اليوم ذكرى ميلاد الشهيد الرئيس ياسر عرفات

 

يصادف اليوم الرابع من آب، ذكرى ميلاد الشهيد القائد ياسر عرفات (أبو عمار)، الذى ولد فى مثل هذا اليوم من العام 1929.

أبصر محمد ياسر عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسين، النور فى مدينة القدس المحتلة فى الرابع من آب، وهو واحد من بين سبعة أشقاء وشقيقات، وشاء القدر أن يفقد والدته زهوة أبو السعود، وهو فى سن الخامسة، وانتقل للعيش مع والده فى القاهرة، والتحق بإحدى المدارس الخاصة عام 1937.

لم يعش عرفات، طفولته وشبابه كسائر أقرانه وزملائه، فقد كانت اهتماماته تختلف عنهم، وكان مولعاً بالسياسة، والشؤون العسكرية.

شارك فى تهريب الأسلحة والذخيرة من مصر إلى الثوار فى فلسطين، وفى عام 1948 قاتل ضد العصابات الصهيونية ليعين بعدها ضابط استخبارات فى “جيش الجهاد المقدس” الذى أسّسه عبد القادر الحسينى، ويلتحق عقبها بكلية الهندسة فى جامعة فؤاد الأول، المعروفة حاليا بجامعة القاهرة، ويؤسس “رابطة الطلاب الفلسطينيين” التى انتخب رئيسا لها عام 1950.

تخرج الشهيد عرفات فى الجامعة عام 1955، ليؤسس بعدها رابطة الخريجين الفلسطينيين، والتى كانت محط اهتمام كبير من الإعلام المصرى.

شارك الشهيد ياسر عرفات إلى جانب الجيش المصرى فى صد العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وعمل ضابطا احتياطيا فى وحدة الهندسة فى بورسعيد.

وفى أواخر عام 1957، سافر الشهيد ياسر عرفات مع عدد من رفاق دربه ومنهم الشهيد خليل الوزير “أبو جهاد” إلى الكويت للعمل مهندساً، لكنه أولى معظم وقته وجهده للأنشطة السياسية، وحمل هم القضية الفلسطينية، وشهدت تلك المرحلة تأسيس خلية ثورية أطلق عليها اسم حركة التحرير الوطنى الفلسطينى “فتح”.

كما عمل فى تلك الفترة على إصدار مجلة “فلسطيننا- نداء الحياة” والتى تحمل الهم الفلسطينى، وبقى على اتصال دائم بالقيادات العربية للاعتراف بالحركة ودعمها وإكسابها الصفة الشرعية إلى أن تكللت محاولاته بالنجاح، مع افتتاح أول مكتب للحركة عام 1963، وبعدها بعام أسس المكتب الثانى فى دمشق، وشارك فى المؤتمر التأسيسى لمنظمة التحرير الفلسطينية فى القدس عام 1964 كممثل عن الفلسطينيين فى الكويت.

أطلق الشهيد عرفات مع رفاق دربه فى “فتح” الكفاح المسلح بتاريخ 31 كانون الأول من عام 1964، من خلال تنفيذ أولى العمليات العسكرية وعرفت بـ”عملية نفق عيلبون”، وتمكن من دخول الأرض المحتلة تموز 1967، بعد شهر على سقوطها بيد الاحتلال عبر نهر الأردن، ليشرف بنفسه على عمليات الكفاح المسلح ضد الاحتلال.

قاد عرفات الثورة الفلسطينية التى تصدت لقوات الاحتلال فى معركة الكرامة التى دارت رحاها فى بلدة الكرامة الأردنية عام 1968 ونجا خلالها من محاولة إسرائيلية لاغتياله، وقال عنها: إنها “شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل، ونقطة تحول فى التاريخ النضالى العربى، وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربى والدولى”.

عينت حركة “فتح” الشهيد ياسر عرفات متحدثا رسميا باسمها فى 14 نيسان 1968، وفى بداية شهر آب من العام ذاته عينته القائد العام للقوات المسلحة لحركة فتح “قوات العاصفة”.

عام 1969 انتخب رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وشارك فى القمة العربية الخامسة فى الرباط، وشهدت القمة للمرة الأولى وضع مقعد رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير فى الصف الأول أسوة برؤساء وقادة وملوك الدول العربية الأخرى، ومنحت المنظمة حق التصويت فى القمة.

بعد انتهاء الوجود الفلسطينى المسلح فى الأردن، انتقل عرفات إلى لبنان، وشارك بصفته رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة فى مؤتمر القمة الرابع لحركة عدم الانحياز الذى عقد فى الجزائر عام 1973، حينها قرر المؤتمر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني، وانتخب عرفات نائباً دائماً للرئيس فى حركة عدم الانحياز.

بعد أن كرس مكانة المنظمة ونالت الاعتراف من معظم الدول، ألقى خطابه التاريخى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 13 تشرين الثانى من عام 1974، حينما قال عبارته التاريخية فى ختام الخطاب: “جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون فى يدى، وبندقية الثائر فى يدى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدى”.

تعرض الشهيد ياسر عرفات لمحاولات اغتيال عدة، أبرزها عام 1981عندما أقدمت القوات الإسرائيلية على قصف مبنى مقر قيادته فى “الفاكهانى” ببيروت، والتى نتج عنها تدمير المبنى بالكامل، ويدفن تحت أنقاضه أكثر من 100 شهيد.

وفى بيروت أيضًا، حاصر جيش الاحتلال الإسرائيلى مكاتب منظمة التحرير والعديد من كوادر المقاومة على رأسهم الشهيد ياسر عرفات، طيلة 80 يوماً، أبدى خلالها صمودا ومقاومة وتصديا لم يسبق له مثيل، وبعد وساطات عربية ودولية خرج أبو عمار ورفاقه إلى تونس المقر الجديد لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية فى المنفى.

وهناك لاحقته إسرائيل قاصدة اغتياله، حيث قصفت 8 طائرات إسرائيلية مقر قيادته فى حمام الشط بتونس فى الأول من تشرين الأول 1985، ودمرته بالكامل.

أعلن ياسر عرفات من الجزائر فى 15 تشرين الثانى 1988، استقلال “دولة فلسطين” وعاصمتها القدس الشريف فى خطابة الشهير خلال الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطنى الفلسطينى.

في عام 1989 انتخبه المجلس المركزى الفلسطينى رئيساً لدولة فلسطين، وتزوج من سهى الطويل فى تونس، ورزق بابنته الوحيدة “زهوة”.

بعد 27 عاما عاد ياسر عرفات من المنفى لتحتضنه أرض الوطن، استهلها بزيارة إلى قطاع غزة، ومدينة أريحا وكان ذلك عام 1994 قبل عودته النهائية للاستقرار فى الوطن ليبدأ بعدها معركة بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية.

انتُخب عام 1996 رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية بحصوله على نحو 88% من أصوات الناخبين التى جرت للمرة الأولى فى الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس الشرقية.

بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 تعرض لحملة ممنهجة قادها ضده ارئيل شارون ووصمه بالإرهاب، وفى عام 2001 منعته إسرائيل من مغادرة رام الله وبدأت فعلياً فرض حصار عليه فيها.

حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلى أثناء اجتياح مدن الضفة عام 2002، ومن كانوا برفقته داخل مقره بالمقاطعة فى مدينة رام الله، وأطلق الجنود القذائف والرصاص التى طالت جميع أركان المبنى حتى وصل الرصاص إلى غرفته شخصيا، واستشهد أحد حراسه وأصيب آخرون بجروح، ولم ينسحبوا إلا بعد تفجير آخر مبنى فيها.

عاد الاحتلال لمهاجمة مقر الشهيد ياسر عرفات من جديد وقاموا باحتلال مبنى المقاطعة طيلة ستة أيام وشنوا عليه عمليات قصف بالمدفعية الثقيلة، ودعت حكومة الاحتلال إلى التخلص من عرفات، بقتله أو إبعاده أو سجنه وعزله.

عام 2004 تدهورت الحالة الصحية للشهيد ياسر عرفات وأعياه المرض، وقرر الأطباء نقله إلى فرنسا للعلاج، وأدخل إلى مستشفى بيرسى العسكرى، مع تزايد الحديث عن احتمال تعرضه للتسمم، وبقى فيه إلى أن استشهد فجر الخميس الحادى عشر من تشرين الثانى 2004.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »