ايموران… بكاء في الولادة وحزن عند الممات وما بينهما معاناة

هكذا استطاع الفيلم الأمازيغي إيموران أن يلخص واقع هذه الحياة بإمكانيات جد بسيطة، و حوارات شعرية وجدانية يغلب عليها طابع البساطة والدقة في الوصف.

الفيلم ناقش مسألة الغاية من الوجود في ظل المعاناة، وكيف لشخص محكوم بالشقاء منذ ولادته إلى وفاته “تافوكت”، أن يأتي إلى هذه الحياة، فحياته هاته خالية من أي مضمون أو معنى حقيقي سوى الحزن والبؤس، وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه هو التخفيف لحظيا من هذا الشقاء.

الفيلم ينهل بطريقة أو أخرى من الفلسفة الوجودية لشوبنهاور الذي يعتبر الشقاء والتعاسة هي جوهر الحياة، وحقيقة الوجود كله، كما أن وجود الإنسان، هو وجود كله شرور وأحزان.

أعتقد أن القدر يُتقن رسم لوحات سريالية لهذا الواقع، يتغزل بك منذ نعومة أظافرك، ويرسم أمامك حياة مثالية ملؤها الآمال والاحلام، لكي يتفنن في تدميرك لاحقا، والذي قام بدور “بنادم”، كان إحدى رسومات القدر، فإِرسال “بنادم” إلى “تافوكت” جعلها تحلم وخفف لحظيا من معاناتها، لكي يكون سقوطها ونهايتها فيما بعد، أكثر قسوة وأشد ألما، وهي ورغم ماقاسته من معاناة فلم تكن سوى تجسيداً للخيانة والغدر.

كما أن الحب والسعادة واللذة والرومانسية… عبارات غير موجودة وليس لها تعريف أو أصل محدد، سوى أنها وَهْم من خيال الانسان وهروب مؤقت من الواقع.

و لكي لا نُتهم بالخروج أو ما شابه ذلك ، فابن مسعود رضي الله عنه وهو من الصحابة الكبار ومن أعلم أهل الأمة بالقرآن، قال “ما من أحد من بر أو فاجر إلا و الموت خير له” هو لم يقلها عبثا بل لها معنى أعمق من ذلك، وهو أن حياة الإنسان هي حياة كلها حزن تعاسة وألم، والموت يأتي ليوقف معاناة الإنسان، فالإنسان يخاف الموت لكنه أرحم له، وهذا ما فهمته وطبقته تافوكت في النهاية.

اعتقد أن الحياة بكل تجلياتها بل الوجود ككل مجرد معاناة وآلام و كآبة، هو ليس اختيار بل هو قدر محتوم، وكل إنسان على علم بمصيره النهائي، فمصيره محدد منذ الأزل، وهذه هي العبثية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »