استقلال أوكرانيا ومسارها الحضارى الأوروبى

 

تحتل الأعياد الوطنية مكانة خاصة فى التقويم الوطنى لكل شعب، حيث أنها ترمز إلى إنجاح تطلعاته الخالصة نحو تقرير المصير وتعكس الأحداث البارزة الفارقة فى تاريخ بناء الدولة الخاص به وتمثل مرحلة جديدة فى جهوده الرامية إلى تحقيق الرخاء والتنمية والتقدم.

وفقًا لبيان سفارة أوكرانيا بالقاهرة، تحتفل أوكرانيا بعيدها الوطنى فى 24 أغسطس كل عام، بعد أن استعادت استقلالها عام 1991، وتم التأكيد على إرادة شعبها فى الاستفتاء العام بأغلبية ساحقة (أكثر من 90%) من سكانها، ومن ثمّ اعترفت بها جميع دول العالم، وأقامت علاقات دبلوماسية مع كافة أعضاء المجتمع الدولى، بما فى ذلك مصر، ومنذ حوالى شهر احتفل شعب مصر بعيده القومى وثورة 23 يوليو، وهو اليوم الذى مهد لإعلان الجمهورية قبل 71 عاما، ولكن اختلفت ظروف الاحتفال فى أوكرانيا وللعام الثانى على التوالى بسبب الاعتداء الروسى على أراضيها.

منذ عام 2014، تعين على الأوكرانيين الكفاح من أجل استقلال بلادهم مرة أخرى بعد استيلاء روسيا على القرم وإشعال فتيل الحرب فى مناطقه الشرقية.

اختيار التحضر الأوروبى
خاض شعب أوكرانيا مثله مثل الشعب المصرى مسيرته للتحرر الوطنى بعد الحرب العالمية الأولى، عندما حصلت أوكرانيا مع شعوب أخرى بما فيها مصر على استقلالها لأول مرة من الإمبراطوريات السابقة، والتى استمرت لفترة قصيرة نحو 4 سنوات من 1917 إلى 1921

أسباب حقيقية للغزو
وبعد انتخابات عام 2004، التى تدخلت فيها روسيا علانية من أجل منع عملية التصويت النزيهة والشفافة، اندلعت الثورة البرتقالية السلمية.

ومنذ ذلك الحين، بدأت أوكرانيا حركة هادفة وعملية للتقارب مع أوروبا، والتى حققت على الفور نتائج إيجابية مهمة مثل تحسين مستوى معيشة الشعب الأوكرانى بشكل كبير والحصول على مساحة كبيرة من حرية التعبير وتقليص مستوى الفساد وإطلاق الإصلاحات السياسية والاقتصادية المهمة الأولى.

ومنذ ذلك الحين، انتقلت روسيا من استغلال وسائل القوة الناعمة إلى المواجهة المسلحة، كى تمنع أوكرانيا من ترك دائرة النفوذ الروسى.

ومن ثم كان الاحتلال غير القانونى لشبه جزيرة القرم عام 2014، والحرب فى المناطق الشرقية من دونباس، هى النتائج المباشرة لذلك.

وعلى الرغم من وجود هذه التحديات أعطى الشعب الأوكرانى الأفضلية للاندماج النشط مع أوروبا.

وبداية من مارس 2014 وقعت أوكرانيا اتفاقية بشأن العضوية المنتسبة فى الاتحاد الأوروبى، وعام 2016 دخل اتفاق أوكرانيا للانضمام لمنطقة التجارة الحرة العميقة والشاملة والموقع بينها وبين الاتحاد الأوروبى حيز التنفيذ.

وتم دمج أوكرانيا بالكامل فى الفضاء الاقتصادى للاتحاد الأوروبى، والذى على الرغم من الأعمال العدائية فى الشرق، جلب على الفور عددًا من النتائج الإيجابية من تطور الأعمال وزيادة إيرادات الميزانية وتم تنفيذ العديد من المشاريع المشتركة الناجحة مع أوروبا، وتحقق تحسن فى رفاهية السكان واستمرت التحولات نحو الديمقراطية بشكل متزايد على جميع المستويات، وتم تحديث تشريعات مكافحة الفساد، واعتماد معايير الاتحاد الأوروبى الأخرى.

وفى يونيو 2017 دخل نظام الإعفاء من التأشيرة مع الاتحاد الأوروبى حيز التنفيذ، وفى سبتمبر أصبحت أوكرانيا عضوا مشاركا فى الاتحاد الأوروبى.

وعام 2019 تم تحديد مسار الانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلنطى وأصبح الدستور الأوكرانى ينص على ذلك.

وعام 2021 تم التوقيع على اتفاقية مناطق طيران مشتركة بين كييف والاتحاد الأوروبى.

وعلى الرغم من الحرب الدائرة فى الشرق، نجحت أوكرانيا فى الوفاء بالإصلاحات الاقتصادية الهامة المطلوبة لعمليات الاندماج مع الاتحاد الأوروبى.

وزادت الاستثمارات، وتم تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية، وشهدت أوكرانيا طفرة فى البناء، وأصبح الإسكان الجيد فى متناول المواطنين العاديين وفى متناول الجميع، وارتفع مستوى الرفاه العام.

عام 2022 حصلت أوكرانيا على وضعية الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبى.

أهمية أوكرانيا لروسيا
إعادة التأكيد على مكانة روسيا كقوة عالمية عظمى.

استغلال أوكرانيا كأداة لممارسة النفوذ على بلدان أخرى واقعة فى وسط وشرق أوروبا ومطلة على البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط (بما فى ذلك استخدام القاعدة البحرية العسكرية فى القرم).

أوكرانيا كمصدر هام للسلع المعدنية والزراعية الاستراتيجية والأراضى الخصبة والموارد البشرية المؤهلة والمطلوبة لتسوية الأزمة الديموغرافية المتدهورة فى روسيا.

مخاوف من أن تصبح أوكرانيا جزءًا من الهياكل السياسية الأوروبية والغربية وتخرج من مجال النفوذ الروسى بشكل نهائى.

عدم رغبة وعدم كفاءة روسيا فى احترام الثقافة واللغة الأوكرانية المميزة أو الاعتراف بالأوكرانيين كأمة مستقلة تماما.

تتيح وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة إمكانية لمعرفة ومقارنة الوضع الحقيقى فى مختلف المناطق النائية من روسيا (بما فى ذلك مشاكل مرتبطة بعدم وجود أنظمة التدفئة بالغاز والطرق الوعرة ومعدلات البطالة العالية)، والتى تقدم للجمهور الأجنبى عددا قليلا من المدن فقط مثل موسكو وسانت بطرسبرغ وسوتشى باعتبارها واجهات العرض الرئيسية لها.

وعلى الرغم من قوة روسيا الكبيرة، لكن ما زال الشعب الأوكرانى يتصدى لها بكل شجاعة، ولديه رغبة فى الانضمام إلى حلف الناتو تمليها التأكيدات على حماية مقدراته من تغولات دولة الجوار العدوانية ورغبة أخرى فى الانضمام إلى البلدان التي لديها نفس القيم والقادرة على الدفاع عن نفسها كجبهة موحدة.

تختلف الاحتفالات باليوم الوطنى الأوكرانى هذا العام، حيث لا يزال الأوكرانيون يكافحون من أجل الحصول على استقلالهم الكامل مرة أخرى، ويشعرون بنفس شعور المصريين وقت الاحتلال ويفعلون كما فعل الشعب المصرى فى معركته العادلة لتحرير سيناء فى حرب أكتوبر.

وعلى الرغم من ذلك يواصل شعب أوكرانيا نضاله من أجل التخلص من التهديد القادم من الشرق والانضمام لصفوف الشعوب الحرة فى العالم التى تقرر مصيرها، الاستعمار ولى منذ زمن بعيد وعلى الجميع أن يفكر فى التغلب على التحديات الأخرى التى يواجهها العالم فى القرن الحادى والعشرين وليس فى محاربة الاستعمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »