الاحتفال باليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى فى لاهاى

 

بدعوة من سفير فلسطين فى هولندا عمار حجازى، شاركت السفيرة د. نميرة نجم خبير القانون الدولى والهجرة وعضو فريق الدفاع الفلسطينى فى محكمة العدل الدولية ومدير المرصد الأفريقى بمنظمة الاتحاد الأفريقى، وسفير مصر فى هولندا عماد حنا فى الاحتفال، وسفير جنوب أفريقيا فى لاهاى فوسى مادونسيلا وعدد من سفراء الدول فى هولندا فى الاحتفال الذى نظمته السفارة الفلسطينية فى لاهاى بمناسبة اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى.

وألقى السفير عمار حجازى كلمة إفتتاحية للاحتفال شملت فيلم تسجيلى قصير حديث يتضمن لقاءات مع النازحين الفلسطينيين فى خيم الإيواء فى غزة تبعه مقتطفات بصوت الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش.

وقال حجازى فى كلمته: إن أهم الأصوات التى يمكن سماعها اليوم هيى تلك القادمة من غزة – من الناس الذين يعانون من الإبادة الجماعية ويعيشون على قيد الحياة، فى اليوم الدولى للتضامن مع الشعب الفلسطينى يصف الشاعر محمود درويش أولئك الذين يعبرون عن التعاطف ويمارسون التضامن بالشموع فى الظلام.

خلال هذه الساعات المظلمة من الألم الذى لا يمكن قياسه واليأس الساحق، فإن التضامن هو الضوء الوحيد، بينما نشهد هذا السيل الذى لا يمكن تصوره أمام أعيننا المروعة ونشاهد الازدواجية والتواطؤ والإجرام يسيطر على السياسة الدولية… ينبع الأمل من تصرفات – صغيرة وكبيرة – من الناس والمجموعات التى ترفض هذا الفساد المتمثل فى الجرائم التى لا توصف، بما فى ذلك الإبادة الجماعية.

إن أولئك الذين يرفضون إدانة الإنسانية لمثل هذا الظلام ويعتقدون أن العدالة للفرد هى عدالة للجميع وأن قبول حرمان البعض من الحرية هو التخلى عن حرية الجميع.

التضامن هو فعل كما يقولون، ولا أحد يعرف ذلك أكثر من الفلسطينيين الجائعين والنازحين والمعذبين فى غزة، إنهم يعرفون أن المسيرات الصاخبة، والحركات القانونية، والأحكام، والاعترافات وغيرها من أعمال الكرم والتضامن القوية قد لا تحميهم من الرصاصة التالية أو الصاروخ أو قذيفة الدبابة، ولكن كما سمعتم يعرف الفلسطينيون أن التضامن حرك الجبال ويحركها بالفعل – وأنه قادر وسيفعل ذلك لثنى قوس التاريخ وإثبات إنسانيتنا الجماعية من خلال تحقيق العدالة والحرية والمساءلة، ومن نواح كثيرة فإن قوة التضامن ووعده لا يمكن التغلب عليهما، لأنه يمكّن أولئك الذين يعطون ويتلقون.

فى اليوم الآخر، كنت فى فعالية فى لاهاى حيث تم تلاوة قصة قصر السلام ” مبنى محكمة العدل الدولية “هذا المبنى الكبير وما أصبح يمثله كان هدية خيرية للإنسانية – عمل تضامنى مع أولئك الذين يسعون إلى حل سلمى للصراعات من خلال محكمة حيث الجميع متساوون بموجب القانون، يا له من إرث نبيل، أننا نتوقع أن يشمل الشعب الفلسطينى لكننى أعتقد أنه من المهم بالنسبة لنا أن ندرك أن النظام الدولى بأكمله فى خطر جسيم.

بينما نجتمع الليلة، يتواطأ ممثلون أقوياء لسحق النظام الدولى كما نعرفه للحفاظ على فكرة مرفوضة عن التفوق والاستثناء التى تعمل على تطبيع العنصرية والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى وتضع المجرمين فى دول مختارة بعيدًا عن متناول أى عواقب لجرائمهم، تم الترحيب بمذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذها – حتى تم إصدارها لمجرمى الحرب الإسرائيليين.

كانت أحكام محكمة العدل الدولية جزءًا لا يتجزأ من القانون الدولى حتى قالت المحكمة إن احتلال إسرائيل لفلسطين غير قانونى ويجب أن ينتهى – لا استثناءات، لا شىء، إن بعض الناس لديهم الجرأة الآن لتهديد المحكمة الجنائية الدولية والدول التى تحترم التزاماتها تجاهها بالعقوبات، إن النفاق والعداء مذهلان.

سيهمس البعض – لأنهم لا يجرؤون على التحدث بصوت عالٍ – بأن كل شىء سيكون على ما يرام وأن النظام الدولى سيظل سليماً إذا ألقينا فلسطين تحت الحافلة، وسيقوم آخرون بممارسة الجمباز العقلى لتبرير المعايير المزدوجة والنفاق.

وسوف يذهبون إلى أطوال مؤلمة لشق الشعر القانونى والبلاغى للزعم بأن فلسطين تشكل استثناءً حقيقياً، ولا ينبغى لنا أن نخجل من الرد: استثناء من ماذا؟ من الإنسانية؟ من الحق فى الحياة؟ من القانون؟ ولكن المفضلين لدى هم العنصريون – بعضهم ينكرون، والبعض الآخر لا يعتذرون – يعلنون تضامنهم مع شعب يعانى من الإبادة الجماعية باعتبارها أعمال كراهية من أجل إخفاء كراهيتهم وعنصريتهم.

إن التضامن مع فلسطين ليس بالمهمة السهلة، بل قد يكون مكلفاً للغاية، ونحن نعلم ذلك جيداً، إن تضامنكم يرفع من معنوياتنا ويقوينا ويبعث على الإلهام ويجدد نشاطنا، إن أفعالكم المبدئية تعمل على تصحيح الخلل فى هذا النظام العالمى الذى يريد بعض المتنمرين تحويله إلى انعكاس لوجهة نظرهم القاسية وغير الإنسانية.

إن تضامنكم يقف فى وجه إرث العنصرية البنيوية التى لا تزال ترى أن بعض الأرواح أكثر جدارة من غيرها وتعامل حق بعض الناس فى الحرية باعتباره تحديًا غير منطقى لوضعهم الراهن القمعى.

شكرا لكم على عدم التعب – على عدم الاستسلام – لرفضكم الخضوع للتنمر حتى الصمت، لقد أصبح عالمنا أفضل بفضل ذلك، معًا، سنوقف هذه الإبادة الجماعية، وسنقدم المجرمين للإجابة على جرائمهم، ولن نتوقف حتى يسود العدل والحرية فى فلسطين وفيى كل مكان يحتجزون فيه، نأمل أن نحتفل بهذا اليوم العام المقبل وأن تعترف الحكومة الهولندية بدولة فلسطين وأن يتمتع الشعب الفلسطينى والأطفال بحقوقهم غير القابلة للتصرف.

حضر الاحتفال، سفير هولندا السابق فى لبنان أريك أدير وهو ابن القس باستيان ج. أدير الذى ركب دراجته إلى القدس عام 1937 قبل الحرب العالمية الثانية، وقام بتزويد مئات اليهود بمكان للاختباء أثناء الحرب وعمل على خطة لتحرير معسكر ويستربورك، وهو ابن لأبوين اشتهرا بمساعدتهما الواسعة النطاق للشعب اليهودى فى الاختباء، وكان لتاريخ المقاومة هذا تأثير كبير على حياته واهتماماته عام 1942، تلقى والديه رسالة من أحد معارفه يهودية من أمستردام قائلة له: أنا فى حاجة ماسة، هل يمكننى أن آتى وأحتمى معك؟ وكان على والديه أن يفكروا فى الأمر للحظة.

وصية يسوع الثانية، “أحب قريبك كنفسك”، جعلتهم يشعرون أنهم لا يستطيعون أن يقولوا لا، ثم جاءت لتعيش مع والديها فى بيت القسيس فى شمال شرق جرونينجن، وسرعان ما بدأ والده فى جمع المواطنين اليهود بشكل منهجى من أمستردام لإرسالهم للاختباء، أولاً فى بيت القسيس، ثم مع الآخرين، وأنشأ منظمة كاملة لترتيب ذلك، وبعض المختبئين بقوا فى هولندا بعد الحرب، والبعض الآخر ذهب إلى إسرائيل.

ولكنه فى رحلة إلى إسرائيل عام 1966، اكتشف الجزء الخلفى المخفى للصهيونية حيث الفلسطينيين المطرودون الذين حرموا من العودة إلى ديارهم وأراضيهم وقد أبقاه الصراع الإسرائيلى – الفلسطينى مشغولاً منذ ذلك الحين، وألف كتابين عن هذا الصراع” أبناء عماليق” و”الحروب والمحيطات”.

وقال السفير أريك أدير فى كلمته بالحفل: إن العقود الأولى بعد الحرب العالمية الثانية كان الرأى العام إيجابياً إلى حد كبير تجاه إسرائيل فى أوروبا، وبدت البلاد وكأنها دولة الخلاص والديمقراطية، وأرض اللبن والعسل، الصحراء تزدهر وبالتدريج اكتشف أن شعبية إسرائيل مبنية على الأساطير، ورأى على الفور كيف تريد إسرائيل محو كل ما هو فلسطينى.

وأوضح، أنه زار غابة من الأشجار فى إسرائيل حوالى الثلاثمائة شجرة زرعت تكريما لوالده القس، ولكنه تبين له أن غابة الأشجار التى أطلقوا عليها “أدير بوس” كان له دافع خفى فقد كانوا يخفون آثار قرية فلسطينية كانت تقع هناك.

وتحدث أرضى إمسيس أستاذ القانون الدولى بكلية الحقوق بجامعة كوينز بكندا والمستشار القانونى السابق للأونروا والعضو السابق فى فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن وعضو فريق الدفاع الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية قائلًا: من الصعب للغاية التحدث عن النكبة بطريقة تلخص بشكل كاف ضخامة المأزق الفلسطينى، وهو جرح متقيح منذ فترة طويلة فى ضمير هذه الأمم المتحدة.

لقد تعرض الفلسطينيون للتطهير العرقى وتم تجريدهم من جنسيتهم، وطردهم، واحتلالهم، وتعرضوا للتمييز العنصرى، والآن أصبح هدف ما قررته محكمة العدل الدولية هو خطر الضرر الذى لا يمكن إصلاحه لحقهم فى الحماية من الإبادة الجماعية، وكأن الشعب الفلسطينى قد أُجبر على تحمل مأساة لا نهاية لها، كما قال إدوارد سعيد ذات مرة، متواصلة، لا هوادة فيها، لا ترحم.

فى الوقت الذى نجتمع فيه لإحياء ذكرى مرور 76 عاماً على النكبة، تحت ظلال غزة الطويلة، يظل موضوع الاستمرارية حاضراً على الدوام، إن ما عاناه الشعب الفلسطينى طيلة ثلاثة أرباع القرن ــ وهو ما يتجلى بشكل فريد فى الوقت الحقيقى على مواقع التواصل الاجتماعى أثناء حديثنا ــ هو تجربة فريدة من نوعها من الكارثة غير المخففة، والجهد المتواصل والمتضافر للتخلص من وجودهم الجماعى والوطنى فى وطنهم الأصلى.

وتستمر النكبة لأنها تتويج منطقي للاستعمار الاستيطانى الصهيونى فى فلسطين، والذى لم يكمل مهمته بعد، بدافعه الذى لا يشبع لتهجير واستبدال سكان فلسطين الأصليين، كما تنبأ وأعلن مؤسسوها ومؤسساتها وأتباعها فى الوقت الحاضر.

وكما لاحظ باتريك وولف، فإن الاستعمار الاستيطانى ينطوى على “منطق الإقصاء”، ويسعى هذا المنطق إلى حل المجتمعات الأصلية فى حين ينشئ مجتمعات استعمارية جديدة فى مكانها. وبهذا المعنى، “يأتى المستعمرون الاستيطانيون للبقاء”، حيث يشكل الغزو والاستعمار “بنية وليس حدثًا”.

وأشار، إلى أن النكبة هى بنية وليست حدثاً، وهذه البنية فى حالة نشاط وتسارع كما نتحدث الآن، بوتيرة وحماسة غير مسبوقة وهى تحدث علناً ويعترف مؤلفوها علناً بأهدافها، ومع ذلك، لا يتم بذل أى جهد يذكر لمنعها من قبل أولئك الذين فى وضع يسمح لهم بذلك وتتواطأ فى تنفيذها بنشاط مجموعة صغيرة من الدول الغربية والنخب السياسية، بقيادة الولايات المتحدة.

وألقت هذه النكبة بظلال من الشك على استمرارية النظام القانونى الدولى الذى نشأ بعد الحرب العالمية الثانية.

صاغت هذه الدول الغربية كل أنواع المبررات الأورويلية لتواطؤها مع النكبة فى غزة، سواء كانت حججًا لا معنى لها حول ما يسمى بحق إسرائيل فى الدفاع عن النفس (الذى رفضته محكمة العدل الدولية قبل 20 عامًا)، أو نقاء سلاح إسرائيل المزعوم (الذى تدحضه مقاطع فيديو لا حصر لها على تيك توك لجنود جيش الدفاع الإسرائيلى الساديين على الأرض)، والرضوخ للمزاعم الإسرائيلية الزائفة بأن الأونروا، الذراع الإنسانى المنقذ للحياة التابع للأمم المتحدة فى غزة، كانت متورطة بطريقة ما فى 7 أكتوبر (وهو ما دحضته لجنة مراجعة مستقلة رفيعة المستوى).

إن فراغ هذه المبررات الغربية متجذر فى حقيقة بسيطة واحدة تمتد كخيط رفيع فى جميع أنحاء: الإنكار المستمر للإنسانية والوكالة والحقوق السياسية للشعب الفلسطينى، وهو الشعب الذى تتحمل الأمم المتحدة مسؤولية دائمة عنه حتى يتم حل محنته وفقًا للقانون الدولى.

وأوضح أرضى، أن سجلات الأمم المتحدة توضح أن التقسيم لم يكن قائماً على هذه الاعتبارات القانونية الدولية، بل كان مدفوعاً بدوافع سياسية من جانب الدول الأوروبية المهيمنة وشركائها من المستعمرين الاستيطانيين.

وتوضح سجلات الأمم المتحدة أن الهدف المعلن لهذه الدول كان تصحيح “المسألة اليهودية” التى استمرت قروناً فى أوروبا فى أعقاب الهولوكوست، والقيام بذلك على حساب الفلسطينيين الأبرياء من الأطراف الثالثة.

وكما أشار الممثل الدائم لليمن فى ذلك الوقت: إذا كان اليهود يتعرضون للاضطهاد فى أوروبا، فما علاقة شعب فلسطين بذلك؟

وأضاف أرضى، بالنسبة للأمم المتحدة التي يهيمن عليها الغرب، لم يكن للشعب الفلسطينى أى أهمية عندما يتعلق الأمر بتطبيق القانون الدولى عام 1947، ولم تأخذ القوى الغربية مطالبهم، ناهيك عن وجودهم، على محمل الجد.

ومثلهم كمثل كل الشعوب المستعمرة، عوملوا بإزدراء عنصرى وباعتبارهم مجرد عوائق أمام المصالح الأوروبية الأكثر نبلاً التى كان من المفترض أن تسعى إلى تحقيقها مهما كلف الأمر.

وقال د. أرضى: لماذا يهمنا كل هذا حين نتحدث عن نكبة عام 1948 ومسؤولية الأمم المتحدة الدائمة عن القضية الفلسطينية؟، تشير سجلات الأمم المتحدة إلى أن لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين والجمعية العامة التى يهيمن عليها الغرب كانتا تعانيان من تنافر معرفى فيما يتصل بحتمية العنف الذى قد يلحق بالشعب الفلسطينى فى أعقاب إقرار خطة التقسيم.

ونحن نعلم الآن أن نكبة عام 1948 كانت تتألف من عدد لا يحصى من أعمال العنف واسعة النطاق والمتعمدة والمنهجية التى كانت تهدف إلى طرد السكان الفلسطينيين الأصليين أو تشجيعهم على الفرار الجماعى من البلاد.

وشملت هذه الأفعال القصف العشوائى الشامل، والحصار وطرد السكان الفلسطينيين من المدن والبلدات والقرى، وما لا يقل عن 31 مذبحة مؤكدة للمدنيين الفلسطينيين (بما فى ذلك استخدام المقابر الجماعية كوسيلة للإخفاء)، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسى والعنف القائم على النوع الاجتماعى، وحملات الإرهاب النفسى التى تبث الرعب الذى سيصيب السكان إذا لم يفروا، والحرب البيولوجية، ومجموعة من تكتيكات الأرض المحروقة، بما فى ذلك التدمير المتعمد لما بين 392 و418 قرية فلسطينية حيث تم طرد ما لا يقل عن نصف اللاجئين منها.

ومع استمرار التطهير العرقى، وقبل وقت طويل من توقيع اتفاقية الهدنة الأخيرة عام 1949، عززت إسرائيل غزوها من خلال الاستيلاء على ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين والدولة ونهبها وتوطينها.

عشية الهجمات الصهيونية فى أبريل 1948، قال ديفيد بن جوريون: سندخل القرى الفارغة ونستوطن فيها .. فى وقت السلم لم نكن لنتمكن من القيام بذلك” وبناءً على ذلك، “تم إنشاء حوالى 135 مستوطنة [يهودية] جديدة خلال حرب عام 1948، معظمها على أراض مملوكة للعرب، بما فى ذلك العشرات على الأراضى المخصصة بموجب تقسيم الأمم المتحدة للدولة العربية الفلسطينية، نقلت إسرائيل عشرات الآلاف من المستوطنين اليهود الجدد إلى منازل اللاجئين العرب الفلسطينيين التى ظلت سليمة، وهم وذريتهم ما زالوا فى تلك الممتلكات حتى يومنا هذا، وليس من دون سبب إذن أن يرتجف الشعب الفلسطينى خوفاً مما قد يأتى به القادة الإسرائيليون عندما يدعون الآن إلى إعادة توطين سكان قطاع غزة.

وتعزز التطهير العرقى الأولى لفلسطين فى نكبة عام 1948 بقرار مجلس الوزراء الإسرائيلى الصادر فى 16 يونيو من ذلك العام بمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم، وتبع ذلك العديد من القوانين الإدارية (مثل حجب الحسابات المصرفية للاجئين الفلسطينيين) وإقرار التشريعات التى تهدف إلى إعطاء طابع الشرعية لكل ذلك (بما فى ذلك أنظمة الطوارئ (أملاك الغائبين)، وقانون العودة (1950)، وقانون المواطنة (1952)).

وأكد د. أرضى، أن التطهير العرقى الذى تمارسه إسرائيل ضد اللاجئين الفلسطينيين، وتهجيرهم واغتصاب ممتلكاتهم على نطاق واسع، وتجريدهم من جنسياتهم على نطاق واسع، وإنكار حق هؤلاء اللاجئين فى العودة وتعويضهم، يشكل انتهاكات صارخة ومنهجية للقانون الدولي ذى الصلة، والتى لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

وعلى مدى ما يقرب من ثمانية عقود من الزمان، تفاقمت هذه الانتهاكات بسبب عدد لا يحصى من الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل ــ الإدارية والتشريعية والقضائية والعسكرية ــ والتى كانت كلها مدفوعة بما أعلنته منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “بتسيلم” بأنه نظام تفوق يهودى بين النهر والبحر، نظام فصل عنصرى، ولم يبق أي جانب من جوانب الحياة الفلسطينية دون مساس.

وأشار البروفسور أرضى لهذا لكى نقول، وكما أشار الأمين العام فى 25 أكتوبر إن أحداث السابع من أكتوبر لم تحدث في فراغ ،فمنذ ذلك اليوم المشؤوم، استخدمت إسرائيل مستوى من العنف لم نشهده فى أى مكان فى هذا القرن، هبطت حرب شاملة على غزة مع استخدام القصف العشوائى وتكتيكات الأرض المحروقة والتجويع كأداة حرب ضدهم والمساعدات الإنسانية فى نقص مخيف، حيث تستمر القوة المحتلة فى حجب المواد الضرورية لبقاء السكان المدنيين بشكل تعسفى – الأدوية المنقذة للحياة، والمخدرات، والغذاء، والوقود، والمياه، والكهرباء.

وحسب محكمة العدل الدولية، فإن المجاعة تلوح فى الأفق فى غزة، وكما ذكرت، هناك خطر لا يمكن إصلاحه من إلحاق الضرر بحقوق الفلسطينيين فى الحماية من الإبادة الجماعية.

إن غزة ـ المكان الذى كنت اعتبره ذات يوم موطنى ـ تتحول إلى رماد، ولا يوجد مكان آمن، لا منزل، لا كوخ، لا مخيم للاجئين، لا مستشفى، لا مدرسة، لا ملجأ للأمم المتحدة، لا فى الشمال، ولا فى الوسط، ولا فى الجنوب .. لا يوجد مكان.

وأضاف، يبدو أن القدر منحنا جميعاً هذه اللحظة فى غزة، والآن يتباهى زعماء إسرائيل علناً بأن إسرائيل “تنشر نكبة غزة”، وينصب جنودها الإعلام فى غزة متعهدين بإعادة إنشاء المستوطنات الإسرائيلية هناك، ولكن العالم يراقب ما يحدث.

وعلى حد تعبير أحد أعضاء محكمة العدل الدولية: ” أطلقت المحكمة ناقوس الخطر الآن، حيث بدأت كل المؤشرات على الأنشطة الإبادة الجماعية تلوح فى الأفق فى غزة، وصدر أمر قضائى بوقف هذه الفظائع والتدابير المؤقتة التى أشارت إليها المحكمة ملزمة، وهى ليست شيئاً يجوز لأى دولة طرف فى الاتفاقية أن تحترمه أو تتجاهله وفقاً لرغباتها .. بل لابد من تنفيذها”.

شمل الاحتفال، عروض موسيقية وغناء للمطرب السورى وسيم أرسلان المقيم فى هولندا، وعزف على البيانو مع إلقاء أشعار، ومعرض للصور عن الحرب على غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »