وزير الخارجية المغربى: نحن بحاجة إلى صدمة كهربائية للتكامل

 

أكد وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة، مساء الإثنين، بالرباط أن الملك محمد السادس جعل من إفريقيا أولوية استراتيجية ثابتة فى سياسة المملكة الخارجية.

وأبرز بوريطة فى كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بيوم إفريقيا، الإيمان العميق للملك بأن مستقبل القارة لا يبنى إلا بسواعد أبنائها، وتعزيز التعاون الفعلى بين دولها، خدمة لشعوبها.

وشدد فى هذا السياق، على أهمية الموضوع الذى تم اختياره هذا العام للاحتفال بهذا اليوم، وهو الاندماج والتنمية فى إفريقيا: تسريع الربط والتعاون البينى الإفريقى، مشيرًا، إلى أنه يعكس رؤية الملك الذى أكد فى أكثر ما مناسبة أن مستقبل إفريقيا رهين بالتكامل والتعاون الحقيقيين بين دولها.

ومن هذا المنظور، اعتبر بوريطة أن هذا الشعار يحمل دعوة صريحة إلى التعبئة الشاملة والتحرك الفعلى من أجل ترسيخ الاندماج الإفريقى، وتحويل طموحات التنمية إلى واقع ملموس، عبر تعزيز الربط والتعاون الاقتصادى بين البلدان الأفريقية وشعوبها.

وأوضح بوريطة، أن الاحتفال بيوم إفريقيا يتجاوز البعد الرمزى ليشكل دعوة إلى العمل الجماعى والمسؤول من أجل توطيد الروابط بين بلدان القارة، والرفع من مستوى التعاون الاقتصادى البينى، بوصفهما ركيزتين أساسيتين لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

وأكد، أن المغرب لا يحتفل بإفريقيا يوما واحدا فى السنة، بل يحيى تطلعات إفريقيا ويستثمر فى إفريقيا ويؤمن بإفريقيا كل يوم، لافتًا، إلى أن إفريقيا تتقدم، وتعيد ابتكار ذاتها، وتفرض على العالم قراءة جديدة لها.

وأبرز فى السياق ذاته، تأكيد الملك على أن إفريقيا ليست ساحة تنافس، بل فضاء للتضامن والتعاون والنهوض المشترك، مبرزًا، ضرورة تعزيز سلاسل القيمة الإفريقية، وتحويل موارد القارة محليا.

وتابع بوريطة: نحن نمثل بالكاد 3% من التجارة العالمية، و17% فقط من تجارتنا البينية بين الدول الإفريقية، فى وقت تعانى فيه كل الدول الإفريقية من اعتماد مزمن على الواردات الغذائية والصناعية والدوائية.

وأكد، أن تغيير هذا الواقع لم يعد مسألة كبرياء بل أصبح مسألة بقاء، والعالم يتغير بسرعة أمام أعيننا ولن ينتظرنا، مضيفًا، نعم إفريقيا تتحرك، نعم هى تجذب وتبتكر، لكنها مطالبة اليوم بالإسراع، والترابط، وبناء روافع سيادية، وسلاسل قيمة متكاملة، وصناعات قادرة على تحويل موادها الأولية محليا.

وقال بوريطة: إن المغرب لا يدعى أنه يمتلك نموذجا معجزا، لكنه قام باختيار واضح يتمثل فى العمل، والثبات، والوفاء بالوعود، مشيرًا، إلى أن المملكة تتصرف كشريك طويل الأمد، فى وقت يرى فيه البعض الدول الإفريقية الشقيقة أسواقا يجب فتحها أو أصواتا يجب إخضاعها.

وأضاف، نحن لا ننظر للتضامن، بل نطبقه، لا نطلق وعودا، بل نبنى، لا نكتفى بالتجارة فقط، بل نستثمر.

وفى هذا الصدد، أشار بوريطة إلى سلسلة المبادرات المغربية تجاه القارة، منها تسليم اللقاحات للدول الإفريقية إبان الجائحة، والاستثمار فى البنى التحتية الطبية والتعليمية والفلاحية والطاقية، بالإضافة إلى المشاريع الرائدة مثل مشروع خط أنابيب الغاز الإفريقى-الأطلسى نيجيريا-المغرب، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، وكذلك المبادرة لتسهيل ولوج الدول الشقيقة فى منطقة الساحل إلى المحيط الأطلسى.

وتابع قائلًا: طموحنا لإفريقيا معروف وصادق، يقوم على ثلاثة مبادئ أساسية تتمثل فى: التضامن الفعال، والاحترام المتبادل، والعمل الملموس، مضيفًا، هذا يجعلنا نؤمن بإفريقيا ترسم سبلها الخاصة، إفريقيا الإنجازات والمشاريع البنيوية، وليس الخطابات العقيمة والصبيانية.

وأضاف، يجب علينا أن ننتقل من إفريقيا حسن النوايا إلى إفريقيا الممارسات الجيدة والنتائج الملموسة، مشيرًا، إلى أن إفريقيا لن تتقدم بالوتيرة والمسار الذى نرغب فيه إذا ظلت متغيرة تتكيف مع مصالح ضيقة.

وأوضح بوريطة، أن المغرب يؤمن إيمانا راسخا بأن قارتنا يجب أن تتبنى أجندة اقتصادية واضحة، مترابطة، ومركزة على الاستقلالية الاستراتيجية من خلال تحويل وتثمين مواردنا الأولية، ورقمنة إداراتنا لتسهيل التكامل، وتعزيز أمننا الطاقى، بالإضافة إلى إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية التى تعيق اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، فضلًا عن تعزيز سيادتنا الغذائية عبر تطوير فلاحتنا لضمان أمننا الغذائى.

وتابع: نحن بحاجة إلى صدمة كهربائية للتكامل، مضيفًا، أن هذه الصدمة الكهربائية لن تأتى من الخارج، بل ستأتى منا نحن الأفارقة.

وأشار، إلى أن المغرب مستعد لأن يكون محفزا لذلك، ليس للقيادة، بل للتوحيد، ليس لفرض نفسه، بل للاقتراح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »