أسطورة سحاحير “ناوا ” إحدى قرى النوبة في السودان

 

مقالة كتبها د/حمدي الدالي

إستشاري فى التاريخ القديم

 

 

ناوا : هي إحدى قرى النوبة في السودان تقع في الولاية الشمالية على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد حوالي 370 كيلومتر عن العاصمة الخرطوم وما يقارب 99 كيلومتر عن عاصمة الولاية الشمالية دنقلا، وتُكَنّى بعروس النيل وتتبع إدارياً محلية القولد، تحدها من الجنوب قرية أمنتجوا ومن الشمال ملواد، وهي بلدة صغيرة المساحة ويوجد بها عدد من الأحياء.

تمتاز القرية بكثرة أشجار النخيل والمانجو، وتعتمد في اقتصادها على الزراعة نظراً لقربها الشديد من النيل، حيث تشتهر بإنتاج القمح والذرة والخضراوات – مثل الطماطم والبصل والليمون – والتمور كسائر قرى الولاية الشمالية، وبالأخص نوعاً من التمر يعرف باسم البركاوي.

الدين الرسمي للقرية هو الإسلام، وبها عدة مساجد أشهرها مسجد جنيد، وبها أول مسجد في السودان وهو مسجد أثري قديم يقع في حي ناوا الاتر ومعظمه الآن مدفون تحت الرمال ويعتقد أن من قام ببنائه هو الصحابي عبد الله بن أبي السرح وقد عثر بعض العمال أثناء عملهم بالقرب من هذا المسجد على حجر منحوت عليه اسم يزيد بن حبيب وهو من التابعين.

في قصة نبي الله موسى استعان فرعون بالسحرة من كل أنحاء مملكته لهـ.ـزيمة نبي الله، وكان السحر حينها هو المسيطـ.ـر على موازين القـ.ـوى والربح والخسارة الجماهيرية، وتمكن نبي الله موسى من هـ.ـزيمة كل السحرة الذين أتقنوا الفنون الغريـ.ـبة بتأيد من الله وحده.

ويُقال بأن السحرة الذين استعان بهم فرعون أتوا من قرية سودانية على ضفاف النيل ما تزال موجودة بقاياها إلى الآن، ويؤكد أبناء تلك القرية القصة ويقولون بأن ما يدل على ذلك هو بعض الطـ.ـقوس التي ما تزال متبعة في قريتهم إلى اليوم، كما أن عائلات محددة عندهم ما تزال مشهورة بتلك الطـ.ـقوس الغريبة والمخيفة.

“جزيرة ناوا” أو “جزيرة السحاحير”، كما يحلو لبعض السودانيين تسميتها، تعدّ منطقة مخـ.ـيفة.

تقول الأساطير إن أناساً سكنوها اعتمدوا في غذائهم على أكل لحـ.ـوم البـ.ـشر، من أجل الصحة والقـ.ـوة وطول العمر، وهذا ما جعل منها منطقة مخـ.ـيفة، وخصوصاً للذين آمنوا بهذه الأساطير.

وعند الحصاد، يبدأ السكان بتبادل قصص السحرة. تاريخياً، عرف سكان وادي النيل بممارسة السحر أيام الفراعنة، كجزء من ثقافتهم.

ويقول باحثون إن منطقة ناوا كانت بمثابة مكان لتدريب وتعليم الفراعنة القدامى السحر، أيضاً، يؤكدون أن أصول فرعون مصر هي من تلك المنطقة.

ويقال إن السحرة قد يتحولون إلى حيوانات بأذيال ويأكلون لحـ.ـوم البشـ.ـر، وكثيراً ما يتداول الناس هذه القصص في موسم الحصاد لردع الصبية الصغار عن العبث ببساتين النخيل.

إحدى القصص تحكي عن عريس التـ.ـهم زوجته ليلة زفافهما، وأخرى لرجل طـ.ـعن تمساحاً عند النهر، وبعد أيام، طرق أحد الأبواب طلباً للراحة، فاكتشف أن التمساح الذي ضـ.ـربه ما هو إلا صاحب المنزل.
و “ناوا منطقة روحانية، وهناك روايات كثيرة حول المنطقة تتناقلها الأجيال، وجميعها تتصل بالسحرة.

وعادة ما تتناقل النساء هذه القصص وقد يصدقها البعض، وفي المناسبات، يرمون اللحـ.ـوم من أجل محبوبتهم، ظناً منهم أنهن قد يأكلنها، ويعتقدون أن هذا فأل خير”.

الساحر الذي تحول إلى تمساح

يختزن الناس في ذاكرتهم الكثير من الحكايات التي يتداولها الناس هناك عن سحرة ناوا فيروي قصة حدثت حسب زعم السكان فيقولون:

كان هناك رجلا يمتلك مركبا صغيراً (أو فلوكة بحسب لهجة السودان) يستخدمها لنقل الركاب بين ضفتي النهر وبين الجزائز الكثيرة الموجودة في المنطقة.

وفي إحدى المرات كان الرجل لوحده في مركبه فمر بجزيرة صخرية صغيرة فرأى تمساحاً ممدداً فاقترب منه فلم يتحرك لأنه كان مستغرقاً في النوم.

كان الرجل يحمل معه (بدينقة) وهي آلة شبيهة بالفأس وبها نتوءات إذا ضـ.ـرب بها رأس التمساح تنغرس فيه وتتسبب في قتـ.ـله، ضـ.ـرب الرجل التمساح ، فصـ.ـرخ صـ.ـرخة غريـ.ـبة وغطس في الماء والبدينقة مغـ.ـروسة في رأسه وغاب تحت الماء ولم يعثر له على أثر.

وهكذا مرت الأيام والسنون ، وكان عمي قد ترك عمل المراكب واشتغل في كبناء جالوص (نوع من الطين تصنع منه البيوت) فرمت به الأقدار في مناطق “دنقلا”فمر ببلدة “ناوا”وكان يأمل أن يتجـ.ـاوزها قبل حلول الليل لما سمعه عن قصص السحرة ولكنه لم يستطع.

فاقترب من بيت معين وفتحت البنت الباب، فأخبرها بأنه ضيف من بلاد المناصير ويريد أن يقـ.ـضي ليلته ضيفاً عليهم قبل أن يواصل سيره صباحاً.

أدخلته البنت وقالت له أن والدها يرقد في السرير لأنه مشتـ.لول وطلبت منه أن يسلم عليه، وعندما دخل عليه في غرفته وسلم عليه.

قال له الرجل:”أظن أنك لم تعرفني ؟” فقال له:”أبداً” فأشار الرجل الى حائط الغرفة وطلب منه أن ينظر فذهل لما رأى “البدينقة”التي ضـ.ـرب بها التمساح مثبتة في الحائط.

وأخبره الرجل أنه هو ذلك التمساح وأن الضـ.ـربة سببت له الشلل، ولكنه طمأنه بأنه ضيف عنده ولن يسـ.ـيء له، ولكنه قال له أنه لا يستطيع أن يضمن حمايته من بقية السحرة إن عرفوا أنه هو الذي اقترف جـ.ـريمة ضـ.ـرب قريبهم بـ”البدينقة”.

وقال له الرجل أن المكان الوحيد الآمن والذي لا تستطيع السحرة دخوله في الليل هو المسجد، وكان المسجد قريباً ، فهرول عمي مسرعاً حتى دخل المسجد واحتـ.ـمى به.
وبينما هو في المسجد كان يسمع صوت زمجرة السحرة طوال الليلة التي مكث فيها وفي الصباح حزم أمتعته (بقجته) لا يلوي عن شيء حتى تجـ.ـاوز بلدة “ناوا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »