حضارة النوبة بجنوب مصر ” النوبة الحضارة والتاريخ”

تقع أرض النوبة فيما بين ملتقى النيلين الأبيض والأزرق عند الخرطوم في الجنوب، والجندل الأول عند أسوان في الشمال، وبعد بناء السد العالي تغيرت جغرافية المنطقة، وتحولت تمامًا عند هذه النقطة الفاصلة والحاسمة في حياة النوبيين.

لماذا سميت بهذا الإسم ؟؟

البداية من كلمة «النوبة» التي تشير الوثائق إلى أن تسميتها مستمدة من الكلمة الهيروغليفية «نوب» وتعني «الذهب»، ويرجع أصل التسمية إلى عهد الفراعنة، عندما كانت هذه المنطقة تحتوي على العديد من مناجم الذهب في منطقة وادي العلاقي؛ لذلك سميت المنطقة في أغلب الخرائط المرسومة أيام الفراعنة بـ «بلاد النوبة»، ومنها أشتق اسم «النوبي» الذي يطلق على سكان هذه المنطقة.

أهل أسوان فى العادة هادئون ومسالمون، ولا يتوقع غدرهم أو خيانتهم بأى حال من الأحوال، وفى الإجمال نأمن جانبهم، وربما كانت تلك الصفات التى اشتهرت بها أسوان هى صفات النوبيين، فى العادة لطيفو المعشر يعيشون فى حالة سلم مع جيرانهم دائماً، وجيرانهم هم العربان، أو القبائل العربية، فعرفت النوبة قديما ببلاد الكنوز لما تحويه أرضها من مناجم ذهب وألماس والمعادن المتعددة وعرفت بمناجم “نوبيرية”، لم تتوقف كلمة الكنوز عند الذهب والألماس وحسب، فلم تكمن الثروات فى أعماق أرضها وفقط إنما سكنت وتغلغلت داخل قلوب سكانها، ليجود النيل الذى طالما غمر أرضها بصفة الكرم والسخاء على أبنائها وتجسد طبائعهم السامية صفة التضحية والشجاعة منذ مطلع التاريخ.

شهدت النوبة عبر تاريخها عدة ممالك منها «كرمة» التي سقطت على يد تحتمس الأول أحد ملوك الأسرة 18 الفرعونية، ومملكة «نبتة» التي اتسم ملوكها بالقوة وبسطوا نفوذهم من البحر المتوسط حتى بحر الغزال، وكانت إحدى الدول العظمى في ذلك الوقت مع دولة آشور الحربية في العراق، واصطدمت الدولتان على الأراضي المصرية 25 عامًا، وتغلب الآشوريين بفضل السلاح الحديدي عام 651 قبل الميلاد.

دخول الإسلام

لما فُتحت مصر، بعث عمرو بن العاص، عقبة بن نافع الفهرى إلى بلاد النوبة ليدعو أهلها إلى الإسلام، فلقى من أهل النوبة قتالاً شديداً، ورمى أهل النوبة المسلمين بالنَّبْل وكانوا فيه ذوى مهارة عالية فكثرت إصابات المسلمين، وفقد عدد منهم أعينهم، حتى أطلقوا على أهل النوبة رماة الحَدَقِِ لكثرة من أصيب من المسلمين، يومئذٍ، في عينه.

وتوالت محاولات المسلمين لدخول النوبة، لكنها استعصت على الفتح نحو عشر سنين. ثم كانت ولاية عبد الله بن سعد بن أبي سرح لمصر في عهد الخليفة الراشد الثالث، عثمان بن عفان فغزا النوبة وقاتل أهلها، حتى سألوه الصلح والموادعة، فأجابهم إلى هدنة اتُفِقَ فيها على أن يدفع أهل النوبة إلى المسلمين، ويدفع المسلمون إلى أهل النوبة، أموالاً متقابلة في كل سنة، وكان هذا الصلح في رمضان سنة 31 هـ وبه دخل الإسلام النوبة، فلم يمض إلا زمن قليل ليسلم أهل النوبة كلهم، وكان صلح عبد الله بن سعد بن أبي سرح مع أهلها فتحاً حقيقياً أبقى من كل قتال سبقه بين النوبة وبين المسلمين.

وقد روى أن المسلمين لم يروا قوما أشد في الحرب من أهل النوبة، ولا أمهر منهم في الرمى. قال أحد المقاتلين في حصار النوبة في زمن عمر بن الخطاب: «لقد رأيت أحدهم يقول للمسلم أين تحب أن أضع سهمى منك؟ فربما عبث الفتى منا (أى من المسلمين) فقال في مكان كذا، فلا يخطئه النوبى».

وأورد العلامة محمد حميد الله الحيدر آبادي نص المعاهدة بين عبد الله بن أبي سرح وبين أهل النوبة في كتابه “مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوى والخلافة الراشدة”، ومما جاء في هذه المعاهدة تحديد مساحة النوبة وأنها من جنوب أسوان إلى أرض علوة، وأن الأمان والهدنة يجريان بينهم وبين المسلمين ممن جاورهم من أهل صعيد مصر، وغيرهم من المسلمين وأهل الذمة، وأنهم آمنون بأمان الله وأمان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لا يحاربهم المسلمون ولا يُعِدُّون لحربهم ولا يَغْزُونَهُم، وأن لكل من الفريقين أن يدخل بلد الآخر دون أن يقيم فيها، وأن على أهل النوبة حفظ من نزل بلدهم أو مر به من مسلم أو معاهد حتى يخرج عنهم، وعليهم أن يحفظوا المسجد الذى أنشأه المسلمون في مدينتهم ولا يمنعوا منه مصلياً (وهو مسجد أنشأه بعض من كان يمر ببلاد النوبة للتجارة وغيرها في غير أوقات الحرب بينهم وبين المسلمين، واتخذ مع الوقت مقرا لكل من يدخل من المسلمين بلاد النوبة). ثم ذكرت الوثيقة الأموال التى يتبادلها الطرفان في أثناء سريان هذه الهدنة.

والأصل أن الهدنة مؤقتة وأنها قابلة للتجديد، لكن التاريخ لا يحدثنا بشىء عن تجديد العهد مع أهل النوبة، إذ إن الزمن لم يَطُلْ بهم حتى دخلوا في الإسلام جميعا.

والثابت أن المسلمين صالحوا أهل النوبة على غير جزية، وإنما على هدايا يتبادلها الفريقان، بقيم متساوية، في كل عام.

قبل بناء السد العالي، قُسمت النوبة إلى ثلاث مناطق، أولها: النوبة العليا من ملتقى النيلين وحتى دنقلا، وثانيها: النوبة الوسطى من دنقلا إلى حلفا، وثالثها: النوبة السفلى من وادي حلفا إلى أسوان.

تقسيم ما بعد بناء السد العالي

أما بعد بناء السد العالي انقسم النوبيون لنوعين – حسب التصنيفات الحكومية لكل من حكومتي مصر والسودان – «نوبي مصري ونوبي سوداني» في أول تفرقة حقيقية للنوبيين، حيث توجه كل النوبيين السودانيين إلى السودان، وتوجه النوبيون المصريون إلى مصر.

وتوالت التفرقات بعد ذلك، وهنا انقسمت النوبة إلى ألف منطقة موزعة في مصر والسودان، حيث تم توطين النوبيين السودانيين في مناطق «وادي حلفا الجديدة وفي خشم القربة»، وتم توطين النوبيين المصريين في «كوم أمبو وإسنا».

طريقتهم في العلاج

للنوبيين طرقهم الطبية الخاصة، فيستخدم النوبيون أسلوب العلاج بالطمر في الرمال الساخنة أثناء سطوع الشمس؛ للعلاج من التهابات المفاصل وتنشيط الدورة الدموية، حيث يشرف على العلاج شيوخ متخصصون في هذا الجزء من العلاج الطبيعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »