محافظ المركزى الإيطالى يحذر من أزمة عمالة أوروبية فى العقود المقبلة

حث محافظ البنك المركزى الإيطالى فابيو بانيتا، اليوم الأربعاء، الحكومات الأوروبية على تعزيز التدابير التى تشجع على “تدفق العمال الأجانب بشكل نظامى”، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وجاءت تصريحات بانيتا خلال جلسة “استدامة الديون والتنمية الاقتصادية”، ضمن فعاليات اليوم الثانى للنسخة الـ 45 من ملتقى ريمينى، وسط توقعات ديموغرافية تشير إلى أنه فى العقود المقبلة سينخفض عدد المواطنين الأوروبيين فى سن العمل ويزداد عدد كبار السن مما ينذر بتأثيرات سلبية على استقرار أنظمة التقاعد، وعلى نظام الرعاية الصحية، وعلى الميل إلى المبادرة والابتكار، وعلى استدامة الديون العامة فى أوروبا.
رأس المال البشرى
لمواجهة هذه الآثار، شدد بانيتا على ضرورة تعزيز رأس المال البشرى وزيادة توظيف الشباب والنساء، لا سيما فى البلدان – بما فى ذلك إيطاليا – حيث لا تزال الفجوات فى المشاركة فى سوق العمل حسب الجنس والعمر واسعة للغاية.
ورأى أن دخول المهاجرين النظاميين يجب أن تتم إدارته بطريقة منسقة داخل الاتحاد، وتحقيق التوازن بين احتياجات الإنتاج والتوازنات الاجتماعية وتعزيز اندماج المواطنين الأجانب فى نظام التعليم وفى العمل، وهى التدابير التى تشجع تدفق العمال الأجانب النظاميين وتشكل استجابة عقلانية على المستوى الاقتصادى.
التكامل الأوروبى
وشدد بانيتا كذلك على ضرورة مواصلة طريق التكامل الأوروبى، لافتا، إلى أن الهيئة التشريعية الأوروبية الجديدة ستكون أمام اختبار قدرتها على تأكيد استخدام مشاريع الإنفاق المشترك والتحرك نحو اتحاد أكثر اكتمالا وأكثر تكاملا على المستويين المالى والضريبى، وهو أمر ضرورى -على حد قوله- لإعادة إطلاق النمو، ليس فقط لضمان رفاهية المواطنين، ولكن أيضًا لمواصلة تأثيره فى العالم.
ولابد أن يتم تعزيز الاقتصاد الأوروبى على عدة أبعاد من بينها إعادة التوازن إلى اعتماده على الطلب الأجنبى وتعزيز السوق الموحدة مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة ووضعها فى الطليعة فى المجالات التكنولوجية والطاقة وتمكينها من توفير أمنها الخارجى.
غياب السوق الموحدة
ونبه محافظ البنك المركزى الأوروبى إلى أنه فى حالة غياب السوق الموحدة، سيكون دخل الفرد فى أوروبا اليوم أقل من الخمس، من الضرورى أن نبدأ بالتفكير فى الخطوات التالية.
ويعتمد تصميم ونطاق البرامج المستقبلية إلى حد كبير على نجاح البرامج الجارى تنفيذها، ولاسيما على قدرة كل دولة على حدة على الاستخدام المربح للأموال التى توفرها خطط التعافى والقدرة على الصمود الخاصة بها.
ويعتمد الاقتصاد الإيطالى على خطة التعافى وتعزيز القدرة على الصمود التابعة لآلية “الجيل التالى” للاتحاد الأوروبى لإنعاش الاقتصاد الوطنى بعد سلسلة من الأزمات الدولية.
وفى هذا الصدد، قدّر بانيتا أنه من عام 2021 إلى عام 2026، يمكن أن ينتج عن برنامج خطة التعافى الوطنى تأثير بنسبة 9 نقاط مئوية على الناتج المحلى الإجمالى وأيضًا تأثير دائم على الدخل المحتمل قدره 4 نقاط مئوية.
وفقًا لمحافظ بنك إيطاليا، تنمو الإنتاجية ببطء فى أوروبا: على مدى العقدين الماضيين تراكم لدينا تأخير بنسبة 20 نقطة مئوية مقارنة بالولايات المتحدة، ويرجع ذلك أساسًا إلى الصعوبة التى تواجهها الشركات الأوروبية فى استخدام التقنيات الجديدة فى عملية الإنتاج.
الصناعة الأوروبية محاصرة فى قطاعات التكنولوجيا المتوسطة، وحضورها ضئيل فى القطاعات الحدودية، على الرغم من تميز البحوث التى أجريت فى بلدان منفردة، وحالة الذكاء الاصطناعى رمزية، على الرغم من أن الجامعات الأوروبية تنتج أبحاثًا عالية الجودة فى هذا المجال، إلا أن الشركات القارية لها حضور ضئيل فى تطوير التكنولوجيا: بين عامى 2013 و 2023، بلغت الاستثمارات الخاصة فى مجال الذكاء الاصطناعى 20 مليار دولار فى أوروبا، مقارنة بـ 330 مليار دولار فى الولايات المتحدة و100 فى الصين.
وتابع: من الواضح لأسباب اقتصادية واستراتيجية أن أوروبا لا تستطيع أن تقتصر على كونها مجرد مستخدم للتكنولوجيا، ويجب أن تطمح إلى دور فعال فى إنتاجها.
إن الوجود الكبير لأوروبا فى هذا القطاع – الذى يهيمن عليه حاليا عدد قليل من عمالقة التكنولوجيا العالمية – من شأنه أن يزيد المنافسة ويجلب فوائد تتجاوز البعد الإنتاجى وتتعلق بالحقوق الأساسية للمواطنين مثل حماية البيانات الشخصية والتعددية فى قطاع المعلومات.
إن تعزيز أوروبا – ومعها إيطاليا – ليس ضرورة اقتصادية فحسب، بل هو أيضا وسيلة لتأكيد سيادتنا الاستراتيجية وقيمنا الأساسية.