الجائحة والحراك يفاقمان أزمة المعيشة في الجزائر

تسهم الإضرابات والبطالة والفقر ونقص المواد الغذائية الأساسية وارتفاع الأسعار في تأجيج الغضب الاجتماعي في الجزائر، التي تعاني أصلا من أزمة اقتصادية بسبب جائحة “كورونا” وتواصل الاحتجاجات وسط انخفاض في سعر البرميل.
ويقدر صندوق النقد الدولي البطالة، حاليا، بأكثر من 14 في المائة. وتقول داليا غانم، باحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن “الوضع الاقتصادي للجزائر يزداد سوءا يوما بعد يوم، ويؤدي إلى إفقار شرائح كاملة من السكان وارتفاع معدلات البطالة، حتى وصلت جميع المؤشرات الاقتصادية إلى المستوى الأحمر”.
وأعلن محمد شريف بن ميهوب، الوزير المكلف بالاستشراف، أن الأزمة الصحية تسببت، منذ دجنبر الماضي، في فقدان “500 ألف وظيفة على الأقل”. هذا، ومن المتوقع أن يؤدي القرار الأخير بإغلاق 16 ميناء من نوع جافا Java (منافذ موصولة بمرفأ بحري عبر طرق برية أو للسكك الحديدية) إلى فقدان 4000 وظيفة مباشرة.
كما أن إغلاق مصانع تجميع السيارات، في أعقاب فضائح فساد، ووقف استيراد مستلزمات الأجهزة الكهربائية المنزلية، كلف أكثر من 50 ألف وظيفة في عام 2020، حسب وزير العمل الهاشمي جعبوب. هذا، فيما يواصل عمال الشركات التي سُجن رؤساؤها بتهم الفساد المتفشي في عهدة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019) مطالبهم بإنقاذ وظائفهم والحصول على رواتبهم المتوقفة منذ شهور.
وتشير داليا غانم إلى أن “القضية الاجتماعية، التي غابت خلال الموجة الأولى من الحراك عام 2019، أصبحت لصيقة بالاحتجاجات السياسية”. ومن المؤشرات المقلقة اتساع رقعة الحراك المجتمعي ليشمل حركات اجتماعية فئوية في القطاع العام، كالبريد والتعليم وإدارة الضرائب والسكك الحديدية والقطاع الصحي المتضرر من الكائحة.
تعمقت الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض مداخيل النفط مع حلول شهر رمضان ومشكلاته المعتادة من شح المواد وارتفاع الأسعار بسبب المضاربة.
ورغم الطابع الاجتماعي للدولة، حيث تخصص الحكومة نحو 15 مليار دولار سنويا كمساهمات اجتماعية في دعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، ومنح البطالة للأسر المعوزة ولتمويل بعض أنماط التشغيل، إلا أن الآليات الإدارية والقوانين الناظمة لم تترجم الجهود المرصودة في نتائج ميدانية تفكك قنبلة البطالة.
ومن الواضح وفق خبراء اقتصاديين أن من شأن ارتفاع نسبة البطالة أن يؤجح الحراك الشعبي في الجزائر، فهل ستحاول السلطات نزع فتيل الحرب الاجتماعية وتجد حلولا لهذه المعظلة قبل فوات الأوان؟