نميرة نجم: لن نترك أطبّاءنا يهاجرون لتنظيف مستشفياتكم

قالت السفيرة د. نميرة نجم خبير القانون الدولى والهجرة ومدير المرصد الأفريقى للهجرة، إنها قادمة من منطقة تعانى ولا تزال تعانى من العدوان فى غزة وإيران.
وأضافت، كمحامية ودبلوماسية يجب أن أحلل أثر ما يحدث اليوم فى هذين الملفين على إفريقيا، لأنى إفريقية، ومدير مؤسسة إفريقية يجب أن أحلل كم عدد المهاجرين، وكم عدد طالبى اللجوء، أو حتى من يُدفع بهم نحو إفريقيا، ليس فقط من خلال الهجرة النظامية، بل التهجير القسرى.
وأكدت السفيرة، ضرورة تحليل وفهم هذه الظاهرة، مشيرة، إلى أنها دورة متكاملة تبدأ بالصراع أو الاحتلال، وتنتقل إلى بلد آخر قد يشهد توترات إذا استقبل أعدادًا كبيرة، وتستمر الدائرة.
وأوضحت، أن المناطق التى تشهد أعلى معدلات تنقل فى إفريقيا هى منطقة الساحل والشرق، وهذا سيساهم فى مزيد من عدم الاستقرار، وسيخلق مزيدًا من المشكلات المرتبطة بالهجرة، ولن نفهم ذلك دون تحليل الأرقام.
وذكرت، أن هناك أحيانًا حديثًا عن “صراع القيم”، حيث يُصوَّر غالبًا أن الشمال لديه مشكلة مع قيم الجنوب، اليوم، عن أى قيم نتحدث؟ إذا لم نُحلل، ولم نعرف ما هى ‘القيم الأفضل’، فلا يمكننا التقدم.
وأضافت، إذا فعلنا الأمور بطريقة مختلفة عبر السياسات المبنية على الأدلة، فإنها ستخلق وضعية ‘رابح-رابح’، من خلال توحيد عملنا فى جمع البيانات، وتقديم تحليل جيد لكل من الهجرة النظامية وغير النظامية، حتى نحدد القطاعات التى يجب أن نستثمر فيها من أجل تنميتنا وتنميتكم.
جاء ذلك خلال كلمتها فى جلسة حوار تحت عنوان: بناء سرد متوازن حول الهجرة فى إفريقيا: حلول قائمة على البيانات واستراتيجيات تواصل لتحقيق تأثير تنموى أفضل، التى عُقدت ضمن فعاليات المنتدى الدولى لإحصاءات الهجرة IFMS 2025 فى مدينة مالمو السويدية، بتنظيم مشترك بين منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD)، والمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة (UN DESA)، بالتعاون مع جامعة مالمو وحكومة السويد.
وأشارت، إلى أن التعاون هو حجر الأساس فى عملنا، إذ إن توليد البيانات بشكل منفصل ومن دون مشاركة المعلومات يجعلها خاملة وغير مجدية، خصوصًا إذا لم تُحوَّل إلى معرفة تُسهم فى صنع السياسات المبنية على الأدلة.
وأكدت، أن غياب التحليل الجاد والفعّال وافتقارنا فى السياق الإفريقى إلى منهجية موحدة وأدوات تحليل متناسقة يؤدى إلى إنتاج أرقام لا يمكن مقارنتها أو البناء عليها.
نحن لا نطرح الأسئلة نفسها بشكل دورى، ما يمنع تراكم البيانات القابلة للمقارنة، ويُضعف قدرتنا على اتخاذ قرارات مدروسة تستند إلى معلومات دقيقة.
وتابعت: لا يمكننا استخدام المعرفة بفعالية ما لم نوظفها لتحقيق ما أسميه ‘الربح الثلاثى’، وهو تصور يرتكز على ثلاثة أهداف مترابطة: أولها وقف نزيف هجرة العقول، إذ أصبحت الكفاءات الإفريقية، خاصة من الشباب، هدفًا للدول الأجنبية التى تجتذبهم بفرص أفضل، فى وقت نحن أحوج ما نكون إليهم من أجل دفع عجلة التنمية فى القارة.
وتطرقت إلى الهدف الثانى وهو تفادى هدر العقول، فالكثير من المهاجرين بسبب غياب آليات معادلة الشهادات يُجبرون على العمل فى وظائف لا تليق بمؤهلاتهم، ما يمثل خسارة مزدوجة لهم ولنا.
أما الهدف الثالث، التحول من هدر العقول إلى كسبها، عبر فهم دقيق لحجم الخسارة: كم من الكفاءات نُهدر عند السفر؟ كم نخسر فعليًا؟ وكم لا نتيح له مسارًا قانونيًا للعمل الكريم؟ الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب بيانات وتحليلاً وتعاونًا عابرًا للحدود.
ولفتت، إلى نقطة أساسية تُغفل دائمًا فى النقاشات المتعلقة بالبيانات والسرديات حول إفريقيا، وهى أننا لا نحسب تكلفة العقول، لا نُدرج فى مفاوضاتنا تكلفة الاستثمار فى الإنسان، من سنوات التعليم فى الروضة إلى التكوين الطبى أو الهندسى.
وكل ما فى الأمر أن هذا الشخص يُؤخذ دون مقابل، ثم نُلام نحن على أنه ‘أخذ وظيفة’ فى بلد آخر، هذا المنطق مرفوض ويجب أن نواجهه بالأرقام لا بالشعارات.
وأضافت، عندما نتحدث عن مساهمة المهاجرين فى التنمية ينصرف الجميع إلى الحديث عن الهجرة والتحويلات المالية، وكيف يمكن أن تسهم فى تنمية البلدان المُرسلة، لكن ما أريده، هو أن نتحدث عند جمع البيانات وتحليلها عن مساهمة المهاجرين أيضًا فى تنمية الدول المُستقبِلة.
وقالت: ما أنقذ أوروبا من الركود خلال فترة كوفيد، هو الهجرة غير النظامية التى كانت تعمل بأجور أقل من الحد الأدنى القانونى للأجور، وهذا يجب أن يُحلل عبر البيانات.
وأضافت، إذا أردنا لتحليلاتنا أن تكون ذات مصداقية، لا مجرد روايات تُستخدم لأغراض سياسية، علينا أن نتعامل معها بالأرقام ونرى ما يمكننا فعله.
البيانات تمنحنا القدرة على فهم الواقع، بأقرب صورة ممكنة إلى الموضوعية، نحن لا نملك موضوعية كاملة لأن كل شىء مغلف سياسيًا، لكننا نحاول قدر المستطاع أن نقترب منها.
لكى تكون السياسات المتعلقة بالهجرة قائمة على البيانات وقابلة للتطبيق، يجب أن تخدم الجميع لا قارة واحدة دون الأخرى ولا أجندات سياسية انتخابية فقط.
وقالت: لدى العديد من الأسئلة التى يجب طرحها، وأولها يتعلق بنشر المعلومات الصحيحة لضمان المصداقية.
وأضافت، علينا أن نفهم استنادًا إلى البيانات أن معظم الهجرة الإفريقية تتم داخل القارة، وليست كما تُصوَّر فى الإعلام بأنها حشود تعبر البحار جماعيًا.
وأضافت، نحتاج أيضًا إلى استخدام البيانات للتحقق من نتائج مراكز معالجة طلبات اللجوء المقترحة: كم عدد من مُنحوا اللجوء؟ كم استغرقت الإجراءات؟ كم منهم أُطلق سراحهم وانتهى بهم الأمر بمحاولة الهجرة غير النظامية مجددًا، بعد أن تُركوا فى بلد ثالث ليس بلدهم؟ هذه أسئلة ضرورية لتقييم ما إذا كان هذا النموذج يمثل حلًا حقيقيًا أم مجرد مسكن مؤقت لا يعالج جوهر الأزمة.
وأنه من المهم أن نعرف كم شخصًا حصل على مبلغ مالى للعودة، وكم منهم تمكن من استثماره فعليًا، وكم لم يمتلك المهارات الكافية فأنفقه على التزامات أسرية، ثم حاول مرة أخرى الهجرة غير النظامية، كل هذه الجوانب لا يمكن فهمها بدقة دون بيانات وتحليل معمق.
وفيما يخص التعريفات وقابلية المقارنة، قالت: نحن مؤسستان حديثتان داخل الاتحاد الإفريقى، وكل ما نقوم به ما يزال قيد التطوير لأن ما سنقوم به يجب أن يتم تقاسمه مع مكاتب الإحصاء الوطنية، وكذلك مع المراصد الوطنية التى تعمل على قضايا الهجرة، لنرى كيف يمكنهم إدماجه فى نظمهم الوطنية، لأنه إذا لم يحدث ذلك فلن تكون هناك قابلية للمقارنة.
وقالت: من أجل ضمان عدم تكرار الجهود، مثلًا بيننا وبين جنوب إفريقيا فإننا تركنا لهم مهمة جمع الأرقام من الآن، وسنقوم نحن بالتحليل، والتحليل لا يقتصر على الجانب الإحصائى، بل يشمل أيضًا الجانب الإنسانى والتصورات الاجتماعية، وهذا جزء من مهمتنا.
وأكدت، أن مدى نجاحنا فى تنفيذ هذا على مستوى القارة بأكملها، لا يزال قيد التجربة، لأن الأمر ما زال فى طور التقدم لكن على الأقل لقد بدأنا.
إذا تحدثتم عن نقص التوافق فى البيانات، فنحن نواجه مشكلة حتى داخل الدولة الواحدة، وليس فقط بين دولة وأخرى.
وقالت: لا تزال لدينا مشاكل فى تسجيل الأحوال المدنية فى بعض الدول الإفريقية، وهذا يؤثر فى البيانات الأساسية.
كما أننا نواجه مشاكل فى المعابر الحدودية، إذ لا تزال بعض الحدود تُدار يدويًا وليست إلكترونية، وبالتالى، من السهل أن نحصل على بيانات من المطارات، ولكن الأمر مختلف تمامًا عند عبور الحدود برًا.
وتابعت: فى أحد التمارين التى أجريناها مع جنوب إفريقيا، اضطررنا إلى تأجيل الاجتماع بالكامل بسبب تلقى الاتحاد الإفريقى والوكالات الأممية أرقامًا مختلفة من نفس الدولة، حيث وردت استمارة من وزارة، واستلمت وكالة أممية أخرى الاستمارة نفسها من وزارة أخرى، وكان الفرق فى الأرقام بالملايين، ولذلك، أُجّل اللقاء.
وأضافت، لهذا السبب فإن المسألة لا تتعلق فقط بالجوانب التقنية للبيانات والتحليل، بل تلعب السياسة دورًا كبيرًا، لأن مدى استعداد الدول لمشاركة المعلومات يختلف من واحدة لأخرى، وهو جانب لا يمكن تجاهله.
وقالت: مع ذلك فإن توحيد المصطلحات يمكن أن يُسهم فى تسهيل المقارنة وهذا هو ما نعمل عليه حاليًا.
وأضافت، من جانبنا نطمح بعد اعتماد كل شىء إلى ترجمة هذه المصطلحات والمواد – وهذا هو الحلم – ليس فقط إلى اللغات الرسمية للاتحاد الإفريقى، بل أيضًا إلى اللغات المحلية المستخدمة فى الدول الأعضاء.
ليس الجميع يتحدث العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية، وهناك لغات محلية مهمة مثل السواحلية والأمهرية، وإذا لم تُوفر المصطلحات بهذه اللغات فلن يقوم أحد بترجمتها أو إدماجها فى أنظمته الوطنية.
ورداً على أسئلة الحاضرين، قالت السفيرة: بالفعل الكثير من الهجرة فى إفريقيا تتم إلى دول الجوار وأحيانًا تُحتسب هجرة وأحيانًا لا.
وأضافت، نحن نعمل عن قرب مع الدولة المصرية واللجان الاقتصادية الإقليمية فى إفريقيا، والتحدى الآن كما أراه هو أنه علينا تحديث جميع الأدلة الإرشادية المتوفرة فى إفريقيا اليوم بما يتماشى مع الإطار الجديد للأمم المتحدة لأن هناك مصطلحات جديدة وتوصيفات جديدة مستخدمة.
كما أن منظمة العمل الدولية قامت بتعديل الدليل الإرشادى الخاص بهجرة العمال، وأدخلت فيه مصطلحات جديدة، لذا أرى أن هذه الخطوة هى البداية نحو توحيد المفاهيم على مستوى القارة.
وقالت: أعتقد أن ما تم تسليط الضوء عليه من أن الفجوة تكمن ليس فقط فى المفاهيم، بل فى ‘التطبيق العملى’ هو حقيقى تمامًا، نحن كمنظمات دولية نقدّم مفاهيم، نظريات، تعريفات، ولكن عندما نأتى إلى مرحلة التنفيذ العملى فى الميدان، تبدأ التحديات.
إذ يجب الأخذ فى الاعتبار السياق الثقافى لكل بلد، وهنا تكمن الصعوبة التى يواجهها الفنيون والممارسون فى الواقع.
وقالت: لذا علينا الانتقال إلى المرحلة التالية: كيف نُفعّل هذه المفاهيم؟ كيف نجعلها قابلة للتطبيق؟ وكيف نضمن استدامتها فى ظل تناقص التمويل الخارجى يومًا بعد يوم؟
وأضافت، نواجه اليوم مشكلة حقيقية فى الدول ‘الترانزيت’، حيث من الصعب جدًا – باستثناء بعض البيانات التى نجمعها من شركائنا مثل المفوضية أو المنظمة الدولية للهجرة – تتبع المهاجرين الذين يفرّون من مناطق النزاع، ويعبرون دولة مجاورة أملاً فى الوصول إلى مكان آخر.
أحيانًا يسجلون أنفسهم كمقيمين مؤقتين، فقط لأنهم لا يريدون البقاء فى ذلك البلد، على سبيل المثال، العديد من الحوادث التى وقعت فى شمال إفريقيا وصولًا إلى المغرب كانت لسوريين، عبروا كل هذه المسافات لمحاولة الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر، من الصعب جدًا اليوم احتساب هذا النوع من الهجرة.
وأضافت، لكن فى المقابل المغرب – كمثال – لديه إرادة قوية ونظام جيّد للعمل على إحصائيات العابرين عبر أراضيه.
لكن لا يمكننا أن ننسى ما حدث فى ليبيا، كم من الأشخاص ماتوا فى الصحراء؟ كم منهم فقدناهم فى البحر؟ لا نعرف.
وفيما يتعلق بتحديث الأدلة الإرشادية، قالت: ما نقوم به الآن مع جنوب إفريقيا يأخذ هذا الإطار الأممى فى الاعتبار، بهدف اعتماده داخل القارة الإفريقية والتأكد من بدء تطبيقه فعليًا.
وتابعت: الركائز الثلاث موجودة: التمويل، البنية التحتية، بناء القدرات البشرية، ونحاول قدر المستطاع المساهمة فى جانب الموارد البشرية، أما البنية التحتية نحاول رفع الوعى حولها، لأننا لا نمتلك التمويل الكافى لإنشائها، أما التمويل الخارجى، فهو غير مستدام.
وأضافت، لهذا السبب نتابع ما يجرى فى منطقة الساحل، وما يجرى فى بوركينا فاسو، لأن إذا ثبت أن هذا النموذج قابل للاستمرار فسيكون هو الطريق الأمثل للقارة الإفريقية وهذا مرتبط بالسياسة، وليس فقط بالتمويل أو المساعدة التقنية.
وفيما يتعلق بالبيانات تحديدًا، قالت: واحدة من أكبر المشاكل التى سنواجهها فى تحليل البيانات هى وقف التمويل الأمريكى، 25 دولة إفريقية كانت ترسل بياناتها لتحليلها فى مكتب الإحصاء الأمريكى.
وأضافت، رغم تحفظى على أن يتم تحليل البيانات فى دولة أخرى لأنها قد تأتى برؤية سياسية، إلا أنهم كانوا يحصلون على تحليل للبيانات، ويستطيعون اختيار ما يناسبهم منها، الآن، هذا لم يعد ممكنًا لأنهم حتى لم يعودوا يحصلون على التحليل.
نحن نحاول الآن أثناء بناء القدرات، تدريب العاملين فى مكاتب الإحصاء على استخدام المصادر المفتوحة – مثل إكسل أو برامج ARN – حتى يتمكنوا من القيام بالتحليل بأنفسهم ولو مبدئيًا”، كما حاولنا تجربة استخدام الذكاء الاصطناعى لتوليد بعض التحليلات – قد لا تكون دقيقة 100% لكنها على الأقل بداية، ضمن الإمكانات المتاحة لدينا وإلا سنظل فى حالة من الجمود.
أدار الجلسة، مهند سمّار مدير مشروع فى هيئة الإحصاء السويدية، وشارك فيها كل من: البروفيسورة إيلين بيرسى من جامعة كولجيت بولاية نيويورك، شارلز أوجولا رئيس وحدة الإحصاء فى الهيئة الحكوميyة للتنمية IGAD، الخبير الديموغرافى أيمى داغو من منصة STATAFRIC.
Website Bokep, SITUS BOKEP CHINA bokep china
omnml1