رأي عام : مقالة دكتورة / نادية مصطفي عبدالحكيم – القاهرة
مع هذا الدمار الاقتصادي الشامل الذي يطيح بكل ما في طريقه من اسواق مال واعمال وموارد دول وينشر الخراب ووقف الحال ويشيع الازمات ويقلب الخطط والسياسات والاولويات ويهدد بالمزيد من الخراب والدمار اذا لم تتراجع هذه الموجة الكاسحة لطوفان كورونا الذي يغرق العالم الان ويضع مصيره في مفترق طرق ، نتساءل : من اين سوف ياتون بخمسة تريليون دولار ليضخوها في شرايين النظام الاقتصادي العالمي التي اصابها الجفاف حتي يمكنه ان يقف علي قدميه ويتحرك من جديد وفقا لما اوصت به التوصيات الصادرة عن قمة مجموعة العشرين الافتراضية التي عقدت اخيرا في الرياض وترأستها السعودية ؟ من اين سوف يتوفر مثل هذاالتمويل الضخم وغير المسبوق في تاريخ العلاقات الاقتصادية الدولية ودول النفط الخليجية وفي طليعتها السعودية تمر بظروف اقتصادية هي الأسوا في تاريخها بسبب الانهيار المستمر في اسعار نفطها المهدد بالتوقف عن الضخ لخسائره الهائلة وبسبب انحسار الطلب العالمي عليه واستحالة تخزينه حتي تنفرج الازمة التي يصعب التكهن بنهاية قريبة لها ،اقول ان هذه الدول النفطية لن تكون في موقف اقتصادي يمكن التعويل عليه حتي يتم تحميلها بالعبء الاكبر او بالدور الرئيسي في تنفيذ تلك التوصيات ولا ادري بماذا التزمت هذه الدول النفطية امام شركائها في هذه المجموعة ليخرجوا به الي العالم علي نحو ما جاء في البيان الختامي لهذه القمة الاقتصادية التي تجمع اغنياء العالم واوفرهم ثراء واقدرهم علي التمويل وتقديم المساعدات لغيرهم من الدول التي نكبتها كورونا اقتصاديا وانسانيا .
ومن ناحية اخري ، هل ستقدر امريكا علي الاسهام بما يتناسب مع وضعها الاقتصادي المتميز باعتبارها صاحبة الاقتصاد الاول في العالم والاقوي اقتصاديا من بين كل هؤلاء علي توفير القدر الاكبر من هذا التمويل وهي التي وفرت تريليوني دولار لانقاذ اقتصادها من خطر التداعي والانهيار بما يشبه المعجزة ؟ التكهنات كثيرة والتساؤلات لا تنتهي وكورونا مستمرة والصور ضبابية بل وغامضة الي اقصي حد . وقد تصبح مثل هذه التوصيات مع استمرار ازمة كورونا حبرا علي ورق ولتدخل ملفات التاريخ كمجرد خبر لا اكثر ولا اقل .