مستقبل السلام فى أوروبا والقدس بأعين الغرب وأوكرانيا..”إذا أردت السلام فأعد له”

رأى أولكساندرا ماتفيجوك، المحامى الأوكرانى الحائز على جائزة نوبل للسلام 2022 أن الصراع الروسى-الأوكرانى ليس مجرد صراع بين بلدين، ولكن صراع بين نظامين أحدهما يمثل الشمولية والآخر الديمقراطية، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وجاءت تصريحات ماتفيجوك فى جلسة بعنوان “إذا كنت تريد السلام فأعد له” ضمن فعاليات ملتقى ريمينى 2024، حيث ركز اللقاء الذى شارك فيه أيضًا فيسفالداس كولبوكاس، السفير البابوى فى كييف، على الأحداث والمآسى التى تشهدها أوكرانيا، التى تعيش حالة حرب مع روسيا منذ 24 فبراير 2022.
وفى رأيه، اعتبر ماتفيجوك أنها قصة قوة ومقاومة ونضال وسلام، لافتا، إلى أن الأوكرانيين يقاتلون من أجل أنفسهم ويحاولون القتال من أجل بقية العالم، لمنع الهجوم الروسى التالى على البلد التالى، الأوكرانيون يريدون السلام أكثر من أى شخص آخر.
وتابع ماتفيجوك: إذا توقفنا عن المقاومة، فلن نكون موجودين بعد الآن، متحديًا الجميع بشأن موضوع السلام، سلام ملموس ومستدام، لأنه لا يمكن تحقيق السلام عندما يتوقف بلد عن القتال، وهذا هو الاحتلال، الاحتلال ليس خيارا، لأنه سيظل هناك إنكار للهوية الوطنية، ومعسكرات الاعتقال والمقابر الجماعية.
وأقر كولبوكاس بالتحديات الكبيرة والملحة التى يواجهها الأوكرانيون، ولكن الحياة تعلمنا أنه فى مواجهة التحديات الهائلة، يجب أن تكون الجهود هائلة بنفس القدر، الجهود العادية ليست كافية، ولكن فى مواجهة الطبيعة غير العادية للأحداث، ليست المؤسسات هى التى تستجيب بسرعة، بل الرجال، التضامن والصداقة بينهم، الصداقة تعنى أن نستمع لبعضنا البعض ليس من منطلق الواجب، بل بدافع من القلب.
المدينة الفاضلة والسلام
لكن السلام ليس سرابا ولا مدينة فاضلة، وشهد على ذلك أنجيلو موريتى المتحدث بإسم الحركة الأوروبية للعمل السلمى، الذى يتحدث عن التعبئة المدنية الجماهيرية، وليس المجازية فقط، للعقول والقلوب، وأيضًا وقبل كل شىء للأرجل اجتمعنا معًا، رجالًا ونساءً عاديين، وشرعنا فى القيام بدورنا الصغير فى هذه القصة، لخدمة السلام.
العالم مهدد بـ”الغليان”
وعرّف موريتى الصراع، الذى اندلع فى فبراير قبل عامين، بأنه الانتقال من الحرب الباردة إلى الحرب الساخنة للغاية -المواجهات العسكرية- والتى تهدد بالغليان أمام أعيننا وضمائرنا العاجزة.
ولكن بينما نحاول أن نفهم ما إذا كنا فى نهاية الردع أو فى بداية شكل جديد من الردع فى مرحلة ما بعد الحرب الباردة، فإننا الآن يمكننا بالفعل أن نبنى أوروبا الغد، حينما تكون أوكرانيا فى مجتمعنا السياسى.
لكن الرغبة فى السلام أمر ملح، حتى لو كان من الضرورى الكثير من الإخفاقات للوصول إلى هذه الغاية، لأن السلام مثل تلك اللؤلؤة التى تستحق الغوص ألف مرة للبحث عنها، نشعر أننا قمنا بغوص ممتاز عديم الفائدة وأننا مازلنا مستعدين للقيام بالمزيد.
بناء السلام
وبالحديث عن السلام لا يمكن تجاهل ما يحدث فى الأراضى المقدسة، وبالتحديد القدس، حيث قال أندريا أفيدوتو، مسؤول الإعلام فى جمعية “برو تيرا سانكتا” (من أجل الأرض المقدسة)، فى جلسة “النور والظلام .. وحراسة المشاعر المقدسة” ضمن فعاليات ملتقى ريمينى: يمكن للمرء أن يأكل من أجل البقاء، ولكن لكى نعيش بشكل جيد يجب أن نحافظ على ذكرى ما كنا عليه، حتى يكون اللقاء مع الآخر ممكنًا، إن الحفاظ على جمال الأماكن المقدسة يساهم فى بناء السلام بين شعب الأرض المقدسة.
لقد أثرت التجربة الشخصية لمتحدثى الجلسة والمعرض الذى يحمل نفس الاسم حول ترميم كاتدرائيات جبل طابور، شمال مرج بن عامر فى فلسطين.
وتم توضيح تاريخ كاتدرائية المسيحية فى جبل طابور بواسطة فينشينزو زوباردو، مهندس معمارى وأمين المعرض، تم تصميم الإبداع الهيكلى والفنى وفقًا لزوباردو، بهدف النظر إلى قلب المعنى النهائى الذى تريد هذه الأماكن إيصاله، أى تأمل الغموض.
ولجعل ذلك ممكنًا، أوضح المهندس المعمارى أنه تم استخدام المادة التى من شأنها أن تجعل هذه الرسالة أوضح، وهى الضوء، وهو عنصر طبيعى يشكل الحجر، ومن الظلام يظهر الطريق نحو المقدس.
وتحدث كارلا بينيلى مؤرخ فنى ومدير مشاريع الحفاظ على التراث الثقافى التابعة لجمعية برو تيرا سانكتا عن صعوبة التعايش فى سياق يتسم بالصراعات التى تستغرق وقتا، حيث انتقد التوسع الاستيطانى الإسرائيلى قائلًا: فى السنوات الأخيرة كان هناك هجوم استعمارى قوى للغاية من قبل إسرائيل، من خلال بناء المستوطنات والجدران العازلة التى تزيد من تقسيم الأشخاص الذين يتعاملون مع التراث الثقافى.
ومع ذلك، حتى الجزء من الأرض الذى يسكنه الفلسطينيون ليس خاليًا من بعض القيود، وكما يقول بينيلى، على الرغم من كل الصعوبات بدأنا بتدريب ليس فقط الأطفال الفلسطينيين، ولكن أيضًا الشباب السوريين والأردنيين.
ولذلك فإن مشروعنا يستهدف المجتمع المحلى: لا يمكن الحفاظ على الأماكن ذات القيمة دون مراعاة الأشخاص الذين يعيشون هناك فى ذلك الوقت.