الأمين العام للأمم المتحدة: ينبغى على البلدان أن تتحد لتشكيل مسار جديد أكثر تفاؤلاً ومساواة

 

قال الأمين العام للأمم المتحدة – أنطونيو غوتيريش – أمام الجمعية العامة، إنه فى الوقت الذى يكون فيه “اليقين الوحيد هو المزيد من عدم اليقين”، ينبغى على البلدان أن تتحد لتشكيل مسار جديد أكثر تفاؤلاً ومساواة.
 
وأضاف، نواجه نيرانا عالمية على خمس جبهات “تتطلب التعبئة الكاملة لجميع البلدان”، وذلك فى إشارة إلى جائحة كوفيد-19 المستعرة، والنظام المالى العالمى المفلس أخلاقياً، وحالة الطوارئ المناخية، وغياب القانون فى الفضاء السيبرانى، وتراجع السلام والأمن.

وتابع غوتيريش: إن هذه التحديات تمثل فى جوهرها إخفاقات فى الحوكمة العالمية، حيث إن العديد من الأطر متعددة الأطراف اليوم أصبحت ببساطة قديمة ولم تعد مناسبة للغرض.

وشدد، على أن البلدان “يجب أن تدخل فى وضعية الطوارئ”، فالوقت قد حان للعمل حيث ستحدد الاستجابة النتائج العالمية لعقود قادمة.

“ناقوس الخطر الأول: الجائحة” 

قال غوتيريش: إن وقف انتشار فيروس كورونا يجب أن يكون على رأس جدول الأعمال فى كل مكان، داعيا البلدان إلى “الدخول فى وضعية الطوارئ فى معركة ضد كوفيد-19”. 

في الوقت نفسه، شدد على أنه لا يمكن استخدام الفيروس “كغطاء” لتقويض حقوق الإنسان، أو تقليص المساحة المدنية والحريات، أو فرض قيود غير متناسبة.

وأضاف، يجب أن ترتكز أعمالنا على العلم والفطرة السليمة، العلم واضح: اللقاحات تعمل، اللقاحات تنقذ الأرواح.

ومع ذلك، يستمر عدم المساواة فى اللقاحات على الرغم من الاستراتيجية العالمية لتلقيح 40% من جميع الناس بحلول نهاية العام الماضى، و 70% بحلول منتصف هذا العام.

معدلات الدول الغنية فى تطعيم ضد فيروس كورونا أعلى بسبع مرات من مثيلاتها فى قارة أفريقيا، مما يعنى أن القارة لن تصل إلى عتبة 70% حتى أغسطس 2024.

علاوة على ذلك، على الرغم من إنتاج 1.5 مليون جرعة شهريا، إلا أن التوزيع “غير متكافئ بشكل مخزٍ”، على حد قوله.

وصرح غوتيريش قائلاً: “بدلاً من انتشار الفيروس كالنار فى الهشيم، نحتاج إلى أن تنتش اللقاحات كالنار فى الهشيم”، وحث جميع البلدان والشركات المصنعة على إعطاء الأولوية للإمداد لمبادرة التضامن ضد الفيروس المعروفة باسم كوفاكس.

كما شدد، على الحاجة إلى مكافحة “طاعون” المعلومات الخاطئة عن اللقاحات، وتحسين التأهب للأوبئة فى المستقبل، بما فى ذلك من خلال تعزيز نفوذ منظمة الصحة العالمية.

“ناقوس الخطر الثانى: إصلاح التمويل العالمى”

لقد سلطت الجائحة الضوء أيضًا على فشل النظام المالى العالمى، والذى كان غوتيريش صريحا فى الحديث عنه بشكل خاص، قائلا: “دعونا نقول الأمر كما هو: النظام المالى العالمى مفلس أخلاقيا، إنه يحابى الأغنياء ويعاقب الفقراء”.

من المفترض أن يضمن النظام المالى الاستقرار من خلال دعم الاقتصادات من خلال الأسهم المالية، لكن الاستثمار غير المتوازن يؤدى إلى انتعاش غير متوازن للجائحة. 

تشهد البلدان الفقيرة أبطأ نمو لها منذ جيل، بينما تُحرم الدول ذات الدخل المتوسط من تخفيف عبء الديون على الرغم من ارتفاع مستويات الفقر. 

وأضاف، أن معظم فقراء العالم من النساء والفتيات، اللاتى يدفعن ثمناً باهظاً لدى فقدان الرعاية الصحية والتعليم والوظائف.

“التفاوتات بين الدول الغنية والفقيرة”

“أصبح الاختلاف بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية نظاميا – وهو وصفة لعدم الاستقرار والأزمات والهجرة القسرية”، حسب الأمين العام الذى أشار إلى أن “هذه الاختلالات ليست علة، لكنها سمة من سمات النظام المالى العالمى”.

منذ ظهور الجائحة، دعا الأمين العام إلى إصلاح النظام المالى العالمى لدعم البلدان النامية بشكل أفضل.

وتشمل الإجراءات التى أوصى بها إعادة توجيه حقوق السحب الخاصة – وهى نوع من الأصول الاحتياطية الأجنبية – إلى البلدان التى تحتاج إلى مساعدة الآن، ونظام ضريبى عالمى أكثر عدلاً، ومعالجة التدفقات المالية غير المشروعة.

“ناقوس الخطر الثالث: المناخ”

قال غوتيريش: ليس أمام البلدان خيار سوى الدخول فى “وضعية الطوارئ” ضد أزمة المناخ، مؤكدًا، أن العالم بعيد عن المسار الصحيح للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الصناعة، على النحو المبين فى اتفاق باريس بشأن تغير المناخ.

وأضاف، يجب خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45% بحلول نهاية العقد للوصول إلى الحياد الكربونى بحلول منتصف القرن، الأمر الذى يتطلب “سلسلة من الإجراءات” فى عام 2022.

وتابع: إنه يتعين على جميع الدول النامية والمتقدمة التى تعتبر من أكبر الدول التى تنتج انبعاثات أن تفعل المزيد وبسرعة أكبر، مع مراعاة المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة.

ودعا غوتيريش، إلى إنشاء تحالفات توفر الدعم المالى والتقنى للدول، وتشمل بعض أكبر الدول التى تنتج عنها الانبعاثات، والتى تحتاج إلى المساعدة فى الانتقال من طاقة الفحم إلى الطاقة المتجددة.

في الوقت نفسه، يجب على جميع الحكومات تعزيز مساهماتها المحددة وطنياً (NDCs)، وخطط عملها المناخية بموجب اتفاق باريس، إلى أن تحقق بشكل جماعي هدف خفض الانبعاثات بنسبة 45% كان غوتيريش واضحا فى قوله: “لا لمحطات فحم جديدة، لا للتوسع فى التنقيب عن النفط والغاز، حان الوقت الآن لطفرة استثمارية غير مسبوقة فى البنية التحتية للطاقة المتجددة، لتتضاعف ثلاث مرات لتصل إلى 5 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2030”.

علاوة على ذلك، يجب على الدول الأكثر ثراءً أن تفى بوعدها بتقديم 100 مليار دولار لتمويل المناخ للبلدان النامية  بدءا من هذا العام.

“العمل والإلهام”

العمل على التكيف مع المناخ هو أيضًا أولوية ملحة، فى مؤتمر المناخ COP26 فى غلاسكو العام الماضى، التزمت البلدان بمضاعفة تمويل التكيف، من 20 مليار دولار. 

ووصف غوتيريش هذه الخطوة بأنها “خطوة أولى جيدة”، رغم أنها لا تزال صغيرة جدا، وقال: “يجب مراجعة أنظمة الوصول والأهلية للسماح للبلدان النامية بالحصول على التمويل الذى تحتاجه فى الوقت المحدد”.

وأقر غوتيريش، بأن الاستجابة المناخية تتطلب جهدا استثنائيا، مشيرًا، إلى الشباب كمصدر للإلهام.

وفى هذا السياق، قال لممثلى الدول الأعضاء فى الجمعية العامة: “كما هو الحال مع العديد من القضايا الأخرى، يقف الشباب فى الخطوط الأمامية للضغط من أجل التقدم، دعونا نرد على دعواتهم بالعمل”.

“ناقوس الخطر الرابع: التكنولوجيا والفضاء الإلكترونى”

بينما توفر التكنولوجيا إمكانيات غير عادية للبشرية، حذر غوتيريش من أن “الفوضى الرقمية المتزايدة تفيد القوى الأكثر تدميراً وتحرم الأشخاص العاديين من الفرص”.

وتحدث عن الحاجة إلى شبك ما يقرب من ثلاثة مليارات شخص بالإنترنت ما زالوا محرومين منها، ومعالجة المخاطر مثل إساءة استخدام البيانات والمعلومات المضللة والجرائم الإلكترونية.

وقال: “يتم استغلال معلوماتنا الشخصية للسيطرة علينا أو التلاعب بنا، وتغيير سلوكياتنا، وانتهاك حقوقنا الإنسانية، وتقويض المؤسسات الديمقراطية، اختياراتنا تُنتزع منا دون علمنا”.

ودعا غوتيريش، إلى وضع أطر تنظيمية قوية لتغيير نماذج الأعمال لشركات التواصل الاجتماعى التى “تستفيد من الخوارزميات التى تعطى الأولوية للإدمان والغضب والقلق على حساب السلامة العامة”.

واقترح إنشاء ميثاق رقمى عالمى يجمع الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى للاتفاق على المبادئ الأساسية التى يقوم عليها التعاون الرقمى العالمى.

اقتراح آخر هو وضع مدونة سلوك عالمية لإنهاء جائحة المعلومات المضللة والحرب على العلم، وتعزيز النزاهة فى المعلومات العامة، بما فى ذلك عبر الإنترنت.

كما شجع البلدان على تكثيف العمل على حظر الأسلحة الفتاكة المستقلة، أو “الروبوتات القاتلة”، والبدء فى النظر فى أطر حوكمة جديدة للتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا العصبية.

“ناقوس الخطر الخامس: تراجع السلام والأمن”

فى الوقت الذى يواجه فيه العالم الآن أكبر عدد من النزاعات العنيفة منذ عام 1945، هناك حاجة ماسة للسلام.

وهنا مرة أخرى، يجب على البلدان أن تتصرف فى مواجهة تحديات مثل الاعتداء على حقوق الإنسان وسيادة القانون، تصاعد الشعبوية والعنصرية والتطرف، وتصاعد الأزمات الإنسانية التى يغذيها تغير المناخ.

وشدد غوتيريش، على التزام الأمم المتحدة بالسلام، وتعهد بألا يدخر جهدا فى حشد العمل الدولى فى العديد من المجالات فى جميع أنحاء العالم.

“أفغانستان”

فى أفغانستان، على سبيل المثال، الهدف هو تقديم الدعم للشعب، وضخ النقود لتجنب الانهيار الاقتصادى، وضمان الاحترام الكامل للقانون الدولى وحقوق الإنسان – خاصة للنساء والفتيات – ومكافحة الإرهاب بشكل فعال.

ودعا الأمين العام، إلى المثابرة فى جهودنا لمنع الصراع وحماية المدنيين وتوطيد السلام من غرب البلقان إلى القوقاز .. من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى قبرص إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية .. من العراق إلى شبه الجزيرة الكورية إلى لبنان .. من موزمبيق إلى الصومال .. من جنوب السودان إلى فنزويلا إلى الصحراء الغربية وما وراءها.

“القضية الفلسطينية”

وفيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، شجع الأمين العام الأطراف على الامتناع عن الخطوات الأحادية الجانب – بما فى ذلك التوسع الاستيطانى والعنف – للمساعدة فى إحياء عملية السلام وتمهيد الطريق لإنهاء الاحتلال وتحقيق حل قائم على وجود دولتين. 

“ليبيا”

فيما يتعلق بليبيا، دعا غوتيريش إلى تعزيز الحوار، ودعم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى أقرب وقت ممكن، والدفع من أجل انسحاب المقاتلين الأجانب المنسق. 

“السودان”

فيما يتعلق بالسودان، دعا إلى المساعدة فى تحقيق التطلعات الديمقراطية للشعب ودعم عملية سياسية شاملة داخل السودان.

“سوريا”

فيما يتعلق بسوريا، حث على المضى قدمًا فى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254، وإعادة عقد لجنة دستورية ذات مصداقية بقيادة سورية ومملوكة لسوريين وبتيسير من الأمم المتحدة، والإفراج عن المحتجزين، ومواصلة الجهود للوصول إلى جميع المحتاجين بالمساعدات الإنسانية.

“اليمن”

فيما يتعلق باليمن، شجع الأمين العام على العمل من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتوفير الوصول إلى البلاد واستئناف عملية سياسية شاملة لإنهاء الصراع الكارثى الذى دام سبع سنوات.
 
“وحدة مجلس الأمن”

مشددا على أن “هذا العالم صغير جدا بالنسبة للعديد من النقاط الساخنة”، دعا غوتيريش إلى مجلس أمن موحد للأمم المتحدة لمواجهة هذه التحديات. 

وقال: يجب إدارة الانقسامات الجيوسياسية لتجنب الفوضى فى جميع أنحاء العالم، مضيفًا، نحن بحاجة إلى تعظيم مجالات التعاون مع إنشاء آليات قوية لتجنب التصعيد.

حيث تعمل الأمم المتحدة أيضًا على ضمان أن تكون النساء فى قلب منع النزاعات وصنع السلام وبناء السلام، وأن يشاركن فى صنع القرار والوساطة فيما يتعلق بعمليات السلام. 

نظرا للعدد الهائل من النزاعات فى جميع أنحاء العالم، دعا الأمين العام إلى زيادة الاستثمار فى الوقاية وبناء السلام، مشددا، على الحاجة إلى أمم متحدة قوية وفعالة.

وتابع: إن المنظمة أحرزت تقدما كبيرا فى الإصلاح فى السنوات القليلة الماضية، وحث الدول الأعضاء على مواصلة الدعم، ولا سيما للميزانية السنوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »