نميرة نجم: خطورة انسحاب الأجندة الأمريكية من الإحصاء بأفريقيا يدفعنا لتحليل بياناتنا ذاتيا

 

قالت السفيرة د. نميرة نجم مدير المرصد الإفريقى للهجرة وخبيرة القانون الدولى، نحن نتطلع فى المرصد إلى دفع أجندتنا القارية مع جميع الشركاء، ونعتقد أنه يجب معالجة الأمر الهجرة ليس من منظور أمنى فقط، ولكن أيضًا لفهم السياق الاجتماعى الاقتصادى، لمكافحة الأنشطة غير المشروعة المحيطة بالهجرة.

وأضافت، أمر مؤسف أن البعض قد لا يدعم الفهم العميق للحقائق لاستخدام ورقة الهجرة لأسباب سياسية، والبشر هم الضحايا، دعونا نضع أيدينا معًا لوضع البشر أولاً، يجب أن تكون حماية البشر هى تركيزنا، قبل أن نتحدث عن السياسة، يجب أن يأتى النهج الإنسانى أولاً.

جاء ذلك أثناء كلمة السفيرة فى حديث جانبى رفيع المستوى بندوة تحت عنوان “بيانات أفضل حول الاتجار بالأشخاص”، نظمها المرصد الإفريقى للهجرة بالتعاون مع إدارة البحوث فى مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة (UNODC)، والمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، على هامش اجتماعات الدورة الـ34 للجنة الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية فى فيينا.

وتحدثت السفيرة فى اللقاء عن التحديات التى تواجه القارة فى جمع وتحليل بيانات الهجرة، مؤكدة، أن المرصد يعمل وفق تفويض من الاتحاد الإفريقى يشمل كل أنماط الهجرة والتنقل، على عكس النهج المجزأ المتبع فى بعض المؤسسات الدولية، وقالت: كل التنقل جزء من مسؤوليتنا، من منظور اجتماعى وتنموى، وليس فقط أمنيًا.

كما كشفت عن فجوة خطيرة فى التحليل، مؤكدة، أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فى غياب الأرقام عن الهجرة فى القارة فقط، بل فى تحويل الأرقام إلى معرفة من خلال التحليل، حيث إن 25 دولة من هذه الدول كانت تعتمد على التحليل الإحصائى من المكتب الأمريكى للإحصاء، والذى أصبح الآن معلقًا بسبب الأوضاع فى الولايات المتحدة، ما يبرز خطر الاعتماد على مؤسسات خارجية فى معالجة قضايا داخلية.

وأشارت، إلى أن البيانات المتاحة حاليًا عن الهجرة فى إفريقيا “تطفو على الإنترنت”، ولكنها غالباً لا تُنتج من داخل القارة، وعلقت قائلة: أى تحليل يتم خارج القارة يأتى حتمًا بأجندة سياسية مختلفة ولهذا يجب أن نعيد التحليل إلى الداخل، من داخل القارة الإفريقية.

وأضافت، الأرقام وحدها لا تكفى .. بدون تحليل يحولها إلى معرفة، تصبح بلا قيمة، مشيرة، إلى أن الفجوة فى البيانات والتحليلات تظل إحدى أبرز التحديات التى تعيق بناء سياسات قائمة على الأدلة وتخدم القارة من منظورها الذاتى.

وقالت السفيرة: إن المرصد الإفريقى للهجرة بدأ بمبادرة لإصدار أوراق سياسية غير رسمية لتحدى الروايات السائدة عن الهجرة فى إفريقيا، وأطلق أول ورقة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك العام الماضى والذى سينشر على الإنترنت قريبًا.

وفى إطار تعزيز القدرات، أوضحت أن المرصد بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة واتحاد المغرب العربى، أنشأ مركزًا إقليميًا للبيانات فى المغرب، تم الانتهاء من تجهيزه تقنيًا، على أن يبدأ قريبًا بتلقى البيانات من الدول الأعضاء لتحليلها محليًا، وقالت: “نحن لا نعمل بشكل مباشر على الأرض، بل نبنى قدرات الحكومات نفسها على جمع البيانات”.

وأوضحت، أن المرصد يعمل على تطوير قاموس مصطلحات موحد خاص بالهجرة فى إفريقيا، بالتعاون مع StatAfric، وقاموس آخر إحصائى، إضافة إلى دليل تدريبى لتأهيل مدربين من داخل الدول الإفريقية لنقل المهارات إلى المستويات المحلية.

ولفتت السفيرة، إلى أن عددًا متزايدًا من الدول الإفريقية يطلب دعم المرصد فى إعداد تقارير وطنية عن الهجرة أو إنشاء مراصد وطنية للهجرة، وقالت: هذا الطلب المتزايد يُقابل بجهود كبيرة من جانب المرصد رغم محدودية قدراته.

وتوقفت السفيرة عند تقرير الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة لعام 2024، والذى وصفته بـ”الواقع المؤلم”، مؤكدة، أن إفريقيا باتت القارة التى يأتى منها أعلى تدفق لضحايا الاتجار بالبشر الذين يتم اكتشافهم فى وجهات عالمية متعددة.

وأضافت، أن التقرير يشير إلى أن أكثر من 60% عالميا من ضحايا الاتجار من الإناث (نساء وفتيات) يتم التعرف عليهن كضحايا للاستغلال الجنسى، بينما تُشير البيانات فى إفريقيا تحديدًا إلى أن معظم الضحايا الأطفال يُستغلون فى العمل القسرى، مع بقاء الفتيات الصغيرات معرضات بشكل خاص للاستغلال الجنسى.

وتابعت السفيرة: هذا مفزع لقارة شابة كإفريقيا، ويسلط الضوء على أهمية العمل الذى نقوم به، وما نطمح إلى القيام به وتوسيعه، ودور المعلومات والمعرفة والبيانات فى مكافحة تهريب الأشخاص، والاتجار بهم، ما وصفته بـ”الوضع المقلق جدًا في قارة شابة مثل إفريقيا وإذا لم نعمل معًا، فإن هذا سيزداد مما سيكون كارثيًا بالنسبة لنا”.

وأكدت، أن المرصد يعمل على دمج الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الحديثة فى تحليل البيانات لمواكبة تطورات الظاهرة وسرعة التحرك، بما يسهم فى دعم جهود الوقاية والحماية والملاحقة.

وفى ختام حديثها، أشارت السفيرة إلى ما ورد فى البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الإفريقى – الأوروبى فى بروكسل بتاريخ 21 مايو 2025، حيث تم تكليف المرصد الإفريقى للهجرة رسميًا بلعب دور محورى فى تطوير سياسات الهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر، بالشراكة مع أجهزة الاتحاد الإفريقى.

تحدث فى الاجتماع كل من: أنجيلا مى رئيسة فرع البحوث وتحليل الاتجاهات فى UNODC، وستين لورسن محللة بيانات أولى فى IOM، وفابريتسيو ساريكا منسق أبحاث الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين فى UNODC، وعبر الإنترنت أدريانا أوروبـيزا ليتيراس منسقة مركز التميز UNODC-INEGI.

حضر الاجتماع كل من: المستشار خالد المنشاوى سكرتير أول، محمد حجازى من السفارة المصرية فى فيينا، هبة فكرى، محمد إبراهيم من المرصد الإفريقى للهجرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »