الرئيس الروسى بصمود سياسى بدون تراجع

من بين كل قادة وزعماء ورؤساء دول العالم الكبار الذين عرفوا كيف يتعاملون بحرفية دبلوماسية عالية ، وبدهاء سياسيي شديد ، وبقدرة فذة علي المناورة للالتفاف بها علي خططه ومشاريعه ليحبطوها له بلا اثارة او تحرش او استفزاز او دفع بالامور الي نقطة الصدام. ، هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي صمد ولم يضعف او يتراجع او يهتز ، ولم يتخلي في اي مرحلة من مراحل ازمة هذه الحرب عن ثوابته الاستراتيجية التي بدا منها واستمر فيها في ظروف اوروبية ودولية بالغة الحساسية والتعقيد.. هذا علي الرغم من انه كان يقف وحده في مواجهة حلف الناتو كله ، وكان يمكن تحت ضغط هذه المتغيرات الجديدة ان يغير موقفه ، لكنه صمد واستمر ، ولم يتح للغرب ان يخترق جبهته الداخلية ليشقوها له او ليؤلبوا شعبه عليه.. ولهذا بقيت القيادة الروسية صلبة ومتماسكة طول الوقت تمسك في يدها بكل خيوط الموقف، ولم يغب الرئيس بوتين عن المشهد لحظة واحدة وانما كان حاضرا في قلبه بقراراته وحساباته وردود افعاله وتحركاته منذ اللحظة الاولي وحتي الآن…
نجح بوتين في اجتياز مرحلة الرئيس الامريكي السابق جو بايدن بعدائيتها المفرطة له ولبلاده ، وبانحيازها غير المشروط لاوكرانيا ولرئيسها زيلينسكي ، ودفعت ثمنا فادحا في هذه الحرب والي الحد الذي كاد يتحول بها الي حرب نووية عالمية ثالثة.. ورغم ان شبح هذه الحرب كان يحوم في الاجواء، الا ان الرئيس بوتين قابل تلك التهديدات بطاقة اعصاب هائلة يحسد عليها.. وترك الرد عليها لنائبه ميدفيديف، حتي يبدد اي شكوك لدي الغرب حول قدرة روسيا في الرد عليها.. وهو ما نجح فيه بامتياز كقائد سياسي محنك يمتلك الرؤية الواقعية وقوة الارادة معا..
ومن بايدن بتهوره واندفاعه ، الي الرئيس ترامب بزهوه وخيلائه المعروفين عنه ، وبنرجسيته وتضخم احساسه بذاته وبالصورة المرضية الكامنة فيه والتي يقف العالم كله شاهدا عليها، هو ومجموعة الصقور المتشددين الذين اتي بهم معه الي البيت الابيض، وكان انقلابا كاملا في السياسة الخارجية الامريكية يوشك ان يحدث ليقلب للعالم اوضاعه وعلاقاته وحساباته راسا علي عقب.. وكان علي الرئيس الروسي ان يهيئ نفسه لمن هو بصدد التعامل معهم حول مشكلة الحرب الاوكرانية التي راهن ترامب حول قدرته علي انهائها فور وصوله الي البيت الابيض،
لكن هذا الثعلب السياسي الداهية عرف كيف يتعامل معهم باسلوبه المتميز الذي ينفرد به ، كما كان يعرف طريقه الي الحصول علي ما يريده منهم متظاهرا امام العالم بانه كان متفقا مع الرئيس ترامب في دعوته التي اطلقها لانهاء ازمة الحرب الاوكرانية ، لكنه كان يعرف ربما اكثر من الرئيس الامريكي نفسه ان الحل النهائي لهذه الازمة الدولية المعقدة في ظل ما احدثته من تغييرات اقليمية ومن حقائق جيوسياسية جديدة ، سوف يتحقق بشروط ومواصفات روسية وليس بشروط الناتو او اوكرانيا او امريكا ، ولان ما حدث قد حدث وانتهي واصبح امرا واقعا لن يتغير حتي وان استمرت هذه الحرب الاوكرانية لعشر سنوات اخري…
الرئيس بوتين ما زال يواصل حربه في اوكرانيا بطريقته التي يصعب التنبؤ بما يكمن وراءها من احتمالات النجاح او الفشل ، ومن احتمالات الاستمرار او التوقف ، والمرونة او التشدد ، الخ ، فكل هذه تبقي دوائر غامضة لا يمكن الجزم باحكام قاطعة ونهائية فيها.. فبوتين مناور ومراوغ تكتيكي من طراز فريد..
والخلاصة هي انه وحتي الآن، اعتبر ان الرئيس الروسي بوتين هو الرابح الاكبر في هذا الموقف الهلامي المتارجح والغامض ، موقف اللا سلم واللا حرب ، وهو ماض في لعبته مع امريكا والغرب بكل الحرفية والدهاء والنفس الطويل.. وترامب لم يحقق ولن يحقق الاختراق السياسي الكبير الذي كان يتحدي به العالم تحت زعم انه كان قادرا علي انهاء هذه الحرب باشارة من اصبعه ، وانه هو الوحيد من بين كل زعماء العالم الذي يمكنه الضغط علي بوتين كي يجعله يوقف حربه في اوكرانيا.. وهو ما لم يحدث ولن يحدث.. واما الرئيس الاوكراني زيلينسكي ، فانه لم يعد يعرف له برا ليرسو عليه بعد ان تخلت امريكا عنه وتركته في مواجهة الدب الروسي الذي يستطيع ان يفتك به ويبتلع منه كامل اراضيه.. واما دول الناتو الاوروبية فقد غرقت في دوامة من التناقضات التي قد تنتهي بها الي خسارة كل ما راهنت عليه ودفعته طيلة ثلاث سنوات واكثر كثمن لدورها في هذه الحرب الاوروبية…وكلفها مئات المليارات من الدولارات وافرغ مخازنها من السلاح، وانتهي بها الي كل هذه النتائج الخاذلة والمحبطة.. ولم تعد تعرف كيف تتصرف لنفسها بعد انسحاب شريكها الامريكي الكبير من الحرب الاوكرانية وانشغاله باسترداد ما دفعه فيها خلال ادارة بايدن لها.. وتركها تواجه روسيا وحدها… وهذه هي نكسة اوروبا الكبيرة.. ولا اشك في انها سوف تتوقف هي الاخري وتترك..
هذا درس بالغ الاهمية في ادارة الصراعات الدولية بالقوة والدبلوماسية معا، درس يجب ان يدرس ويحلل في اكبر مراكز الدراسات السيااسية رالاستراتيجية الدولية المتخصصة في العالم… وابرز ما في هذا الدرس هو ان السياسة الدولية تبقي كما هو حالها دائما هي فن الممكن لا فن المستحيل…. وليتنا نحن ايضا نحاول ان نفهم ذلك ونتعلمه…
seo hacklink buy buyhacklink.com backlink buyhacklink.com https://www.kusadasiteksex.com/
site buyhacklink.com buyhacklink.com https://www.sakaryadabugun.com/
page hit buyhacklink.com buyhacklink.com https://www.sakaryadahaber.com/