الازدواجية الألمانية فى التعامل مع القضية الفلسطينية

 

أثار إعلان الحكومة الألمانية عزمها التدخل كطرف ثالث، فى مواجهة دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين عدة تساؤلات.

حيث رفضت الحكومة الألمانية بشدة الدعوى التى رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل واتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية فى غزة، محذرة من الاستغلال السياسى للتهمة.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت: إن تل أبيب تدافع عن نفسها بعد الهجوم اللاإنسانى الذى شنته حركة حماس التى تستهدف محو إسرائيل.

أثارت تلك الخطوة انتقادات ناميبيا، حيث ندد بيان صادر عن مكتب الرئيس بما سماه نية الإبادة الجماعية للدولة الإسرائيلية العنصرية ضد المدنيين الأبرياء فى غزة، واستشهد بتاريخ ألمانيا الاستعمارى فى الدولة.

وجاء فى البيان: على الأراضى الناميبية، ارتكبت ألمانيا أول إبادة جماعية فى القرن العشرين عامى 1904 و1908، التى راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشعب الناميبى فى ظروف غير إنسانية ووحشية للغاية.

وفق صحيفة تايمز أوف إسرائيل، تسمح هذه الخطوة لألمانيا بعرض حجتها الخاصة على المحكمة بأن إسرائيل لم تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية ولم ترتكب أو تنوى ارتكاب إبادة جماعية.

ووفقاً للصحيفة، بناء على ذلك لا يبدو أن هذه الخطوة تؤثر فى إجراءات القضية، أى جلسات الاستماع التى طلبت فيها جنوب إفريقيا أمراً قضائياً مؤقتاً من المحكمة يجبر إسرائيل على تنفيذ وقف إطلاق النار، والذى من المتوقع اتخاذ قرار بشأنه فى غضون شهر.

وحثت جنوب إفريقيا، القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بـتعليق فورى لعملياتها العسكرية فى قطاع غزة.

فى حين حثت ناميبيا كذلك، الحكومة الألمانية، على إعادة النظر فى قرارها بدعم إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

يذكر، أن اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ودون سائر الاتفاقيات الدولية الأخرى، تُرخص للدول غير الأعضاء بالاتفاقية أن تحذر حذو ألمانيا التى تدخلت بالفعل وفق إعلانها الرسمى للمحكمة فى الدعوى لصالح إسرائيل ضد الدولة المُدعية وهى جنوب أفريقيا، ويحق لجنوب أفريقيا الاعتراض رسمياً أمام المحكمة على تدخل ألمانيا كطرف خصم فى الدعوى، حيث أن محكمة العدل الدولية سيكون لها الكلمة العليا فى حسم مسألة قبول أو رفض التدخل الألمانى.

ويجب أن تستوفى ألمانيا أو أى دولة أخرى تتدخل فى أى قضية ماثلة أمام محكمة العدل الدولية، عددًا من الاعتبارات والعوامل القانونية والواقعية حتى يُقبل تدخلها فى الدعوى، ومن بينها:

-أن توضح هذه الدولة مدى المصلحة الحيوية من تدخلها فى الدعوى.

-أن تشير إلى مدى الضرر الجسيم الذى يمكن أن يلحق بها نتيجة رفع مثل هذه الدعوى وتحديدا دعوى إدعاء جنوب أفريقيا لإسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، والضرر الجسيم الذى يمكن أن يلحق بألمانيا نتيجة قبول محكمة العدل الدولية ولايتها القضائية للدعوى والفصل فيها.

-مدى أهمية وضرورة تدخل ألمانيا أو غيرها من الدول فى مثل هذه الدعاوى من أجل الحفاظ على النظام العام الدولى باعتبار أن تجريم فعل الإبادة الجماعية أو التحريض عليه أو محاولة ارتكابه وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية هو -قاعدة آمرة- من قواعد القانون الدولى التى تهم حماية النظام العام الدولى، وتختلف عن القواعد -غير الآمرة- التى تهم حماية مصلحة أشخاص القانون الدولى أو بعضها.

يذكر، أن الدفاع الألمانى عن إسرائيل له مبررات تاريخية، وبالتالى يأتى تطوعهم للتدخل كطرف ثالث فى الدعوى التى تنظرها محكمة العدل الدولية كرسالة على استمرار الدعم الألمانى لإسرائيل المستمر منذ السابع من أكتوبر على كافة الأصعدة الدولية.

يتمثل هدف دخول ألمانيا على الخط فى هذه الدعوى فى حماية إسرائيل فى المحكمة، وإعطاء مزيد من الوقت قبل إصدار أى حكم قضائى دولى يُدين تل أبيب على ما تقوم به فى غزة.

حيث يمتلك اليهود نفوذ كبيرة فى ألمانيا التى تحاول تاريخياً إزالة وصمة ارتكاب المجازر النازية، وبالتالى يحاولون استغلال أى فرصة بالتعويض عن تلك الحقبة لليهود بشكل خاص، والإثبات على دعمهم أمام العالم أجمع.

تحتاج محكمة العدل الدولية إلى موافقة ثمانية من أصل 15 قاضياً لتحديد تهمة الإبادة الجماعية، وهو سيناريو غير محتمل إلى حد كبير.

ومن جهة أخرى، تعلن سفارة ألمانيا بالقاهرة دائما عن مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة مقدمة من ألمانيا، وهو الشىء الذى يدل على الإزدواجية فى التعامل مع القضية الفلسطينية.

وقامت السفارة الفترة الماضية باستعراض ما تقدمه من مساعدات، وذلك من خلال دعوة الإعلام المصرى لتغطية تسليم شحنة من هذه المساعدات إلى قطاع غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »