رأي عام: الحياة التي عشتها قبل كوفيد 19 ليست هي الحياة التي ستعيشها بعده و هذه هي القصة الكاملة

 

 

 

 

 

 

 

يعتمد العالم على توازنات، هذه التوازنات مبنية على ثوابت اقتصادية و تحالفات استراتيجية ( معقدة، لكن سوف نبسطها لك حتي تعرف ما ينتظرك )
الذين وضعوا تلك الثوابت الاقتصادية، لم يفكروا بجدية في واقعة بحجم جائحة كورونا( خليك مؤقتا بعيدا عن الماسونية و انهم يعرفون كل شيئ ويخططون لكل شيئ) . يعني البنوك المركزية لم تفكر انه سيأتي يوم و بسرعة البرق تتوقف عجلة الإقتصاد في جميع دول العالم في خلال اشهر معدودة و في نفس الوقت تقريبا وإلى اجل غير مسمى.
هاد السيناريو كان دائما مستبعد ومن الخيال العلمي، لأنه لم يكن له شبيه أبدا في التاريخ الحديث للعالم، لم يراه حتى في الحرب العالمية فكانت المصانع تعمل، و كانت دول مثل أمريكا غير متضررة… اما اليوم فالعالم متوقف..

ولكي تفهم وضعية الدول حاليا، فانها مثل وضع الأب الذي مرض له ابنه، واصبح يجري به عند كل الأطباء و يصرف يمينا و شمالا من الاحتياطي النقدي له و يتسلف و لا يفكر في النتائج، المهم يبرأ له ابنه وبعدين يدبرها مدبرها الحكيم

مجموعة هذه الدول التي تضررت كثيرا، ستكون مضطرة في هذه الشهور ان تقوم بما يلي:
اعفاء المواطنين من الضرائب المباشرة
إعفاء المواطنين من دفع فواتير الماء و الكهرباء
دفع رواتب شهرية لكل الافراد المتضررين من فقدان وظائفهم.
إعفاء الشركات و المقاولات الصغرى من الضرائب
تقديم حزمة من المساعدات المادية المباشرة و الغير مباشرة للشركات الكبرى المتضررة من إقفال الاسواق العالمية، لضمان عودتها بقوة للاسواق بعد انتهاء الازمة ( ليس حبا في الشركات الكبرى ولكن لتفادي الانهيار الذي سيتسبب في رفع معدلات البطالة في حالة وقوعه)
دفع تحفيزات للمواطنين الذين عملوا وقت الازمة ( رجال الأمن، الجنود، موظفي قطاع الصحة، عمال النظافة،…)
وهذا الامر يختلف (بطبيعة الحال حسب كل دولة) وسوف يدفع الدول النامية للاقتراض، والاقتراض يعني فوائد، وتنازلات سياسية،…
لن يتوقف تأثير هذه الجائحة عند هذا الحد، لأنه خلال هذه الاشهر تلقت التجارة العالمية ضربة موجعة، و كذلك نفس الحال في اسواق الاسهم اذ كانت الاحوال كارثية حتى في الدول المتقدمة، و هناك شركات ستعلن إفلاسها خاصة في قطاع الخدمات( الطيران، الفنادق، النقل،…) …
حتى الدول النفطية حاليا عندها نزيف حاد بسباب انهيار سوق البترول بسبب الحرب الغير مباشرة بين روسيا و السعودية ( الذين يحاربون بالوكالة لصالح جهات أخرى ).
ولكي تفهم التأثير طويل المدى لهذه الحرب نعطيك مثال:
الجزائر مثلا دولة نفطية تعنمد الموازنة العامة فيها بشكل كبير على عائدات النفط، و الموازنة العامة فيها تعتمد على توقعات النمو الاقتصادي مثلا توقع سعر برميل البترول هو 80 دولار و وتضرب عدد البراميل التي تنتجها سنويا لكي تحسب الايرادات المتوقعة ( هذا من باب التبسيط فقط)، لكن بعد انهيار سعر برميل البترول الذي وصل اليوم الي 25 دولار اصبحت هذه التوقعات غير صحيحة.
ونفس الشيئ ينطبق على معدلات نمو الاقتصاد العالمي. مثلا شركة سامسونغ تنتج هاتف Samsung 20 Ultra بداية من عام 2020 و وتتوقع بيع 2 مليون وحدة، بنسبة نمو قدرها 2% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، لكن بسبب كورونا الناس تبدلت أولوياتها ، الناس فقدوا وظائفهم ولم يعودوا يفكرون الا في احتياجاتهم الاساسية كيف يدبرونها.

الخلاصة ان الموازنة العامة للدول لعام 2020 انضربت ونفس الشيئ بالنسبة للشركات.
و للمعلومية، فلا يوجد دولة في العالم بدون استثناء لديها القدرة المالية أن تصرف على شعب بأكمله مدة سنة مما سيدفع الدول للاقتراض من البنك الدولي و صندوق النقد او الإعتماد على ( الصناديق السيادية ) .
و النتيجة أنه من بعد كورونا، سيبدا الحساب،

الركيزة الثانية في التوازن العالمي كانت هي التحالفات المبنية على المصالح المشتركة ( و هذه هي نقطة الضعف القاتلة في هذا النوع من التحالفات )، فمنطق المصالح المشتركة كان يعمل بجدارة، حتى جائت جائحة كورونا فغيرت قواعد اللعبة، اليوم لم يعد هناك مصالح مشتركة، لكن المصلحة الوحيدة هي إنقاذ الدولة مهما كلف الثمن.
سقط القناع عن كافة الدول و ظهر الوجه الحقيقي لها، تنكر الحلفاء بعضهم لبعض، و طغت قوانين الغاب على الديبلوماسية الانيقة و الحوار و التعايش. واصبحنا نسمع عن أمريكا تسرق شحنة الأقنعة في مطار تايوان كانت موجهة الي المانيا، و فرنسا تقوم بنفس الشيء مع دولة أوروبية أخرى، و أمريكا تعيد نفس العملية مع فرنسا…
ليخرج الرئيس الأمريكي بدون قناع، و يهدد العالم بدون استثناء و بطريقة مباشرة، أنه بلاده ستستعمل كل الأساليب لضمان حصولها على المعدات الطبية قبل كل دولة، و أنها ستستعمل القوة لضمان ذلك عند الحاجة…

دول الإتحاد الأوروبي تغلق حدودها في وجه إيطاليا و لا تقدم لها يد المساعدة في حين كانت إيطاليا العضو في الإتحاد الأوروبي أكثر الدول المتضررة في العالم. الأمر الذي أدي الي كراهية الإيطاليين لدول الإتحاد الاوروبي، و وأحرقوا رسميا اعلام الإتحاد الأوربي في المؤسسات العمومية. و نفس الشيئ حدث أيضا في دول أخرى مثل صربيا، حيث وجه الرئيس الصربي خطابا شكر فيه الصين واعتبرها الدولة الصديقة في الوقت الذي تخلي فيه الإتحاد الأوروبي عنه في عز الازمة….
الرئيس الصربي قال أن الإتحاد الأوروبي انتهازي و كيان استغلالي، بمعنى اخر، صاحب مصلحته، كانوا بالامس يضغطون علي صربيا حتي تشتري من عندهم الأسلحة و المنتجات ولا تشتري من عند الصين، لكن اليوم قلبوا لصربيا وجههم

يقول الخبراء أن الإتحاد الأوروبي سينهار قريبا، و أن إيطاليا ستكون ثاني دولة تغادر الإتحاد بعد بريطانيا، و هذا يدعم موقف الاحزاب اليمينية التي تطالب منذ سنوات بالخروج من الاتحاد الأوروبي. و مع هذا الانهيار تأثرت جميع الدول التي تتعامل مع الاتحاد الاوروبي.
هاد الأزمة بينت للناس المخدوعين، ان قواعد اللعبة ليس فيها أخلاق، و أن كل المبادئ و القيم الإنسانية التي تروج لها الدول العظمى، ما هي إلا واجهة لإخفاء الحقيقة، حقيقة الاستغلال و الانانية المفرطة. الدول الغربية ليست مثالية لا شعبا و لا حكومات، هم فقط خاضعين لقوانين، واذا انهارت القوانين يظهر الوجه الحقيقي.
فاسبانيا مثلا مات فيها الناس في دور المسنين بطريقة غير إنسانية حيت هرب المسئولين عن دور الرعاية وتركوا المسنيين حتي ماتو وخرجت رائحتهم وتدخل الجيش و فتح تحقيق.
وفي أوروبا شاهدنا مشاهد العنصرية ضد الصينيين( او اي شخص آسيوي لان كل شيئ عندهم عندهم صيني ) و هي نفس العنصرية تجاه المسلمين كلما وقع حادث إرهابي، يكون كل مسلم بالنسبة لهم إرهابي…

أيضا شاهدنا مشاهد عنصرية في قنوات غربية حيث طالب مذيع باجراء تجارب للقاح في افريقيا. و ايضا مذيع آخر نسى ان الميكروفون علي الهواء وقال على مشهد دفن ضحايا صينيين ” إنهم يدفنون البوكيمونات”
و أيضا رئيس دولة قال في تغريدة أنه تحدث مع منظمة الصحة العالمية بشأن إجراء إختبارات فإفريقيا….
هذا لا يعني أن كل الشعوب الغربية عندها هذا الفكر المريض، لكن هناك اغلبية كبيرة عندهم مبادئ و قيم إنسانية و ظلوا متشبثين بها حتى في الازمة. لكن الحكومات شيء آخر، فهي لا تؤمن بالمبادئ و القيم، إنما تؤمن بالمصلحة الشخصية، أنا و بعدي الطوفان.

الشرح يطول ولكن هذه هي الخلاصة:
– الإقتصاد العالمي سيدخل في ركود على الأقل حتى نهاية 2020
– الإتحاد الأوروبي ليس الشريك الأفضل ولا يجب أن نراهن عليه و نربط مصيرنا به.
– البحث عن تحالفات قوية ليست مبنية فقط على المصلحة المادية و الاستغلال من طرف واحد.
– دعم قطاع الصحة و التعليم و الصناعة.
إعطاء الأولوية لبناء شعب واعي ومثقف يعول عليه في أوقات الازمات.
إنشاء صندوق وطني للكوارث ( كورونا ليس آخر كارثة ستضرب العالم )
تشجيع ثقافة شراء المنتج الوطني.
– التركيز على الأمن الغذائي، حني نصل الي الاكنفاء الذاتي من الإنتاج محلي لكافة المواد الغذائية الأساسية. تخيل أن الحركة التجارية توقفت نماما ماذا يحدث لنا.
– تشجيع البحث العلمي خاصة في صناعة الأدوية و اللقاحات الأساسية.
– إعادة النظر الي منظومة الأخلاق و القيم وربطها بقيمنا الاصيلة الضاربة في اعماق الحضارة.
صدق او لا تصدق، جائحة كورونا هي مثال مخفف لكوارث بيولوجية يمكن أن تقع في العالم بسبب خطأ بشري، وليس هذا هو الخطر الوحيد، يجب توقع حروب عالمية وازمات اقتصادية عالمية، وليس هذا خيال علمي، ارجع بذاكرتك الي شهر أكتوبر سنة 2019 هل كنت تتوقع أزمة عالمية واغلاق الحدود وتوقف الخدمات في العالم كله

تخيل توقف الحركة التجارية بين الدول (بسبب حرب نووية، او فيروس آخر افتك من كورونا ينتقل عبر الهواء، و قاتل بنسبة 50 في المئة و معدي بنسبة 70 فالمئة ) كيف يكون حالنا ونحن نستورد الكثير كيف يكون حالنا في المولات والمراكز التجارية ؟…

نتمنى أن نستفيد من الدرس حكومة و شعبا، حيت الإمتحان الحقيقي يمكن أن بأتي في أي لحظة، و البقاء الأقوى…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »