شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا وشبابها حول وسطية الإسلام بحضور رئيس الوزراء
افتتح فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف -رئيس مجلس حكماء المسلمين- وداتؤ سرى أنور إبراهيم -رئيس وزراء ماليزيا- مجلسًا خاصًّا لعلماء وشباب الباحثين الماليزيين للتناقش والحوار حول وسطية الإسلام وسماحته، والمنهج الإسلامى فى تعزيز الأخوَّة والوئام فى المجتمعات، وذلك بحضورسفير مصر فى كوالالمبور رجائى نصر.
وفى بداية كلمته، أكَّد شيخ الأزهر أنَّ أكثر ما يميز المجتمع الماليزى تعدُّدُ الأعراق والأديان، محذرًا، من خطورة استغلال بعض التَّيارات المتطرفة والمتشددة للتعددية، وتصويرها جهلًا على أنها خطر على الإسلام والمجتمعات، مفنِّدًا زيف هذه الادِّعاءات، حيث استشهد فضيلته بتعاليم النبى صلَّى الله عليه وسلَّم فيما يتعلق بالعلاقة بين المسلمين أنفسهم، الَّتى لخصها فى قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتَنا، وأكل ذبيحتَنا، فذلك المسلمُ الذى له ذمَّة الله وذمة رسوله، فلا تَخفِرُوا الله فى ذمته» أى: لا تخونوا.
وأوضح، أنَّ النبى صلَّى الله عليه وسلَّم أرسى قواعد العلاقة التى تربط المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى وحدودها، وهى العلاقة المبنيَّة على الاحترام والتَّعايش المشترك، والتَّحلِّى بأخلاق الإسلام الذى لم يكتف بتحريم الاعتداء على الإنسان أيًّا كان دينه أو جنسه أو لونه، وإنَّما حرَّم الاعتداء على الحيوان والنبات والجماد، إلا فيما بيَّنَتْه الشريعة مما لا يعد اعتداء كذبح الحيوان لغرض الأكل وسد الجوع وبمقدار محدَّد، وأنَّ الإسلام وضع قواعد لحماية البيئة والمناخ، بما لا يسمح له من الاستجابة لشهواته ورغباته المادية، بما يؤثِّر سلبًا على البيئة، وأنَّه إذا كان الإسلام قد عُنِى بكل هذه الجوانب فكيف تكون عنايته بالإنسان حتى ولو كان غير مسلم!
وقال فضيلته: إن مسؤولية إقرار وتعزيز التَّعايش السِّلمى بين أتباع الديانات المختلفة تقع على عاتق كل فردٍ فى المجتمع، ولا يمكن تحقيقُها إلا من خلال الفهم الصحيح لرسالة الإسلام بشكل خاص والأديان بشكل عام، التى جاءت لإسعاد الإنسان وانتشاله من مخاطر تأليه المادة والسعى لإشباع الغرائز دون التنبه لما قد ينتج عن ذلك من حروب وصراعات، وأنَّ الدين هو السبيل الأوحد للتحكم فى غرائز الإنسان وتوجيهها بما فيه مصلحته ومصلحة المجتمع.
وحذَّر، من بعض التيارات التى تحاول تغذية التعصُّب والكراهية بين المسلمين، وتزكية الصِّراعات المذهبية وتوجيه اهتمامات الشباب المسلم لبعض القضايا التى تشغلهم عن النظر والاهتمام بقضايا أهم، وإعادة إحياء لصراعات وقضايا تؤرِّق المجتمع المسلم وتعمل على إضعافه وتشتته، وبث الفرقة والشقاق فيما بين أبنائه، مشددًا، على أن الأولى فى هذا الوقت الحرج أن تتجه الجهود لما فيه وحدة الأمَّة وتماسكها لتحقيق نهضتها المنشودة.
وحرص شيخ الأزهر، على الاستماع لآراء بعض الشباب الماليزى ومناقشتهم فيها، والإجابة على تساؤلاتهم فيما يتعلق بالعلاقة بين مدارس الفكر الإسلامى، وكيفية استثمار التعدديَّة لما فيه صالح الأمة.
كما ناقش، بعض الفتيات عن حقوق المرأة فى الإسلام، وكيف كفل الإسلام للمرأة حقَّها فى التعليم والمشاركة الإيجابيَّة فى الحياة الاجتماعية، وغير ذلك من الموضوعات التى كانت محل نقاش من الشباب الماليزى المشارك.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الماليزى عن سعادته بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر فى هذا اللقاء المهم، وتقديره لحرص فضيلته على مناقشة الشباب الماليزى فى أفكارهم ومحاورتهم دون قيود، مؤكدًا، أن بلاده ممتنة لفضيلة الإمام الأكبر ولفكر الأزهر الوسطى الذى صدَّرَ للعالم -ولا يزال- علوم الدين والدنيا، وأن ماليزيا حريصة على تعزيز علاقاتها مع الأزهر الشريف، والاستفادة من برامج تدريب الأئمة التى تستضيفها أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وتمنياته بأن تكون زيارة شيخ الأزهر لماليزيا بداية لعدد غير محدود من المشروعات والمبادرة المشتركة مع الأزهر الشريف.