت ازدهار ورواج عصابات مافيا الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة، وبقدر ما نحتاج إلى التحول الأخضر، نحتاج إلى نهج يركز على الشعوب فى التعامل مع عواقب تغير المناخ، نحن بحاجة إلى تبنى وتنفيذ شعار COP 28 «نتحد ونعمل وننجز» بهدف التوصل إلى حلول تجعل المؤتمر بالفعل قمة حقيقية للتنفيذ وليس للتعهدات حسنة النوايا تفرغ من أهدافها.

وفى نهاية كلمتها، أوضحت السفيرة أن الإحصائيات تشير إلى أن 49% من البشر فى العالم ما زالوا لا يعلمون أو غير مجهزين أو مقتنعين بأن التغير المناخى يمثل أزمة كبيرة ويحتاج لإجراءات فورية للتعامل معه لخطورة هذه التغيرات على صحة كوكب الأرض مع القيود التى تفرض على حرية التنقل فيه وبالتالى على حياة البشر.

وأقترحت السفيرة، أن يناقش مؤتمر COP 28 تدريس مادة البيئة والمناخ فى المدارس كمادة أساسية فى شتى أنحاء العالم منذ الصغر، بهدف توعية الشباب والأجيال الجديدة بمخاطر التغيرات المناخية، على الحياة والصحة والهجرة وسبل العيش على كوكب الأرض، من أجل الحد من آثارها والتكيف معها، قائلة: “على الأجيال الجديدة أن يتعلموا إدراك كيفية التكيف للحفاظ على وجودهم ومصائرهم على الكوكب”.

وأكدت السفيرة، أن المباحثات الجارية حاليا خلال المؤتمر تشكل تحديا لصحة الأرض وإنذرات وتحذيرات بخطورة أوضاع التغييرات المناخية.

وأعربت، عن أملها أن يصل مفاوضى الدول والحكومات فى 28 COP إلى التوافق على عدم التباطؤ فى استعمال كلمة “التخلى” عن الوقود الأحفورى المسبب للانبعاثات الحرارية التى تدمر المناخ والحياة على كوكب الأرض فى بيانهم الختامى بالمؤتمر بدلا من مصطلح “الخفض”.

وقالت: بغض النظر عن حجم التمويل، هناك بوادر إيجابية فى صندوق المخاطر والأضرار ينص على تخصيص جزءا من موارده تحت رعاية منظمة الهجرة العالمية لمواجهة آثار التغيير المناخى وتأثيره على التنقل والهجرة المناخية، كما أننا الآن لدينا صندوق تمويل للخسائر والأضرار مفعل ويمكن رفع إسهامات الدول الكبرى مستقبلا ولو بضغوط إذا صدقت النوايا.

بينما أشارت رانيا شرشر -مدير تنسيق السلام والتنمية فى المنظمة الدولية للهجرة بجنيف فى كلمتها، إلى أنه من الضرورى عدم إسقاط العائدين والمرحلين من الإحصائيات الخاصة بالهجرة واللجوء، لأنه بدون خدمات تقدم لهم سيعودون للهجرة غير منظمة، أو لن يستقروا.

وأوضحت، أن كافة البيانات تشير إلى أن الجفاف فى بعض المناطق يقتضى أن تحفر آبار للزراعة حتى يمكن للمهاجرين العودة بدلا من تلقى مساعدات غير مستدامة، مضيفة، من الضرورى الاستماع إلى المتضررين من التغيرات المناخية لفهم احتياجاتهم ومن ثم معالجتها.

وقال كمال امكران -المستشار الخاص لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة للمناخ ومدير المركز العالمى للتنقل المناخى بالأمم المتحدة: إن المشكلة ليس فى وجود الأرقام الإحصائية للمهاجرين بسبب التغيير المناخى، ولكن كيفية توجيهها وتغيير المفاهيم بشأنها.

وأكدت راجنيدور إلين أرنادوتير -مدير مركز التنمية لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية ووزيرة الصناعة والتجارة السابقة فى إيسلندا، على عدم ترك أحد ممن تنساهم الإحصاءات ومن ثم لا يجدون نصيبهم من الخدمات، على غرار من نزحوا بالفعل داخليا أو خارجيا، ولا يزالون يعيشون فى ظروف صعبة وكذلك النساء المهاجرات اللاتى يواجهن صعوبات وعنف ضدهم يختلف عما يواجهه باقى المهاجرين.

أدارت حلقة النقاش، د. إيلينا سيما -أستاذ القانون الدولى العام فى جامعة جنيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »