متحف النصر للفن المصرى الحديث ببورسعيد ضمن مبادرة “فرحانين بالمتحف الكبير .. ولسه متاحف مصر كتير”

أعلنت وزارة الثقافة عن دعوة موسَّعة للجمهور لزيارة متحف النصر للفن المصرى الحديث ببورسعيد، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، وذلك ضمن فعاليات مبادرة “فرحانين بالمتحف الكبير .. ولسه متاحف مصر كتير”، التى تُقام برعاية د. أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتهدف إلى التأكيد على أن الثراء المتحفى فى مصر لا يقتصر على القاهرة والجيزة، بل يمتد ليشمل كنوزًا فنية وتاريخية موزعة على مختلف المحافظات.
ومن بين هذه المتاحف يبرز متحف النصر للفن المصرى الحديث ببورسعيد كأحد أهم الصروح التى تمزج بين الفن والتاريخ، وتحول الذاكرة الوطنية إلى لوحات ومنحوتات تنطق بقصة مدينة لا تعرف الانكسار، فى هذا المتحف لا نرى الأعمال الفنية على الجدران فحسب، بل نشاهد الذاكرة الوطنية فى كل قطعة فنية.
موقع استثنائى .. ورمزية لا تُخطئها العين:
يقع متحف النصر فى قلب حى الشرق أحد أعرق أحياء بورسعيد فى شارع 23 يوليو، أسفل مسلة الشهداء أو النصب التذكارى المصمم على هيئة مسلة فرعونية تخليدًا لشهداء المدينة، وفى مقدمتهم أبطال العدوان الثلاثى عام 1956، ويمنح هذا الموقع المتحف رمزية خاصة، حيث يصبح الفن امتدادًا مباشرًا للتضحية، وتغدو اللوحات مرآة للتاريخ والعزة الوطنية.
نشأة المتحف .. من ذاكرة وطنية إلى حلم فنان:
ارتبطت نشأة متحف النصر للفن المصرى الحديث بالتاريخ المعاصر لمدينة بورسعيد، إذ تعود فكرته إلى ما بعد افتتاح مسلة الشهداء عام 1957، حيث صدر قرار باستغلال المساحة أسفلها لإنشاء متحف قومى يوثق تاريخ المدينة الباسلة.
وفى 23 ديسمبر 1959 افتتح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر المتحف فى عيد النصر، وسط احتفال شعبى مهيب حضره مختلف فئات المجتمع، وخصصت قاعاته آنذاك لعرض آثار العدوان الثلاثى على مصر، وصور كفاح شعب بورسعيد، ليُعرف فى تلك الفترة بإسم متحف ناصر 56.
وخلال سنوات حرب الاستنزاف أُغلق المتحف، ثم طلب إعادة النظر فى دوره بعد نصر أكتوبر المجيد وعودة الحياة إلى المدينة، ورغم ذلك ظل المتحف لسنوات دون تطوير شامل، حتى تقدم الفنان التشكيلى البورسعيدى عاطف زرمبة باقتراح تحويله إلى متحف للفن التشكيلى الحديث يضم لوحات وأقسامًا فنية متخصصة.
وبالفعل، أُعيد افتتاح المتحف رسميًا بإسم متحف النصر للفن المصرى الحديث فى 25 ديسمبر 1995، بحضور الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، والفنان أحمد نوار رئيس قطاع الفنون التشكيلية آنذاك، ليصبح أحد أبرز المؤسسات الثقافية بالمحافظة.
وخضع المتحف لاحقًا لعدة مراحل تطوير، كان أبرزها إعادة افتتاحه بعد تحديث نظم العرض والإضاءة والتأمين فى 22 أبريل 2013، ثم إضافة أقسام جديدة عام 2017.
مقتنيات فنية تحكى تاريخ وطن:
يضم متحف النصر العديد من الأعمال الفنية لكبار الفنانين المصريين فى مختلف مجالات الفن التشكيلى: النحت، التصوير، الرسم، الجرافيك، الخزف، الأعمال المركبة.
وتتعدد الموضوعات بين القضايا القومية، والحرب والسلام، والمقاومة الشعبية، لتتحول القاعات إلى كتاب بصرى مفتوح عن تاريخ مصر وبورسعيد.
ومن بين الفنانين المشاركين بأعمالهم: فاروق حسنى، أحمد نوار، السيد عبده سليم، مصطفى مهدى، مديحة متولى، وغيرهم من رواد الحركة التشكيلية المصرية.
الديوراما .. التاريخ فى مشاهد حيّة:
يمثل قسم الديوراما أحد أبرز عناصر الجذب بالمتحف، حيث يقدم مشاهد مجسدة لأحداث مفصلية فى تاريخ المدينة والوطن منها:
ـ ديوراما حفر قناة السويس وأول معول، ومشهد افتتاح القناة بمنصاته الثلاث (الملوك والأمراء، رجال الدين، شيوخ القبائل).
ـ ديوراما العدوان الثلاثى 1956 وآثاره ومرحلة التهجير عام 1967.
ـ مشهد بطولى لضرب المدمرة الإسرائيلية إيلات عام 1967 أمام شاطئ بورسعيد.
ـ ديوراما حرب أكتوبر 1973 وسقوط خط بارليف.
كما تضم القاعة الكبرى تماثيل مجسمة لأبطال المقاومة الشعبية، منهم: طاهر مسعد، على زنجير، محمد حمد الله، أحمد هلال (أبطال عملية خطف القائد البريطانى مور هاوس)، والبطل السيد عسران، والبطلتان علية الشطوى وزينب الكفراوى، والبطل محمد مهران، إلى جانب تمثال للقائد الشهيد الفريق عبد المنعم رياض فى مرحلة حرب الاستنزاف.
من الماضى إلى الحاضر .. مشروعات قومية وشهداء وطن:
لا يقتصر المتحف على توثيق الماضى البعيد، بل يمتد إلى الحاضر، من خلال جناح خاص بالمشروعات القومية الكبرى التى تحققت خلال الفترة الماضية، مثل: أنفاق 3 يونيو جنوب بورسعيد، كوبرى النصر المتحرك، المزارع السمكية شرق بورسعيد، مدينة سلام مصر، والمنطقة الصناعية شرق بورسعيد.
كما يضم جناحًا تذكاريًا يخلد شهداء بورسعيد من الجيش والشرطة والشعب منذ 1956 مرورًا بـ1967 و1973 وحتى عام 2011.
دور ثقافى ومجتمعى متواصل:
لا يكتفى متحف النصر بدور العرض، بل يساهم بفعالية فى الحياة الثقافية بمحافظة بورسعيد، من خلال: (إقامة ورش فنية للأطفال والشباب فى الرسم والنحت والخط العربى والخيامية، تنظيم ندوات وأمسيات موسيقية وأدبية مرتبطة بالمناسبات القومية، استضافة معارض لفنانى بورسعيد دون مقابل، مع دعم إعلامى وثقافى، …)، مما حول المتحف إلى منصة حقيقية لاكتشاف المواهب، وجسر يربط الأجيال بلغة الفن.
مواعيد الزيارة:
يستقبل المتحف زواره يوميًا من 9:30 صباحًا حتى 1:30 ظهرًا، ومن 5 مساءً حتى 9 مساءً، عدا يوم الإثنين.
العنوان: شارع 23 يوليو – ميدان المسلة بجوار ديوان عام محافظة بورسعيد.




