رأي عام : مقالة دكتورة / نادية مصطفي عبدالحكيم – القاهرة

 

 

إن انتشار مثل هذه الفيروسات وتحولها إلى أوبئة على هذا النحو، هو شيء ليس بالغريب أو الاستثنائي في عصر العولمة، فمنظّمة الصحة العالمية تستقبل سنويًّا الآلاف من البلاغات المبكرة عن أوبئة متفشية حول العالم ، كما أن الاقتصاد العالمي يتحمل تكلفة سنوية تتراوح بين 500 مليار دولار و570 مليار دولار بسبب الأوبئة ، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي، وهي القيمة التي تُمثّل نحو 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ، كما أنها تعادل التكلفة التي يتحملها العالم بسبب أزمة التغير المناخي كل عام ، ومن ثمّ فأن وباء كورونا المستجد ليس إلا وباءً جديدًا يُضاف إلى سجل الأوبئة العالمية لدى منظمة الصحة العالمية ، ويُرجّح أن تنحسر مخاطره على الاقتصاد العالمي قريبًا، ويمكن ذكر عدة ملاحظات ختامية على النحو التالى:

1.      تقول الصين إنها تمكنت من مواجهة الجائحة والتغلب عليها، غير أن انعدام الشفافية لدى الحكومة المركزية في الصين، يثير شكوكاً حول حقيقة الإعلانات المتتالية عن تراجع الإصابات، وما إذا كانت فعلية أو محاولة لإنقاذ البلاد من الانهيار ، الأمر الذي يبقي على حالة التشكيك من الدول الغربية بالإجراءات الصينية.

2.      أظهرت جائحة كورونا هشاشة الديموقراطيات الغربية الليبرالية وضعفها الهيكلي في ظل انتشار التيارات والشعبوية، من حيث ضعف اتخاذ تدابير لمواجهة انتشار الفيروس تحفظ صحة وسلامة أعداد كبيرة من البشر.

3.      من جانب آخر، لم تكن الفحوصات المعملية اللازمة لاكتشاف الإصابة بالفيروس متاحةً على نطاق واسع في وقت مبكر من اندلاع الأزمة، وعدم توفر استعدادات طبية مناسبة، مما أعاق القدرة على تحديد درجة انتشاره، ومنع المصابين به من التحرك ونشره على نطاق أوسع.

4.      قد تضافرت حالة عدم اليقين ، إضافةً إلى شيوع عدم الثقة في تعامل الحكومات مع الأزمة بما قد يكون له تداعياته على النظم السياسية؛ في خلق حالة من القلق الشديد ، أو حتى الفزع ، على مستوى الرأي العام عالميًّا، وقد ساهم في انتشارها كم كبير من المعلومات المغلوطة، والأخبار الزائفة ، ونظريات المؤامرة، والتوجهات العنصرية التي تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي.

5.      مع استبعاد أن تكون أزمة فيروس كورونا سببًا في تغييرات جذرية بالنظام الدولي الراهن؛ فإن في هذه الحالة، يتحدث الخبراء عن انقسام النظام العالمي إلى “مجالات نفوذ اقتصادي” في ظل السيطرة على الموارد الطبيعية واقتصاديات المعرفة والتكنولوجيا، يهيمن على كل منها إحدى القوى الكبرى ، وتتميز بكثافة العلاقات الاقتصادية والتجارية بداخلها، بينما تسود بينها لتفساد الحياة باكملها ..ومن هذا يتحول المجتمع الى توازنات مختلفة تماما عن السابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »