مثيولوجيا الحكاية الشعبية فى النوبة القديمة

الحكاية الشعبيه فى بلاد النوبه لا تصور واقعًا نوبيًا صرفاً، لكن أهالى النوبة القديمة كانوا يعتقدون فى السحر والجن والعوالم الغيبية، ويكثر فى الحكايات النوبية الخرافية عوالم المردة والأقزام والسحرة.
وعاشت الخرافة فى بلاد النوبة مدة طويلة لأسباب كثيرة، منها وجود مجموعة من الأهالى من مصلحتهم بقاء الخرافة حيث كانوا يدعون علاقتهم بسكان أعماق النهر والعوالم الغيبية.
وهناك السحرة الذين تقدم لهم القرابين ليواصلوا عملهم مثل فك عقدة وأزمة المرأة مع زوجها وضرتها، والمرضى النفسيين والمعتوهين فى القرية مما جعل ذووهم لهم منطقاً لإيوائهم، وهو اتصالهم بالقوى الغيبية، والحكاية الخرافية فى بلاد النوبة لها خاصية مميزة، وشخوصها غير مجسمة، والعنصر الزمنى مفقود.
ومن أمثلة الحكايات التى دخلت عليها الخرافة حكاية الرجل الذى ماتت زوجته فدعاه ابنه للزواج من جارتهم لتقوم على خدمته، وفى ليلة الزواج ترك الأبن البيت حتى لا يحدث ما يعكر الجو بسببه، ذهب لينام فى أرض مهجورة تسكنها الجن، واستأذن الجن فى المبيت معهم، فرحبوا به، وضع رأسه وغط فى نوم عميق.
واجتمع الجن للذهاب إلى حفل فى قصر السلطان، وحملوا الابن النائم معهم للقصر، وأدخلوه احدى حجرات النوم لينام بجوار بنت السلطان، وتستيقظ بنت السلطان فتجده بجانبها، وتعجب بجماله وشكله الوسيم، وتأخذه إلى الحمام، وتبدل ملابسه بالحرير، وتبادلت معه الخواتم الألماظ، وتزوجته على سنة الله ورسوله، ثم استغرقا فى النوم، وبعد انتهاء الحفل حملوا الابن وهو نائم، واستيقظ ليجد نفسه يلبس الحرير المرصع، وفى أصابعه خواتم قيمة وبجواره صرر النقود، ويرجع لأبيه ويغدق عليه بما حمل من خيرات، وذهب يبحث عن فتاة أحلامه.
أما بنت السلطان فحملت منه فى تلك الليلة، ووضعت حملها، وثار الشعب على السلطان وطردوه من القصر هو وابنته والطفل الرضيع بعد فشله فى اقناعهم بأن ابنته لم تحمل سفاحاً.
رآهم الابن يهيمون فى الطرقات فى حالة يرثى لها، وسأل من حوله عن حكايتهم، فعرف أنه السلطان وابنته فتاة أحلامه وطفله الرضيع، فتتبعهم وأعطى الفتاة الخاتم الذى أهدته إليه، وأدركت أنه فتاها وزوجها، وعاد الجميع للسلطنة وتولى الابن الملك، وانتهت الحكاية التى لا تصور الحياة الواقعية فى النوبة، لكنها مسّت جزءاً من معتقداتهم، وهو وجود الجن، والكائنات الأخرى التى تعيش فى عالم مواز لعالمهم.
أما الحكايات الشعبية العربية القديمة فهى ليست فى الأصل نوبية وكانت تروى حسب هوى الراوى ومدى استعداد المتلقى النوبى لقبولها وغالباً ما كانت تستهويه.