مظاهر شم النسيم فى سونو القديمة

 

عرفت أسوان فى اللغة المصرية القديمة باسم “سونو” بمعنى السوق حيث كانت منطقة تجارة، ومحطة للقوافل التجارية القادمة بين قارتى أفريقيا وأسيا، فأطلق عليها سونو أى السوق، وحرف الإغريق أسمها إلى ( سين ) ، ثم أطلق عليها الأقباط (وكلمة القبطى : ⲟⲩⲢⲉⲙ̀ⲛⲭⲏⲙⲓ ̀ⲛ̀Ⲭⲣⲏⲥⲧⲓ̀ⲁⲛⲟⲥ, , معناها الاساسى المصرى و هى تطلق على كل الشخص سكن حول النيل و وساهم فى الحضاره المصريه) القديمه سوان إلى أن جاء العرب فى القرن السادس الميلادى فنطقوها أسوان

شهدت مصر القديمة أعيادا دينية واجتماعية وزراعية، اختلطت شعائرها الاحتفالية بطقوس خاصة ميزتها عن سائر حضارات الشرق القديم، منها أعياد اندثرت لأسباب تاريخية ودينية، وأخرى كُتبت لها الحياة في ذاكرة المصريين حتى الآن كعيد شم النسيم، الذي يحتفل به المصريون منذ نحو 4700 عام.

فكلمة شم النسيم هي تحريف لكلمة “شمو” في اللغة الهيروغليفية القديمة، والتي ارتبطت عند المصريين القدماء بتاريخ خلق الأرض، حيث كان القدماء المصريون يعتقدون أن شم النسيم هو أيام الزمان وبداية الخلق، وبمرور الوقت تحورت كلمة شم في اللغة المصرية القديمة، الهيروغليفية، وهي نفس الكلمة التي أطلقها المصريون القدماء على فصل الصيف، وتحمل أيضا معنى “الحصاد”. وتحولت الكلمة إلى “شم” في اللغة القبطية، التي تعد مرحلة متأخرة من الكتابة المصرية القديمة، لكن بأحرف يونانية.

في حين يرى بعض المتخصصين في اللغة المصرية القديمة أن تسمية “شم النسيم” تنطوي على تركيب لغوي كامل في اللغة المصرية القديمة هو “شمو (حصاد)- ان (ال)- سم (نبات)”، في دلالة واضحة على عدم تحريف الاسم المصري الأصلي بإدخال كلمة “نسيم” العربية، التي يعرّفها المعجم بأنها “ريح لينة لا تحرك شجرا”، للإشارة إلى اعتدال الجو ومقدم فصل الربيع.

وإلى كلمة شم، ثم شم النسيم لارتباط فصل الربيع باعتدال الجو وتفتح الزهور. (اقض يومًا سعيدًا، وضع البخور والزيت الفاخر معا من أجل أنفك، وضع أكاليل اللوتس والزهور على صدرك، بينما زوجتك الرقيقة في قلبك جالسة إلى جوارك. فلتكن الأغاني والرقص أمامك، واطرح الهموم خلفك. لا تتذكر سوى الفرح، إلى أن يحلّ يوم الرسو في الأرض التي تحب الصمت.” هكذا جاء وصف يوم شم النسيم عند القدماء المصريين في مقتطف يطلق عليه “أناشيد الضارب على الجنك”، نقلا عن الترجمة الفرنسية التي قدمتها العالمة “كلير لالويت”، أستاذة الأدب المصري القديم بجامعة باريس.)

فكان الاحتفال يبدأ في الليلة الأولي التي تُسمى حاليا بليلة الرؤية، فيذهبون لأداء الصلاة في المعابد، وعند طلوع الشمس يبدأ العيد بمهرجان شعبي كبير، يشترك فيه كل طوائف الشعب، وقد أظهرت البرديات أهمية الأطعمة التي يتناولها المصريون في ذلك اليوم، ففي بردية الإله “بتاح”، كان البيض الملون يرمز إلى “خلق الحياة”، لذلك صورت الإله بتاح وهو يجلس على الأرض على هيئة بيضة، كما ورد في كتاب الموتى وأناشيد إخناتون، إنهم كانوا يكتبون علي البيض دعواتهم وأمانيهم في العام الجديد، ثم يضعونه في سلة مصنوعة من سعف النخيل، ويعلقونها بالشرفات وأغصان الشجر، لتتحقق أمانيهم.

وارتبط شم النسيم منذ عهد المصريين القدماء ببعض الأطعمة التي كان لها مدلول خاص عند المصريين القدماء، فكل طعام كان يرمز لهدف معين كالتالي:

الفسيخ
يعتبر من أشهر الأكلات المصرية التي تمتد للعهد المصرى القديم، وهو عبارة عن السمك البوري الذي يتم تمليحه وحفظه بعناية فائقة، وشاع استخدامه في عهد الأسرة الخامسة كوسيلة لتقديس نهر النيل وعطاياه، أما اليوم فهو يؤكل مع سمك الرنجة المدخن كتقليد ورمز لهذا العيد ولا يُمكن الاستغناء عنه.حتي أنه كان يصحبه في مقبرته لقدرته على تحمل رحلة الوصول إلى العالم الآخر، وكان السمك البوري والملوحة أفضل ما يصنعونه منه، ولقد وصف المؤرخ الإغريقي “هيرودوت” أن المصريون كانوا يحتفلون بشمس النسيم بأكل الفسيخ على ضفاف النيل، اعتقادا منهم أن النيل “شريان الحياة”، والوحيد القادر على القضاء على ثالوث الفقر والجهل والمرض.

البصل الأخضر
البصل الأخضر معروف بفوائده العظيمة للجسم وقدرته على تقوية جهاز المناعة، فكان يرمز عند قدماء المصريين للتمسك بالحياة وهزم الأمراض وعدم الاستسلام للموت، وكانوا يعلقونه في الشرفات وحول رقابهم وتحت وسائدهم بالإضافة لأكله.دخل البصل الأخضر ضمن مراسم الاحتفال بشم النسيم في عصر الأسرة السادسة، بعد أن أصيب أبن أحد الملوك بمدينة “منف” بغيبوبة مفاجأة، وداواه الكاهن الأكبر لمعبد آمون ببصلة، فاعتبره المصريون رمزا لصرف الشيطان، وجعلوه جزءا مهما من الاحتفال،

الخس والحمص
كما كان الخس أحد النباتات المقدسة عند المصريين القدماء وكان رمزًا لإله الخصوبة، فكانوا يدعون أن له قدرة على زيادة القدرة الجنسية، وهذا ما تم إثباته بالفعل خاصة زيت الخس لاحتوائه على فيتامين هـ بكثرة،كما أظهرت النقوش والرسوم على جدران المعابد، أن المصريون كانوا يقدمون “الخس” كقربان إلى الإله “مِن” إله التناسل، وأثبتت الدراسات الحديثة التي أجراها علماء التغذية في السويد أنه أفضل النباتات التي تمنح الخصوبة، لإحتوائه على فيتامين “هـ”، كما جاء في بردية “إبريس” أقدم البرديات الطبية في التاريخ، أن زيت

الخس كان يستعمل في علاج القرحة
أما الملانة أو نبات الحمص الأخضر، فقد كان دلالة على قدوم فصل الربيع، فامتلاء الثمرة كان يعني أن الربيع قد حل البيض الملون

يرمز استخدام البيض عند قدماء المصريين لخلق الحياة وانبعاثها من بين الجماد، فكانوا ينقشون أمنياتهم ودعواتهم عليه ثم يضعونه في سلال مصنوعة من السعف في الشرفات، كي يتبارك بنور المعبود (رع) عند شروقه ويحقق لهم ما يرغبون، أما اليوم فقد تطور نقش الأمنيات لمجرد رسوم وألوان وزخارف زاهية.

تلوين البيض
وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض؛ حيث يعتبر البيض الملون مظهراً من مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض “بيضة الشرق”.
وبدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع “شم النسيم”، مع بداية العيد المصرى القديم نفسه أو عيد الخلق حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة ، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد (اخناتون )، وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم عند الفراعنة.

أما فكرة نقش البيض وزخرفته، فقد ارتبطت بعقيدة قديمة أيضاً؛ إذ كان المصريون القدماء ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات ويجمعونه أو يعلقونه في أشجار الحدائق حتى تتلقى بركات نور الإله عند شروقه بحسب زعمهم، فيحقق دعاءهم ويبدأوا العيد بتبادل التحية “بدقة البيض”، وهي العادات التي ما زال أكثرها متوارثاً إلى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »