حرب اسرائيل ولبنان بين رؤية روسية وايرانية

كان الرئيس الايراني مسعود بزشكيان علي حق وهو يطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقائه معه امس، بضرورة ان تقوم روسيا بدور اكثر نشاطا وتاثيرا في موقفها تجاه حرب اسرائيل علي لبنان من هذا الذي تنتهجه حاليا.. وكانه اراد ان يقول له بعبارة اخري ان الشجب اللفظي والاعلامي الروسي ليس كافيا، ولن يردع اسرائيل عن التمادي في حربها علي لبنان، وان الدور المطلوب منها اكبر من الدور الهامشي الذي تحبس نفسها فيه ولا تريد ان تخرج منه.
ما يقوله الرئيس الايراني لنظيره الروسي وينتقده عليه، يجد اساسه في التصريح الذي اطلقه بوتين وهو يستقبله ويتحاور معه، من ان تعددية قطبية دولية تتشكل الآن بفعل ما يجري علي الساحة الدولية حاليا من تحولات ومتغيرات.. وهو كلام معاد ومكرر ومبالغ فيه ولا سند له من الحقيقة او الواقع.. فما تزال روسيا غارقة في حربها في اوكرانيا، وتركيزها كله اصبح منصبا علي امنها في مواجهة تهديد الناتو له، وما تتحرك به خارج هذا الاطار الاوروبي الضيق لا يؤشر باي تحول جذري حقيقي او محتمل في علاقات القوة الدولية ومعادلاتها، ولا بوجود تعددية قطبية حقيقية في النظام الدولي كما يزعم بوتين وداب علي الترويج له، وكان حربه علي اوكرانيا كانت المفتاح نحو تغيير النظام الدولي واستعادة النظام الدولي الثنائي الاقطاب الذي زال بانتهاء الحرب الباردة..وان كان بشكل تعددي هذه المرة.
امريكا، وهذه حقيقة ليست غائبة عن بوتين، ما تزال القوة الميمنة علي معظم مفاتيح ومفاصل النظام السياسي الدولي ، والصين منزوية لا تبحث الا عن مصالحها الاقتصادية في كل مكان في العالم بطريقتها وهي قزم سياسي علي الساحة الدولية وهو امر لا يضايقها ولا يحرجها لانه يوفر عليها الكثير من المخاطر والتكاليف والاعباء ، وهي تحسب لردود فعل امريكا العدائية لها كل حساب وتحاول ان تتحاشاها لتجنب مضاعفاتها عليها فيما اذا تجاسرت علي الخروج من المسار الدولي الحالي الذي تتحرك فيه، وروسيا تتحرك في اطار دولي ضيق نسبيا من الاولويات والمصالح والاهداف والاهتمامات السياسية والامنية والاقتصادية، لا يؤثر فيه ما يحدث في لبنان او اليمن او السودان، الخ. هذا اذا لم نتحدث عن علاقة روسيا بوتين الودية مع اسرائيل ومع رئيس وزرائها نتنياهو.
والتي لا تسمح له بان ياخذ موقفا معاديا لها ولهذا يكتفي بالشجب اللفظي تاركا اسرائيل تفهم لنفسها انه مضطر اليه ولا يعني تحولا في موقفه منها..ودليلي هنا هو موقف بوتين السلبي والمتساهل من اعتداءات اسرائيل المتكررة علي الاراضي السورية.. فهو يتجاهلها ويتركها تمر دون رد منه عليها، وهو من يحتفظ داخل سوريا بكل هذه القواعد والقوات الروسية.
تبقي لي كلمة هنا، وهي انه ربما فات علي الرئيس الايراني بزشكيان وهو يطلب من بوتين موقفا اقوي مع اسرائيل بسبب تدخلها العسكري في
لبنان، انه كان قد سبق وفعل مثله في اوكرانيا بحربه المستمرة عليها منذ اكثر من عامين ونصف وهو من كان البادئ بها ، مستخدما نفس الذرائع والمبررات الامنية المعتادة.. ولم يكن من المنطقي ان يتوقع منه ان يدين اسرائيل في لبنان، علي ما يجد مثيلا له في اوكرانيا….وان اختلفت الاماكن والظروف.