فى ذكرى استقلال أوكرانيا .. تعاون تجارى واقتصادى مع مصر فى عدة مجالات
يُعد 24 أغسطس بمثابة أهم الأعياد الوطنية فى التاريخ الحديث لأوكرانيا، حيث تحتفل البلاد بعيد استقلالها الثالث والثلاثين.
منذ انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991، لم تقتصر أوكرانيا على تأسيس نفسها كدولة ذات سيادة ثابتة فحسب، بل قامت أيضًا ببناء علاقات دبلوماسية قوية عبر العالم، بما فى ذلك مع مصر كشريك تجارى رئيسى فى أفريقيا والشرق الأوسط تجمع بينهما علاقات تاريخية.
حسب بيان السفارة الأوكرانية بالقاهرة، اليوم السبت، تعود العلاقات بين أوكرانيا ومصر إلى العصور الوسطى، وخاصة فترة المحاربين المماليك المحليين فى القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث كان العديد منهم من أصول أوكرانية.
فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كانت الروابط بين الشعبين ممثلة بشكل رئيسى من خلال الرحالة والكتاب.
يذكر، أن فاسيل غريغوروفيتش-بارسكى فى العشرينيات من القرن الثامن عشر، سافر عبر مصر وقضى ثمانية أشهر فى بلاط بطريرك الإسكندرية، قام بترجمة الأدب المصرى القديم إلى الأوكرانية، والذى نُشر لاحقًا بعنوان “أغانى مصر القديمة”.
فى أوائل القرن العشرين، زارت الشاعرة الأوكرانية الشهيرة ليسيا أوكراينكا مصر، حيث كتبت ديوانها الشعرى “الربيع فى مصر” أثناء وجودها فى الإسكندرية وحلوان.
حدثت أول موجة من المستوطنات الأوكرانية فى مصر عام 1919، بعد الحرب الأهلية فى الإمبراطورية الروسية.
كانت غالبية هؤلاء المهاجرين لاجئين، بما فى ذلك من الحرس الأبيض من الأصل الأوكرانى، وأفراد عسكريين من جمهورية أوكرانيا الشعبية، ومثقفين حضريين مع عائلاتهم، جاءوا فى البداية إلى معسكر خيام فى تل الكبير بالقرب من محطة سكة حديد بين القاهرة وقناة السويس.
انتقلت هذه الجماعة لاحقًا إلى سيدى بشر، حيث أنشأوا مكتبتهم ومركزًا تعليميًا ونشروا مجلة أدبية بعنوان “على الأنقاض”.
كما حافظوا على المراسلات مع وزارة الخارجية لجمهورية أوكرانيا الشعبية من خلال البعثة الدبلوماسية الأوكرانية فى إسطنبول.
فى الستينيات والسبعينيات، شارك بناة ومهندسون أوكرانيون فى مشاريع الاتحاد السوفيتى الكبيرة، مثل بناء السد العالى فى أسوان ومصنع حلوان للحديد والصلب.
ساهم المتخصصون العسكريون والمترجمون أيضًا فى ذلك الوقت، وبدأ الطلاب المصريون فى الدراسة فى الجامعات الأوكرانية.
العلاقات الثنائية فى العصر الحديث
تم تبادل افتتاح السفارتين بين أوكرانيا ومصر عام 1993، مما شكل بداية لوجود دبلوماسى رسمى فى كلا البلدين.
على مدى ثلاثة عقود ماضية، توسع التعاون بين البلدين بشكل كبير، على سبيل المثال، تم إطلاق القمر الصناعى المصرى “Egypt Sat-1” فى مدار الأرض عام 2007 من قاعدة بايكونور الفضائية باستخدام صاروخ دنيبرو الأوكرانى الذى تم بناؤه بموجب مشروع بين وكالة الفضاء الوطنية الأوكرانية والهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء فى مصر.
عام 2021 بلغ إجمالى التجارة بين أوكرانيا ومصر 2.446 مليار دولار، وساهمت أوكرانيا فى تعزيز الأمن الغذائى المصرى عن طريق إمدادات القمح والذرة والحبوب الأخرى.
وتواصل إحدى شركات النفط والغاز الأوكرانية تنفيذ أكبر مشروع استثمارى لها بالخارج فى مصر فى أحد حقول الصحراء الغربية.
تشارك أوكرانيا بفعالية فى الأحداث الثقافية الدولية التى تنظمها مصر، مثل معارض الكتب والمهرجانات السينمائية والمنتديات الشبابية.
عام 2021 كانت أوكرانيا المصدر الأول للسياح إلى المنتجعات المصرية، حيث بلغ عدد الزوار 1.6 مليون سائح.
كما يُعد التعاون التعليمى جانبًا مهمًا آخر من العلاقات الأوكرانية-المصرية.
وقبل الغزو الروسى، كان هناك أكثر من 4 آلاف طالب مصرى يدرسون فى أوكرانيا، وفى جامعة القاهرة يواصل الطلاب الأوكرانيون دراسة اللغة العربية وتحسين مؤهلات معلمى اللغة العربية سنويًا.
على الرغم من التأثير المدمر للعدوان الروسى، فإن التعاون التجارى والاقتصادى الأوكرانى-المصرى يظهر علامات على التعافى، حيث يقترب من مستويات ما قبل الحرب ويستمر فى النمو.
بلغ حجم التجارة بين البلدين ما يقرب من مليار دولار أمريكى، مما جعل مصر الآن واحدة من أكبر 10 دول تستورد من أوكرانيا، بالإضافة إلى ذلك سلمت أوكرانيا 15 ترامًا لمحافظة الإسكندرية.
وتقدر أوكرانيا الموقف المنصف قانونيا وأخلاقيا الذى اتخذته مصر فيما يتعلق بدعم سلامة أراضى أوكرانيا وسيادتها فى ظل الحرب الواسعة النطاق التى شنتها روسيا عام 2022 وذلك عن طريق التصويت على القرارات الأممية بشأن العدوان ضد أوكرانيا، والعواقب الإنسانية للعدوان ضد أوكرانيا، والسلامة الإقليمية لأوكرانيا: الدفاع عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة التى يقوم عليها السلام الشامل والعادل والمستدام فى أوكرانيا، والدور المهم الذى تلعبه القاهرة فى إطار مجموعة الاتصال لجامعة الدول العربية والمبادرة الإفريقية، متطلعة إلى مواصلة انخراط الدبلوماسية المصرية المحنكة فى الجهود الدولية الرامية إلى إحلال السلام الشامل العادل المنشود فى أوكرانيا.