خمسون عاماً على الغزو والاحتلال التركى لقبرص
يصادف اليوم الذكرى السنوية الخمسون للغزو والاحتلال التركى المستمر لجزء من جمهورية قبرص، حيث غزت تركيا واحتلت فى 20 يوليو 1974 قبرص، فى انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الأساسية للقانون الدولى.
بعيداً عن المعاناة الإنسانية الهائلة والخسائر المادية الفادحة، فإن العواقب الوخيمة للغزو والاحتلال العسكرى غير القانونى من قبل تركيا لا تزال مستمرة حتى اليوم.
على مدى خمسين عاماً متتالية، ظلت قبرص وشعبها منقسمين بشكل قصرى ومصطنع، ولا يزال أكثر من 36% من الأراضى الخاضعة لسيادة جمهورية قبرص تحت الاحتلال العسكرى غير القانونى من قبل تركيا، مع وجود عشرات الآلاف من القوات التركية المدججة بالسلاح، الأمر الذى يجعل المنطقة المحتلة من قبرص واحدة من أكثر المناطق العسكرية كثافة فى العالم.
لا يزال 200 ألف من القبارصة اليونانيين، أى أكثر من ثلث إجمالى السكان عام 1974، الذين طردوا قسراً من الجزء الشمالى من قبرص وكانوا يشكلون حوالى 70% من السكان، محرومين من حق العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم.
كذلك لا يزال أكثر من 750 شخصاً من المدنيين والعسكريين فى عداد المفقودين، فيما يرفض الجانب التركى التعاون الكامل لمعرفة مصيرهم.
لقد تغير التركيب الديموغرافى والتوازن فى قبرص بسبب النقل الجماعى غير القانونى للمستوطنين من تركيا إلى المناطق المحتلة، فضلاً عن هجرة الآلاف من القبارصة الأتراك من الجزيرة بعد الغزو التركى.
ونتيجة لهذا فإن القبارصة الأتراك أصبحوا الآن أقل عدداً بكثير من القوات والمستوطنين الأتراك، حيث باتوا يشكلون أقلية فى المناطق المحتلة، فى الوقت الذى يستمر فيه اغتصاب ممتلكات القبارصة اليونانيين من خلال البناء غير القانونى على أراضيهم وبيعها بعد أن طردوا قسراً منها.
كما أن الكنوز الدينية والأثرية التى لا تقدر بثمن – وهى جزء من التراث الثقافى العالم – ما زالت فى خطر، فى حين تم تدمير وتدنيس وتخريب العديد من الكنائس والآثار والمقابر والمواقع الأثرية.
تعكس سلسلة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وكذلك القرارات التى اعتمدتها العديد من المنظمات الدولية الأخرى، الإدانة العالمية للغزو التركى وجميع أعمال العدوان اللاحقة ضد قبرص.
طالبت هذه القرارات بانسحاب القوات الأجنبية وعودة اللاجئين إلى ديارهم بأمان والتأكد من مصير الأشخاص المفقودين، كما دعت إلى احترام حقوق الإنسان لجميع القبارصة وكذلك احترام استقلال قبرص وسيادتها وسلامة أراضيها.
وجاء فى رسالة رئيس قبرص نيكوس خريستوذوليدس بمناسبة الذكرى الخمسين للغزو التركى: من المؤسف أن هذا العام يمثل ذكرى قاتمة بالنسبة لبلدنا، مع مرور خمسين عاماً على صيف عام 1974 المأساوى الذى قسم قبرص – وأرواحنا – إلى قسمين.
لقد ترك ذلك الصيف المأساوى بصماته العميقة على حياة وطننا ومستقبله، خمسون عاماً من الغزو الترك لقبرص بكل ما ترتب عليه من عواقب مدمرة ومعاناة.
خمسون عاماً من البحث عن مصير مفقودينا، خمسون عاماً من الاحتلال العسكرى المستمر وغير القانونى لأكثر من 36% من أراضى جمهورية قبرص، خمسون عاماً من انتهاك الحريات الأساسية وحقوق الإنسان لجميع القبارصة.
خمسون عاماً من الاستيطان غير القانونى والتغيير الديموغرافى والدينى والثقافى لأرضنا فى المناطق المحتلة، خمسون عاماً هى فترة طويلة جداً.
لقد حان الوقت للسلام والتحرير وإعادة توحيد بلادنا، من واجبنا والتزامنا أن نورث وطناً حراً موحداً مزدهراً لأطفالنا عضواً فى الاتحاد الأوروبى، حيث تصان الحريات الأساسية والدفاع عنها، كما هو الحال فى جميع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى.
إنه التزاماً منا تجاه من فقدوا أرواحهم ببطولة أثناء الدفاع عن جمهورية قبرص على الخطوط الأمامية، ومن أجل كل من اختار البقاء محاصراً فى المناطق المحتلة رغم المحن والمصاعب المستمرة.
باعتبارى أول رئيس لجمهورية قبرص، الذى ولد قبل أشهر قليلة فقط من الغزو التركى ونشأ فى قبرص المقسمة بحكم الأمر الواقع، فإن رؤيتى هى إعادة توحيد بلدى وشعبه، كى نتمكن جميعاً من العيش فى سلام وأمن وازدهار.
لقد سعيت إلى هذه الرؤية منذ اليوم الأول الذى توليت فيه مهامى، وأؤكد لكم أننى سأواصل العمل لتحقيق هذه الغاية بواقعية حازمة وثبات وتصميم.
هدفى ليس سوى تحقيق حل قابل للتطبيق ودائم على أساس اتحاد فيدرالى من منطقتين وطائفتين مع المساواة السياسية، على النحو المحدد فى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة، وفى إطار مبادئ وقيم الاتحاد الأوروبى.
هذا هو السبيل الوحيد للمضى قدماً نحو مستقبل مزدهر لنا ولأطفالنا، فى دولة أوروبية حديثة تتمتع بدور هام وصوت مسموع فى التطورات الإقليمية والأوروبية، فى وطن بلا أسلاك شائكة وجيوش احتلال.