
عقدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) فعالية خاصة رفيعة المستوى لعرض المجلدات الجديدة لموسوعة تاريخ أفريقيا العام بمقر المنظمة فى باريس شملت كلمة للسفير عمرو الجويلى مدير مديرية منظمات المواطنين وأفارقة الشتات بمفوضية الاتحاد الأفريقى أعرب فيها عن تقديره لهذه المبادرة التى تهدف إلى الحفاظ على التراث الفكرى والثقافى لأفريقيا وتعزيزه ونشره، وتُجسّد القناعة المشتركة بأن المعرفة والثقافة والتاريخ ركائز لا غنى عنها للتنمية المستدامة والسلام والوحدة.
وأكد الجويلى، أن إطلاق اليونسكو للمجلدين الجديدين بعنوان “أفارقة الشتات” و”أفريقيا العالمية اليوم” يتماشى تمامًا مع الأولوية الحالية للاتحاد الأفريقى المتمثلة فى تعزيز التفاعل مع شتات القارة ومع المنحدرين من أصل أفريقى فى جميع أنحاء العالم ويتماشى مع عزم الاتحاد الأفريقى على استعادة ملكية السرد الأفريقى، وتصحيح التشوهات التاريخية، وتقديم ثراء الحضارات الأفريقية وتنوعها واستمراريتها للعالم، مبرزاً، أن أجندة الاتحاد الأفريقى 2063 تتطلع إلى أفريقيا ذات هوية ثقافية راسخة، وتراث مشترك، وقيم وأخلاق مشتركة، كما أن استراتيجية التعليم القارية لأفريقيا تُركّز على التعليم المتجذر فى الواقع الأفريقى والمستجيب لتطلعات شعوبها.
وأضاف، أن فكرة تشكيل السردية الأفريقية تقع أيضاً فى سياق موضوع عام 2025 للاتحاد الأفريقى حول “العدالة للأفارقة والسكان المنحدرين من أصل أفريقى من خلال التعويضات”، كاشفاً أنه جارى تنظيم فعاليات بعنوان “التعويضات والذاكرة والسيادة بغية استرداد الموارد التراثية”، ومن ثم فإن نشر هذين المجلدين الجديدين اللذين يركزان على “الشتات” و”أفريقيا العالمية” سيساهم أيضًا فى تحقيق التعويضات بالمعنى الواسع للكلمة.
وأبرزت مساعدة المدير العام لليونسكو للتربية ستيفانيا جيانينى دور الموسوعة فى إتاحة التعليم للجميع لمواجهة التحديات المعاصرة من خلال تمكين الأفارقة من فهم ماضيهم، وتقدير هوياتهم، وتشكيل سردياتهم الخاصة نحو مستقبل أكثر سلامًا واستدامة خاصة بوصولها إلى الشباب باعتبارهم أقوى عوامل التغيير إذا تم دمجها بشكل هادف فى أنظمة التعليم فى جميع أنحاء العالم.
وأضافت، أن الموسوعة تتضمن إرشادات عملية وقابلة للتكيف لدعم الدول فى دمج تاريخ أفريقيا وشتاتها فى بيئات التعلّم الرسمية وغير الرسمية بما يُعزز الدليل التربوى للمعلمين والمربين الذى يصدر قريبًا، لتطبيق المنهج الدراسى ونشره على نطاق واسع، باعتبار أن التعليم لا يقتصر على تدريس التاريخ فحسب، بل يشمل أيضًا إعادة تشكيل العقليات وتعزيز الحوار.
من جانبها، أوضحت ليديا بريتو المدير العام المساعد للعلوم الإنسانية والاجتماعية باليونسكو أن المنظمة أطلقت مشروع “تاريخ أفريقيا العام” الرائد عام 1964 لإعادة بناء التاريخ الأفريقى لتحريره من تشوهات تجارة الرقيق والاستعمار، واستعادة مكانته الصحيحة فى تاريخنا الإنسانى المُشترك.
وأكدت، أن هذا المشروع يُجسّد التزام اليونسكو بالعدالة المعرفية والتحول التعليمى من خلال مُواجهة الصور النمطية وإزالة الاستعمار من السرديات التاريخية.
ونوهت، إلى أن هذه الموارد تُدمج التاريخ كعلم وتجربة مُعاشة يكمُن فى جوهرها رؤيةٌ تحويليةٌ مُناهضةٌ للاستعمار للتعليم يجب أن تكون مُرتبطة بالسياق ومُوجّهة محليًا، داعياً إلى تقدير اللغات الأفريقية، ودمج المعرفة المحلية، والاستفادة من فلسفات أفريقيا الخاصة كمصادر للحكمة فى كيفية العيش المشترك.
كذلك، أشار السفير عمرو الجويلى إلى دور مركز الاتحاد الأفريقى للدراسات اللغوية والتاريخية من خلال التراث الشفوى (CELHTO)، ومقره نيامى، بجذور راسخة فى تاريخ مشروع التاريخ العام لأفريقيا من خلال جمع التراث الشفهى، وترجمة العديد من المجلدات إلى اللغات الأفريقية، والتعاون المستمر مع اليونسكو والشبكات العلمية الأفريقية للنهوض بهذا المشروع الفكرى الرائد وتعزيز الاستخدام التربوى لتاريخ أفريقيا العام فى النظم التعليمية للدول الأعضاء، بما يتماشى مع البند الخامس من أجندة 2063 المتمثل فى بناء أفريقيا ذات هوية ثقافية راسخة، وتراث مشترك، وقيم مشتركة.
ومن خلال شراكاته مع الجامعات ومؤسسات البحث لإعادة بناء الذاكرة والوعى التاريخى لأفريقيا – سواء فى القارة أو فى جميع أنحاء الشتات بهدف تعزيز الوعى التاريخى، والفخر الثقافى، ورؤية مشتركة لمستقبل أفريقيا.