نميرة نجم: اتفاق تشاجوس اعتراف دولى بحقوق الشعوب فى إنهاء الاستعمار

 

أكدت السفيرة د. نميرة نجم خبيرة القانون الدولى أن الاتفاق الذى تم التوصل إليه بين حكومة موريشيوس والمملكة المتحدة، الأسبوع الماضى، بشأن أرخبيل تشاجوس يُعد إنجازًا تاريخيًا يتجاوز التوقعات، خاصة فى ظل الأوضاع العالمية الراهنة.

وأوضحت، أن موريشيوس تمكنت من تحقيق مكاسب سيادية واقتصادية هامة، حيث تم الاعتراف الكامل بسيادتها على كامل أرخبيل تشاجوس، بما فى ذلك جزيرة دييجو جارسيا، مع التوصل إلى تفاهمات واضحة بشأن إدارة القاعدة العسكرية القائمة هناك بالتعاون مع الولايات المتحدة، وذلك فى تصريح لنشرة أخبار قناة موريشيوس (MBC) عبر برنامج زووم.

وأشارت السفيرة، إلى أن هذا الاتفاق يُمكّن موريشيوس من ممارسة ولايتها القضائية الكاملة على الأرخبيل، مع احتفاظ المملكة المتحدة والولايات المتحدة بحق استخدام جزء منه لتشغيل القاعدة العسكرية، ولكن ضمن ضوابط تتطلب موافقة مسبقة من الحكومة الموريشية، مما يرسخ ممارسة فعلية للسيادة المشتركة.

كما يتضمن الاتفاق بندًا ماليًا يتمثل فى تعويض سنوى كبير يُدفع لحكومة موريشيوس كإيجار لاستخدام دييجو جارسيا، على أن يُخصص هذا المبلغ لتنمية الجزر، إلى جانب الاعتراف الرسمي بحق العودة للمهجّرين من الأرخبيل.

وفى ردها على الانتقادات التى ترى أن الاتفاق يُعد تنازلًا جديدًا من حكومة موريشيوس، أوضحت السفيرة أن الوضع تغيّر جذريًا مقارنة بما كان عليه قبل سنوات، حيث لم يكن لموريشيوس سوى قرارات أممية دون تنفيذ، فى ظل تعنّت بريطانى شديد، ما وضع موريشيوس وإفريقيا كلها فى موقف حرج.

وأضافت، أن محكمة العدل الدولية كانت قد أصدرت رأيًا استشاريًا واضحًا يؤكد عدم شرعية الإدارة البريطانية للجزر، ويدعو إلى استكمال عملية إنهاء الاستعمار، إلا أن تنفيذ هذا الرأى ظل معلقًا بسبب رفض بريطانيا الامتثال له، ما جعل التقدم نحو تنفيذ هذه القرارات أمرًا بالغ الصعوبة.

وأكدت السفيرة، أن التوصل إلى هذا الاتفاق يُعد نجاحًا كبيرًا ليس فقط لموريشيوس، بل للقارة الإفريقية بأكملها، لأنه يمثل اعترافًا من القوى الكبرى بحقوق الدول النامية فى السيادة، وإنهاء الاستعمار، وتحقيق العدالة التاريخية.

واعتبرت، أن ما تحقق يُظهر أن قرارات الأمم المتحدة وآراء محكمة العدل الدولية، رغم ما قد يعترى تنفيذها من صعوبات، يمكن أن تؤتى ثمارها فى نهاية المطاف إذا ما توفرت الإرادة والتمسك بالحق.

وشددت، على أن هذا الاتفاق يشكل نموذجًا يجب على الدول الإفريقية دراسته والاستفادة من دروسه، خاصة فى ما يتعلق بكيفية استرداد الحقوق ومواجهة التمييز والاستغلال الناتج عن الاستعمار.

وأكدت، أن ملايين الأفارقة سواء فى القارة أو فى الشتات، عانوا من تبعات العبودية والاستعمار والتمييز الاقتصادى، وأن هذا الاتفاق يمثل خطوة نحو معالجة هذا الإرث المؤلم، ويبعث برسالة أمل مفادها أن العدالة ممكنة حتى فى مواجهة القوى المهيمنة.

وكانت صحيفة الجارديان البريطانية قد أكدت أن السفيرة د. نميرة نجم المستشارة القانونية السابقة للاتحاد الأفريقى، لعبت دورا هاما فى الإجراءات (significant role) كرئيس وفد فريق دفاع الاتحاد الأفريقى أمام محكمة العدل الدولية فى قضية تشاجوس ونقلت عن مرافعتها أمام المحكمة فى القضية قولها: من غير المعقول أن يكون هناك اليوم، فى القرن الحادى والعشرين، جزء من أفريقيا لا يزال خاضعا للحكم الاستعمارى الأوروبى.

وكانت مبادرة السفيرة نميرة فى مشاركة الاتحاد الافريقى فى الرأى الاستشارى فى قضية تشاجوس داعما لدولة موريشيوس هى الأولى من نوعها فى تاريخ المنظمة وبداية تأسيس وتدشين لعصر وميلاد مرحلة جديدة لمدرسة قانون أفريقية خالصة ليست فقط فى القارة ولكن فى تغيير قواعد ممارسة العمل القانونى الدولى بالعالم، حيث مهدت الطريق لترسيخ وفتح الباب لمشاركة الاتحاد الأفريقى كتقليد وعرف وطقس متبع بعد ذلك فى الإجراءات الاستشارية والإلزامية أمام المحاكم الدولية فى قضايا أخرى تهم دول القارة، علاوة على أنها كانت حجر زاوية فى فقه اللجوء إلى المحاكم الدولية.

وفى تطورً تاريخى فى ملف تصفية الاستعمار أعلنت الولايات المتحدة، فى الأول من أبريل 2025، موافقتها الرسمية على الاتفاق المبدئى بين المملكة المتحدة وموريشيوس بشأن نقل السيادة على أرخبيل تشاغوس، حسب ما أعلنه الرئيس ترامب، ومهدت هذه الموافقة الطريق لتوقيع الاتفاق النهائى بين لندن وبورت لويس فى 22 مايو 2025.

وصرحت الحكومة البريطانية فى وقت سابق بأنها بانتظار الضوء الأخضر من واشنطن، نظرًا للأهمية الاستراتيجية البالغة لقاعدة دييجو جارسيا العسكرية، التى تُعدّ ركيزة أساسية فى التعاون الأمنى والعسكرى بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فى المحيط الهندى.

وينص الاتفاق الأخير على نقل السيادة على أرخبيل تشاجوس إلى موريشيوس، مع احتفاظ بريطانيا والولايات المتحدة بالحق فى استخدام قاعدة دييجو غارسيا لمدة 99 عامًا بموجب عقد إيجار طويل الأمد.

وتدفع المملكة المتحدة فى السنوات الثلاث الأولى 165 مليون جنيه إسترلينى سنويًا، من السنة الرابعة إلى الثالثة عشرة سيكون المبلغ 120 مليون جنيه إسترلينى سنويًا، بعد السنة الثالثة عشرة سيتم تعديل المبلغ سنويًا وفقًا لمعدلات التضخم.

ويُقدّر إجمالى المدفوعات على مدى 99 عامًا بحوالى 3.4 مليار جنيه إسترلينى، مما يُعدّ أحد أكبر الاتفاقيات المالية المتعلقة بالسيادة فى التاريخ الحديث.

ويُعد هذا الاتفاق بمثابة انتصار كبير لموريشيوس فى نضالها الطويل لاستعادة السيادة الكاملة على الأرخبيل، ويعكس خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة التاريخية لسكان الجزر الأصليين.

ورحّب الرئيس ترامب بالاتفاقية الاخيرة، مؤكدًا، أنها تُعزز من استقرار العمليات العسكرية الأمريكية فى المنطقة.

وأشار وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو، إلى أن الاتفاقية تضمن التشغيل المستقر والفعال للمنشأة العسكرية المشتركة فى دييجو جارسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »