رأي عام بقلم : دكتورة/ نادية مصطفي عبد الحكيم: التوازن النفسي والعصبي في ظل ضغوط العصر ومنغصاته

استغرب واتعجب كيف يمكن للأسوياء من الناس في بلادنا ان يحافظوا علي توازنهم النفسي والعصبي والعقلي وسط هذا المناخ الكئيب والمحبط من الضغوط والمنغصات والمتاعب والتوترات والاستفزازات التي يعيشونها ويكتوون بتاثيراتها المدمرة في كافة مجالات حياتهم ؟

ما يطالعه الناس علي مدار اليوم من صحوهم الي نومهم من خلال الاعلام الذي يطل عليهم في بيوتهم وينغص عليهم حياتهم، ويوتر لهم اعصابهم، يلف ويدور في دائرة ضيقة واحدة لا يخرج عنها : اخبار منقولة من هنا وهناك هي الكآبة بعينها : اخبار عن صراعات، وحروب ، ودمار ، وازمات ، وارهاب وعنف وفوضي ، وانفجارات ، ومؤامرات ، وانتشار بمعدلات غير مسبوقة لاوبئة وفيروسات ، وسقوط دول وفشل حكومات ، وتخبط وارتباك وعدم استقرار ، وعالم ممزق يقف علي مفارق طرق لا يعرف الي اين تتجه به مسارات الاحداث….وتخمينات وتوقعات وتنبؤات لا تستند الي اساس……

هذا عن الخارج وما يستقبله الناس عنه ومنه ليل نهار ، اما عن ضغوط الداخل ومنغصاته ، فحدث ولا حرج : استغلال لا انساني ولا اخلاقي بلا حدود لمعاناة وظروف الناس ، فساد متمكن ومستشري رغم الحرب المعلنة عليه ، انتهازية متغلغلة نهمة لا تشبع ولا تقيم وزنا للصالح العام او لحرمة المال العام ، ادارة بيروقراطية روتينية معقدة تستفز الحجر فما بالنا بالبشر ، اعباء معيشية متضاعفة بسرعة وعلي نحو تصعب ملاحقته ومجاراته ، نفقات تعليم وعلاج فلكية لا مثيل لها حتي في اغني دول العالم بسبب غياب الضمير وانعدام الاخلاق وفقدان الشعور بالرحمة والانسانية ، وسائل تواصل اجتماعي يهرب اليها الناس ابتعادا عن واقعهم حولت المجتمع الذي كان معروفا فيما مضي بتماسكه وتكاتفه وتضامنه وترابطه ببعضه ، الي ملايين من الجزر متناهية الصغر المعزولة اجتماعيا ونفسيا عن بعضها، والتي افقدت المجتمع الكثير من سماته ومعالمه التي كان يفخر ويباهي بها،…. .

 

.. كل هذه المثيرات والمنغصات والاستفزازات لا يمكن ان تقود الانسان الا لنتيجة واحدة من ثلاث وهي : اما الاكتئاب والابتعاد والانرواء وهو ما يفسر السبب وراء كثرة الامراض النفسية التي شاعت في المجتمع ولم يكن له سابق عهد بها ، او مقاومة هذا الواقع بمحاولة عدم الاستسلام لضغوطه الفظيعة بما هو متاح من امكانات للتغلب علي ما امكن من صعوباته وتحدياته علي كثرتها ، او مسايرة هذا الواقع الصعب ومجاراته علي علاته حتي يقضي الله امرا كان مفعولا… وهذا علي حد ما اتصور هو حال الكثرة الغالبة من الناس ليس في بلادنا وحدنا وانما في معظم البلدان المجاورة لنا…..هذا هو احساسي الشخصي وقد اكون علي خطأ…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »