الإمارات ومصر .. علاقات نموذجية 

 

تعد العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وشقيقتها جمهورية مصر العربية علاقات عربية نموذجية، حيث يوجد تنسيق مثالى بين البلدين الشقيقين فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.

وفى إطار التنسيق المستمر بين الإمارات ومصر، التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، قرابة 30 مرة منذ 7 يونيو 2014، آخرها، اليوم السبت، فى العاصمة الصينية بكين، وذلك على هامش حضورهما افتتاح دورة “بكين للألعاب الأولمبية الشتوية 2022″، أمس الجمعة.

ويعد لقاء بكين هو الثانى بين الزعيمين العربيين خلال 10 أيام فقط، ففى يوم الأربعاء 26 يناير 2022 التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فى العاصمة الإماراتية أبوظبى، فى زيارة تستهدف بحث العلاقات الثنائية، فضلا عن التشاور والتنسيق حول التطورات الأخيرة فى المنطقة.

وخلال الزيارة، أعرب الرئيس السيسى عن تضامن مصر حكومة وشعباً مع الإمارات بعد الحادث الإرهابى الأخير.

وأكد الرئيس السيسى، دعم مصر لكل ما تتخذه الإمارات من إجراءات للتعامل مع أى عمل إرهابى يستهدفها، مشددا، على إدانة مصر لأى عمل إرهابى تقترفه ميليشيا الحوثى لاستهداف أمن وسلامة الإمارات ومواطنيها.

“خصوصية العلاقات”

يعد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، القائد العربى الوحيد الذى حضر افتتاح وتدشين كل القواعد العسكرية المصرية الجديدة، بداية من مشاركته فى افتتاح قاعدة “محمد نجيب العسكرية” فى يوليو 2017، مروراً بمشاركته فى افتتاح قاعدة “برنيس” على البحر الأحمر فى يناير 2020، وحتى حضوره افتتاح قاعدة “3 يوليو” العملاقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يؤكد ويعكس قوة وخصوصية العلاقات المصرية – الإماراتية فى جميع المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية بعلاقات تاريخية وثيقة تستند على الوعى والفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية التى شهدتها وتشهدها المنطقة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة ترسخ الأمن العربى والإقليمى، وتحافظ على استدامة التنمية فى دولها.

ويحظى البلدان بحضور ومكانة دولية خاصة مع ما تتميز به سياستهما من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة فى مواجهة التحديات الإقليمية المرتبطة بإرساء السلام، ودعم جهود استقرار المنطقة، ومكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.

وترتبط الإمارات ومصر بعلاقات تاريخية أرسى دعائمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من خلال قناعة راسخة بمكانة مصر ودورها المحورى فى المنطقة.

ويرجع تاريخ العلاقات المصرية – الإماراتية إلى ما قبل العام 1971 الذى شهد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” الذى ترك وصية خاصة بمصر، قال فيها: “نهضة مصر نهضة للعرب كلهم .. وأوصيت أبنائى بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر .. وهذه وصيتى، أكررها لهم أمامكم، بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم .. إن مصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة”.

“دعم فى الحرب والبناء”

ولطالما وقفت الإمارات إلى جانب شقيقتها مصر فى الأوقات الصعبة منذ العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وفى أعقاب حرب يونيو 1967 سارع الشيخ زايد إلى مد يد العون لإزالة مخلفات العدوان الإسرائيلى، وصولا إلى مساهمته فى حرب أكتوبر 1973، واتخاذه قرار قطع النفط تضامنا مع مصر، بجانب تبرعه بـ100 مليون جنيه إسترلينى لمساعدة مصر وسوريا فى الحرب.

كما شارك الشيخ زايد، فى مرحلة بناء مصر والتى توجت بمدينة الشيخ زايد/ 9500 فدان/ التى أهداها لمصر عام 1995، بمنحة من صندوق أبوظبى للتنمية، كما توجد مدينة جديدة فى المنصورة تحمل اسم الشيخ زايد أيضًا، وفى 2010 تم الإنتهاء من مشروع قناة الشيخ زايد، لنقل مياه النيل إلى الأراضى الصحراوية فى منطقة توشكى، وفى مستشفى الشيخ زايد يعالج المصريون، ويتعلم أبناؤهم فى مدارس تحمل اسمه.

“قوة العرب”

فى المقابل كانت مصر من أوائل الدول التى دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وسارعت للاعتراف به فور إعلانه ودعمته دوليا وإقليميا كركيزة للأمن والاستقرار، وإضافة جديدة لقوة العرب.

ومنذ ذلك التاريخ استندت العلاقات الإماراتية – المصرية على أسس الشراكة الاستراتيجية بينهما لتحقيق مصالح الشعبين ومواجهة التحديات التى تشهدها المنطقة، وتعددت لقاءات قيادتى البلدين ومسؤوليها على كل المستويات للتنسيق حيال تلك التحديات، وفى عام 2008 تم التوقيع على مذكرتى تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارتى خارجية البلدين، نصت على أن يقوم الطرفان بعقد محادثات ومشاورات ثنائية بطريقة منتظمة لمناقشة جميع أوجه علاقتهما الثنائية وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومن أجل المزيد من التنسيق المشترك تم الاتفاق فى فبراير 2017 على تشكيل آلية تشاور سياسى ثنائية تجتمع كل 6 أشهر مرة على مستوى وزراء الخارجية والأخرى على مستوى كبار المسؤولين.

“تنسيق تام بين البلدين”

شهدت السنوات الماضية تنسيقا وثيقا بين البلدين على الصعيد السياسى خصوصا حيال القضايا الرئيسية على الصعيدين العربى والدولى، وتعددت لقاءات قيادتى البلدين ومسؤوليها للتنسيق حيال تلك المواقف، وهو ما أظهر نجاحا كبيرا في العديد من الملفات التى تحظى باهتمام الجانبين.

وتحتل الإمارات المركز الأول دوليا وعربيا من حيث الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر، والتى وصلت إلى نحو 6.663 مليار دولار عام 2018 مقارنة بنحو 6.513 مليار دولار عام 2017.

ووصل حجم التبادل التجارى بين البلدين فى الفترة من يناير وحتى أكتوبر من 2018 نحو 3 مليارات دولار، فيما بلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة فى مصر إلى 1065 شركة حتى مارس 2019 مقارنة بنحو 923 شركة عام 2017.

وتنظم العلاقات بين البلدين مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات ومن أبرزها: اتفاقية للتعاون العلمى والتقنى فى الميادين الزراعية، اتفاق تبادل تجارى وتعاون اقتصادى وتقنى وتشجيع وحماية الاستثمارات، اتفاق إنشاء لجنة عليا مشتركة بين البلدين، اتفاق تعاون مشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية واتحاد الغرف التجارية والصناعية بدولة الإمارات، اتفاقية للتعاون المشترك بين الاتحاد التعاونى الاستهلاكى بدولة الإمارات والاتحاد العام للتعاونيات فى مصر، اتفاق إنشاء مجلس الأعمال المصرى – الإماراتى المشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد غرف تجارة وصناعة أبوظبى اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، اتفاقية التعاون القانونى والقضائى، اتفاقية بشأن الخطوط الجوية، مذكرة تفاهم بين شركة أبوظبى لطاقة المستقبل والهيئة العامة للاستثمار.

“علاقات ثقافية وطيدة”

يشهد الجانب الثقافى على العلاقة الوطيدة والتآخى الحقيقى بين البلدين، إذ تتم سنويا زيارات ولقاءات متبادلة بين المثقفين المصريين والإماراتيين فى المؤتمرات الثقافية والعلمية والفنية التى يستضيفها البلدين.

وتعبيرا عن التقدير للدور الإماراتى الداعم لقطاع الثقافة فى مصر قدم الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى مايو 2015 قلادة الجمهورية، للشيخ د. سلطان بن محمد القاسمى – عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التى منحت له بموجب قرار جمهورى صادر فى 29 ديسمبر 2013، وذلك تقديرا لمواقفه الداعمة لقطاع الثقافة فى مصر وحرصه على إنشاء دار جديدة للوثائق القومية بمنطقة الفسطاط.

“تقدير إماراتى للأزهر الشريف”

يحظى الأزهر الشريف بتقدير إماراتى رسمى وشعبى، كمرجع دينى معتدل، وفى هذا الإطار جاء إعلان مركز جامع الشيخ زايد الكبير فى أبريل 2013 عن مبادرة لتمويل عدة مشروعات فى الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية تبلغ تكلفة إنشائها نحو 250 مليون درهم إماراتى.

وتضمنت المشروعات، ترميم مكتبة الأزهر الشريف وصيانتها وترميم مقتنياتها من المخطوطات والمطبوعات وترقيمها وتوفير أنظمة حماية وتعقب إلكترونى لمراقبتها وتعقبها والمحافظة عليها، وكذلك تمويل إنشاء 4 مبان سكنية لطلاب الأزهر بالقاهرة وتمويل أعمال تصميم إنشاء مكتبة جديدة على أحدث النظم المكتبية العالمية للأزهر الشريف تليق بمكانته وما تحويه مكتبته من نفائس المخطوطات والمطبوعات حـتى تستطيع مكتبة الأزهر الشريف القيام بالدور المنوط بها فى نشر الثقافة الإسلامية وإتاحة أوعيتها النادرة لطلاب العلم والباحثين وكى تكون مركزا عالميا للإشعاع الإسلامى والثقافى. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »